اتسمت القمة العربية الإسلامية في الرياض، اليوم، بالطموحات الكبيرة للمشاركين فيها من قادة الدول العربية والإسلامية، في مقدمتها وقف العدوان على قطاع غزة، وكسر الحصار المفروض عليه، وهو ما تضمنه مشروع القرار الذي من المفترض أن يصدر في ختام القمة، بحسب الشرق، غير أنه لا زال قيد التداول.
ولم يوضح أي من المشاركين أو المملكة العربية السعودية صاحبة مسودة القرار، السبيل أمام تحقيق هذه الأهداف، في وقت كثف فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي القصف على قطاع غزة، وطالب بإخلاء المستشفيات، التي لم تسلم من القصف المتواصل، وكان آخره قصف الطابق الخامس في مجمع الشفاء، صباح اليوم.
وبحسب الشرق، فإن مشروع البيان الختامي للقمة تضمن 32 بندًا لدعم الشعب الفلسطيني، والضغط لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتمسك بحل الدولتين ومبادرة السلام العربية كمرجعية. كما تضمن قرارًا بـ"كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية"، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، و"دعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل".
وأشار موقع الشرق إلى أن المشروع لم يوضح تفاصيل الآلية التنفيذية المحتملة لمثل هذا القرار، في ظل فرض إسرائيل قيودًا مشددة على نوعية وحجم المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع، واستهدافها الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود المصرية عدة مرات.
المسؤولية الأمريكية
وحمل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية "حرب الإبادة" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، قائلًا، خلال كلمته في القمة، "سنلاحق المحتلين في المحاكم الدولية، ونشير في هذا الصدد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي لها التأثير الأكبر على إسرائيل تتحمل مسؤولية غياب الحل السياسي".
وشدد الرئيس الفلسطيني على أن غزة جزء لا يتجزأ عن فلسطين "يجب أن يكون الحل السياسي شاملًاـ لكامل أرض دولة فلسطين بما يشمل الضفة والقدس وغزة"، منبهًا "نرفض القرصنة الإسرائيلية على أموالنا التي نرسلها شهريًا لقطاع غزة، الذي لم نتخل عنه يومًا واحدًا".
وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي منعت أموال المقاصة عن الحكومة الفلسطينية، وهي أموال مخصصة للإنفاق على قطاع غزة.
والتقت كلمة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، مع أبو مازن في تحميل الولايات المتحدة مسؤولية ما يحدث. وقال رئيسي "الولايات المتحدة هي الآمرة والمتآمرة في هذه الحرب، وهي التي تشجع الكيان الصهيوني على إجرامه في غزة، وهي دخلت الحرب إلى جانب اسرائيل، وتفتح لها المجال للبطش بسكان غزة، وترسل لها شحنات الأسلحة".
وطالب رئيسي، والذي كانت كلمته الأشد لهجة بين المتحدثين، بتسليح الفلسطينيين من قبل الدول الإسلامية، "لمواجهة الكيان الصهيوني"، مشددًا على "أهمية مقاطعة التجارة والتعاون مع الكيان الصهيوني، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية".
واعتبر رئيسي، بحسب ما نقلته وكالة وطن، أن"المقاومة في غزة حققت مكاسب كبيرة، وعلى الشعوب المسلمة أن تعتبر ما يجري أمرًا مخزيا لها"، معتبراً أنّه "إذا لم يسفر اجتماعنا اليوم عن اتخاذ خطوات سيؤدي ذلك إلى خيبة أمل لدى الشعوب الإسلامية"، داعيًا الدول الإسلامية إلى تصنيف "الجيش الإسرائيلي منظمة إرهابية".
وتعد تلك المرة الأولى التي يزور فيها رئيسي المملكة العربية السعودية، وقال خلال توجهه للقمة، إن "غزة تحتاج إلى أفعال".
وعادت العلاقات السعودية الإيرانية في أغسطس/آب 2022 بجهود صينية.
وتخشى الولايات المتحدة من تدخل إيران وحلفائها، وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني في المعركة بين حماس وجيش الاحتلال. وسبق وأرسلت واشنطن جنودًا ومعدات عسكرية للشرق الأوسط، لردع إيران.
وقف النيران
واتفقت كلمان المشاركين في القمة العربية الإسلامية، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النيران، ووقف استهداف المدنيين، مستعرضين عدد القتلى بين الأطفال والنساء، واستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدارس والمستشفيات التي تأوي نازحين.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي ترأس القمة اليوم، إن "استمرار الحرب في القطاع يمثل فشلًا لمجلس الأمن"، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات، وتوفير ممرات إنسانية لإغاثة المدنيين. وتابع أن "فتح الممرات الإنسانية في غزة فورًا بات أمرًا حتميًا"، مشددًا على أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتحمل مسؤولية الانتهاكات ضد المدنيين في غزة".
ومن جانبه حدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطالب بلاده في 6 نقاط، وهي "الوقف الفورى والمستدام لإطلاق النار فى القطاع بلا قيد أو شرط، ووقف كافة الممارسات التى تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي مكان داخل أو خارج أرضهم، واضطلاع المجتمع الدولى بمسؤوليته لضمان أمن المدنيين الأبرياء، وضمان النفاذ الآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية، وتحمل إسرائيل مسؤوليتها الدولية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، والتوصل إلى صيغة لتسوية الصراع، بناء على حل الدولتين، وإجراء تحقيق دولي في كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولي".
وحذر السيسي، خلال كلمته، من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، "لقد حذرت مصر، مرارًا وتكرارًا، من مغبة السياسات الأحادية، كما تحذر الآن من أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة، وأنه مهما كانت محاولات ضبط النفس، فإن طول أمد الاعتداءات، وقسوتها غير المسبوقة، كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها".
وفي سياق متصل، قال أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، إن "النظام الدولي يخذل نفسه قبل أن يخذلنا حين يسمح بتبريرها (الهجمات الإسرائيلية)، من كان يتخيل أن المستشفيات سوف تقصف علنًا في القرن الواحد والعشرين، وأن عائلات بأكملها ستمسح من السجلات بالقصف العشوائي لأحياء سكانية ومخيمات اللاجئين"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية واس.
وأضاف أن "شعبًا بأكمله سيجبر على النزوح قسريًا بوجود مخططات مستنكرة ومرفوضة لتهجيرهم، كل ذلك على مرأى ومسمع العالم، ويرافق ذلك تصريحات عنصرية سافرة لقادة إسرائيليين لا يستنكرها قادة الدول الحليفة لهم".
وأعرب تميم عن "رفض بلاده بشكل قاطع استخدام التعسف في إتاحة المساعدات الإنسانية والتهديد كوسيلة للضغط والابتزاز السياسي"، مشددًا على ضرورة وصول هذه المساعدات لكافة أنحاء قطاع غزة.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ما يحدث بـ "بربرية غير مسبوقة في التاريخ"، مشددًا على ضرورة أن ينظر مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية في جرائم إسرائيل في غزة التي حرمت من المساعدات الإنسانية، ويجب بذل الجهود لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، مع ضرورة استمرار دخول المساعدات الإنسانية دون توقف، وإيصال الوقود إلى المستشفيات، بحسب واس.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، حذر من حرب إقليمية، مشيرًا إلى أن "الوقف الكامل لإطلاق النار هو أولوية ينبغي أن يعمل كل من له قدرة على السعي إليه، ومن يعمل على عدم توسيع رقعة الحرب يجب أن يعي أن استمرار الآلة العسكرية الإسرائيلية في البطش بأهل غزة هو الذي من شأنه رفع احتمالات المواجهة الإقليمية".
وشدد على أنه "لا حديث عن مستقبل غزة بالانفصال عن مستقبل الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة.. فهذه عناصر إقليم الدولة الفلسطينية على أساس خطوط 4 يونيو 1967".