صفحة محكمة العدل الدولية على إكس
فريق الدفاع الإسرائيلي المشارك في جلسة محكمة العدل الدولية لنظر دعوى منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة المرفوعة من دولة جنوب إفريقيا، 26 يناير 2024

بعد تدابير محكمة العدل بشأن غزة.. جلسة طارئة لمجلس الأمن وآمال بـ"عزل إسرائيل"

محمد مجدي قسم الأخبار
منشور السبت 27 يناير 2024 - آخر تحديث السبت 27 يناير 2024

رأى خبراء في القانون الدولي أن إلزام محكمة العدل الدولية، أمس الجمعة، إسرائيل، باتخاذ تدابير احترازية ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين إيجابي، وإن لم ينص بنحو مباشر على وقف إطلاق النار، في وقت يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة الأربعاء المقبل بشأن قطاع غزة، بناء على طلب الجزائر.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، مساء الجمعة، إنها "تابعت باهتمام قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا المتعلقة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة"، مؤكدة أن طلب عقد جلسة بمجلس الأمن هدفه "إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل فيما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي".

قرارات العدل الدولية

ونص قرار محكمة العدل الدولية على اتخاذ إسرائيل إجراءات عاجلة لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، مؤكدة اختصاصها القضائي في نظر دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وأقرت بحق الفلسطينيين في الحماية من الإبادة الجماعية. وصوت أغلبية أعضاء المحكمة على 6 من الطلبات المقدمة من جنوب إفريقيا.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، التي جاءت في 27 صفحة، إنه من الضروري أن تشير المحكمة إلى تدابير معينة لحماية الحقوق التي تطالب بها جنوب إفريقيا، والتي رأت أنها "معقولة". 

وتضمنت الدعوى 84 صفحة شرحت فيها جنوب إفريقيا الأسباب التي دفعتها لإقامتها، التي من بينها أن "إسرائيل تعمدت حصار القطاع وتدميره وحرمان سكانه من الماء والأغذية الأساسية والمساعدات الإنسانية الأخرى".

6 قرارات و4 محظورات 

أمرت المحكمة إسرائيل، وفقًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948، أن تتخذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

وتعتبر الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1951 "الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن".

وأمرت محكمة العدل الدولية أن تكف إسرائيل عن ارتكاب أي من الأفعال الآتية "قتل أعضاء من الجماعة (الفلسطينيين)، إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا، فرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة"، ووافق على هذا الطلب 15 قاضيًا مقابل رفض اثنين هما القاضية جوليا سيبوتيندي (أوغندا)، وأهارون باراك (إسرائيل).

وفي قرارها الثالث أمرت محكمة العدل الدولية أن تتخذ إسرائيل كل ما في وسعها من تدابير لمنع وقوع الجريمة المباشرة ومعاقبة مرتكبيها والتحريض العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بأعضاء الجماعة الفلسطينية في غزة، ووافق على هذا الطلب 16 قاضيًا مقابل رفض القاضية الأوغندية.

كذلك أمرت المحكمة أن تتخذ إسرائيل تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية المعاكسة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة. ووافق على هذا الطلب 16 قاضيًا مقابل صوت وحيد من القاضية جوليا سيبوتيندي.

وقررت المحكمة أيضًا أن تتخذ إسرائيل تدابير فعالة لمنع تدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بالادعاءات بارتكاب أفعال ضمن نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ضد أفراد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ووافق على هذا الطلب 15 قاضيًا مقابل صوتي رفض، وهنا لفتت المحكمة إلى أنه يتعين ألا تعمل إسرائيل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصي الحقائق والتفويضات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة. 

وأخيرًا أمرت المحكمة أن تقدم دولة إسرائيل تقريرًا إلى المحكمة بشأن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر خلال شهر واحد من تاريخ هذا الأمر، بعد موافقة 15 قاضيًا، على أن يتم إرسال التقرير المقدم إلى جنوب إفريقيا، التي ستتاح لها الفرصة لتقديم تعليقاتها إلى المحكمة بشأنه.

وأوضحت المحكمة أن التقرير لن يكون الأخير، إذ سيقدم الأول بعد شهر، وبعد ذلك على فترات منتظمة وفقًا لما تأمر به المحكمة، حتى تصدر قرارها النهائي في القضية.

وأشارت المحكمة إلى أن أوامرها بشأن التدابير المؤقتة بموجب المادة 41 من النظام الأساسي يكون لها أثر ملزم، ومن ثم تنشئ التزامات قانونية دولية على أي طرف تُوجه إليه التدابير المؤقتة ادعاءات الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مستندة إلى التدابير المؤقتة التي اتخذتها المحكمة في دعوى أوكرانيا ضد روسيا، في 16 مارس/آذار 2022.

وكانت محكمة العدل طالبت روسيا بوقف فوري لكل العمليات العسكرية في أوكرانيا، سواء التي تتم بأيدي القوات الروسية أو أي مجموعات تحت إمرتها.

وأكدت المحكمة من جديد أن القرار الصادر في الإجراءات الحالية لا يحكم بأي حال من الأحوال على مسألة اختصاص المحكمة في التعامل مع موضوع القضية أو أي أسئلة تتعلق بمقبولية الطلب أو بالموضوع نفسه "فهو لا يمس حق حكومتي جمهورية جنوب إفريقيا ودولة إسرائيل في تقديم الحجج فيما يتعلق بهذه المسائل".

قرارات لوقف النار دون نص مباشر

في غضون ذلك، اعتبر كل من أستاذ القانون الدولي والمدير السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي، وأستاذة الدبلوماسية في الجامعة الأمريكية الدكتورة دلال عريقات القرارات إيجابية.

وقال البرادعي عبر إكس "النظام الدولي معقد من حيث صلاحيات الهيئات والأجهزة المختلفة سواء محكمة العدل أو مجلس الأمن أو غيرها وكيف تعمل. هو نظام ليس كاملًا بأي شكل وبه الكثير من الثغرات التي علينا أن نأخذها في اعتبارنا ونحن نتعامل معه، ومن هذا المنظور يجب أن نرى أن حكم محكمة العدل الدولية هو خطوة إيجابية يجب أن نبني عليها، لا أن ننتقدها".

فيما اعتبرت عريقات عبر إكس أن الحكم ليس إيجابيًا فقط بل استثنائي، قائلة "اليوم ليس تاريخيًا فقط بل استراتيجي بامتياز… لا تستخفوا بهذا القرار ولا تسمحوا للإسرائيليين أو الأمريكان بالتخفيف من قدره! مصطلح وقف إطلاق النار مصطلح سياسي وليس شرط التوظيف في مصطلحات المحكمة قانونيًا.. مع احترامي لكل المحللين والخبراء الذين استاؤوا من عدم وجود إجراء احترازي واضح حول وقف إطلاق النار".

واتفق معها البرادعي قائلًا "ما أمرت المحكمة أن تقوم به إسرائيل يتطلب عمليًا وقف العمليات العسكرية، علينا الآن أن نبني على هذا الحكم بذكاء وشجاعة حتى نصل إلى ما نريد: حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي دولته المستقلة".

وقالت عريقات إنه رغم أن "التدابير التي أمرت بها المحكمة لا تستجيب لجميع طلبات جنوب إفريقيا بشكل سيامي، ولا تنص بشكل واضح وصريح على وقف الحرب، فإن القرار يطلب بشكل واضح من إسرائيل وقف جميع الإجراءات المنصوص عليها لمنع جريمة الإبادة الجماعية (...) باعتقادي هذا نص قانوني يمكن تفسيره بوقف إطلاق النار".

ولم تصوت محكمة العدل أمس على عدة قرارات قدمتها جنوب إفريقيا، وهي أن "على إسرائيل أن تعلق فورًا عملياتها العسكرية في غزة وضدها، وعلى إسرائيل أن تضمن عدم اتخاذ أي خطوات تعزيزًا لتلك العمليات العسكرية، وعلى إسرائيل أن تمتنع عن أي إجراء وأن تضمن عدم اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع المعروض على المحكمة أو إطالة أمده أو أن تجعل حله أكثر صعوبة".

وزادت عريقات أن قرار التدابير الاحترازية نهائي ومُلزم ويعتمد على الأدوات الحقوقية الدبلوماسية والقانونية وكيفية تفسير وتوظيف النصوص التي سيتم توظيفها لاحقًا للبناء على القرار، الذي يعني اقتناع 15 من أصل 17 من القضاة أن هناك سببًا معقولًا للاعتقاد بوجود إبادة جماعية، وهو ما برر اتخاذ التدابير الاحترازية.

عزلة إسرائيل

وشددت "القرار استراتيجي في أخذ إسرائيل إلى العُزلة، وبدء عمليات المحاسبة ورفع الغطاء القانوني عن أفعالها الإجرامية".

الأمر نفسه رأته حماس، فقال رئيس الدائرة السياسية للحركة في الخارج سامي أبو زهري، أمس، إن قرار محكمة العدل الدولية "تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وفضح جرائمها في غزة"، وفق سكاي نيوز.

لكن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي حاول أن يقلل من جدوى القرار، قائلًا إن المحكمة "رفضت طلب جنوب إفريقيا السخيف بأن تطلب من إسرائيل التوقف عن الدفاع عن شعبها والقتال من أجل الرهائن"، وفق سي إن إن.

في غضون ذلك، رحبت مصر بالقرار، قائلة في بيان للخارجية أمس، إنها كانت تتطلع لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة مثلما قضت المحكمة في حالات مماثلة، باعتباره الضمانة الرئيسية لتنفيذ التدابير الضرورية والطارئة التي أقرتها لحماية المدنيين الفلسطينيين في القطاع.

وشددت على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. كما طالبت إسرائيل بالتنفيذ الفوري لكل التدابير التي وردت في قرار محكمة العدل الدولية، التي تمثل بداية المسار لإنفاذ قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني.

وأكدت مصر مواصلة التحركات والاتصالات بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية، من أجل إنهاء الأزمة ومنع أي إجراءات تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للقطاع على نحو كافٍ يلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

يأتي ذلك في وقت يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ113، وراح ضحيته 26 ألفًا و257 قتيلًا، و64 ألفًا و797 مصابًا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق أحدث إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية.