ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، "مجزرة" جديدة بقتله أكثر من 81 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 700 آخرين، كانوا ينتظرون وصول المساعدات الإغاثية على شارع البحر، جنوب غرب مدينة غزة، حسب ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان على واتساب اطلعت عليه المنصة، إن "جيش الاحتلال تعمد استهداف الغزيين الجوعى في اليوم 146 للحرب المستمرة على القطاع، أثناء انتظارهم لاستلام الطحين ومعلبات الطعام، بعد وصول مراحل الجوع لأدنى مستوياته بسبب منع دخول المساعدات الإغاثية وحتى الطبية لنحو 700 ألف فلسطيني في مدينة غزة وشمال القطاع".
وأدانت الرئاسة الفلسطينية "المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات".
وقالت "سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين الأبرياء الذين يخاطرون من أجل لقمة العيش يعتبر جزءًا لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة الاحتلال ضد شعبنا، وتتحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية كاملة، والمحاسبة عليها أمام المحاكم الدولية"، وفق موقع سكاي نيوز.
بينما زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "أثناء إدخال شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية الليلة الماضية إلى شمال قطاع غزة، اندلع في المكان تجمع وحشد عنيف حول الشاحنات حيث عمدوا إلى نهب المعدات التي وصلت".
وقال المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، على إكس، "خلال احتشادهم أصيب العشرات من الغزيين نتيجة الازدحام الشديد والدهس".
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اقتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي "مجزرة دامية عندما أطلقت الدبابات الإسرائيلية في حوالي الساعة الرابعة والنصف فجر اليوم الخميس القذائف والنار بشكل مباشر تجاه آلاف المدنيين الجياع الذين انتظروا لساعات وصول شاحنات المساعدات قرب دوار النابلسي".
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن عملية إطلاق القذائف والنار استهدفت المدنيين الفلسطينيين بمجرد وصول الشاحنات التي تقل المساعدات، وأن العشرات سقطوا بعد صعودهم على الشاحنات لمحاولة الحصول على أكياس طحين، فيما استُهدف عشرات وهم يحملون أكياس الطحين أو معلبات لإطعام أفراد أسرتهم الذين أنهكهم الجوع.
ووصف مازن الشرباصي، 48 عامًا، وهو أب لـ4 أطفال، نفسه بالناجي من الموت، وقال لـ المنصة إنه توجه في الساعة الثانية فجر الخميس لانتظار وصول المساعدات التي رصدها نشطاء في طريقها من الجنوب إلى الشمال خلال ساعات الفجر، حيث وجد في منطقة النابلسي مئات المواطنين كانوا ينتظرون وصول الشاحنات.
وأضاف أنه مع ساعات الصباح، دخلت أكثر من 13 شاحنة، "كانت محملة بالطحين وعبوات كرتونية تحتوي على معلبات الطعام، وهي كميات قليلة لا تكفي حاجة المواطنين، حتى الموجودين منهم في انتظار وصولها، من مختلف مناطق غزة وشمال القطاع".
وأوضح أنه بمجرد دخول الشاحنات وصعود المواطنين للحصول على بعض احتياجاتهم، أطلق جنود الاحتلال قذائف الدبابات ورصاصًا كثيفًا وقنابل دخانية سقطت على المواطنين في محيط الشاحنات، ما أدى إلى مقتل عدد كبير منهم، وإصابة عشرات آخرين، مشيرًا إلى أن أحد سائقي الشاحنات قُتل جراء إطلاق النار الكثيف من جيش الاحتلال.
وقال الشرباصي "كادت واحدة من الشاحنات تدهسني لحظة سقوط القذائف لولا أحد الشبان سحبني من أمامها، في حين دهست آخرين"، منوهًا بأنه استطاع الحصول على 4 معلبات فقط، بعد تلك المعاناة، لا تكفي لإطعام أطفاله ليوم واحد.
أما إيهاب عبد الرحمن، 33 عامًا، الذي نجا أيضًا من "مجزرة النابلسي"، حيث كان برفقة شقيقه وأبناء عمومته في انتظار وصول شاحنات المساعدات، فأوضح لـ المنصة أنه مع القصف وإطلاق النار الكثيف اضطر للهرب، حيث "نجا بأعجوبة".
وقال "كان لدينا أمل في الحصول على بعض الطحين وتذوق الخبز بعد الحرمان منه للأسابيع، بالكاد نستطيع توفير بعض الأطعمة وبأسعار مرتفعة لنتمكن من الصمود أمام حالة التجويع الإسرائيلية".
ويضيف "فقدنا وزننا، أطفالي تغيرت ملامحهم بسبب الجوع، لا نريد لقمة مغمسة بالدم، نريد أن يصلنا الطعام بأي طريقة كانت، بعيدًا عن قتلنا واستهدافنا في سبيل الحصول على كميات بسيطة لا تكفي الحاجة المُلحة لتعريض أنفسنا للموت".
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، إن "قوات الاحتلال ارتكبت عمليات قتل ممنهجة ضد 700 ألف نسمة شمال غزة بالاستهداف والتجويع، كان آخرها مجزرة دوار النابلسي".
والثلاثاء، أكد مدير التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينجهام، أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة، يمثلون ربع السكان، أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وأن حدوث مجاعة على نطاق واسع "أمر شبه حتمي" ما لم يتم اتخاذ إجراء.
وأضاف أن واحدًا من بين كل 6 أطفال تحت سن الثانية في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الحاد والهزال، وأن جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعتمدون تقريبًا على مساعدات غذائية "غير كافية على الإطلاق" للبقاء على قيد الحياة.
أما نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" موريزيو مارتينا، فقال الثلاثاء إن "سكان غزة يعانون من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع، حيث يتزايد خطر المجاعة يومًا بعد آخر"، وفق وكالة الأنباء الأردنية.
ومنذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وضعت إسرائيل قيودًا على دخول المساعدات إلى القطاع، حيث تشترط تفتيشها في معبر كرم أبو سالم أولًا قبل عودتها إلى معبر رفح ومنه إلى قطاع غزة.