كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته الجوية على قطاع غزة، فجر الأحد، مستهدفًا المباني السكينة، في تصعيد للأحداث، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس، أمس السبت، ردًا "جرائم جيش الاحتلال"، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 300 إسرائيليًا، وأسر عدد غير محدود من جنود الاحتلال والمستوطنين، بحسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية.
واستهدفت الصواريخ الإسرائيلية برج وطن التجاري المكون من 12 طابقًا، وقبله برج فلسطين السكني وسط مدينة غزة، والذي يتكون من 14 طابقًا، حيث تم تسويتهما بالأرض، ما سبب دمارًا للمنازل المحيطة.
وأعلنت وزارة الصحة، خلال مؤتمر صحفي عقدته مساء السبت، عن مقتل 232 فلسطينيًا وقرابة 1700 جريحًا بإصابات مختلفة نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية، مؤكدة على أنّ "الحالة الجهوزية تبقى محدودة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وما يسببه من عجز كبير في الأدوية والمستهلكات الطبية".
واستنكرت وزارة الصحة، استهداف جيش الاحتلال للطواقم والمرافق الطبية، والذي "أدى إلى مقتل 3 من العاملين في الوزارة وإصابة 3 آخرين، جراء قصف المستشفى الأندونيسي شمالاً، ومجمع ناصر الطبي جنوبًا، بالإضافة إلى تدمير 5 سيارات إسعاف حكومية وأهلية".
جاء ذلك التصعيد الإسرائيلي، عقب إعلان موجه من جيش الاحتلال نشره الناطق باسمه أفيخاي ادرعي، طالب فيه سكان عدة مناطق حدودية بمغادرة منازلهم، والتوجه إلى وسط المدينة، مُدعيًا أنّه "يحاول الحفاظ على سلامتهم".
واستهدفت إحدى الغارات الإسرائيلية منزل رئيس حركة حماس بمدينة خانيونس جنوب القطاع، ومكتبه بمدينة غزة، دون الإبلاغ عن إصابات أو ضحايا، بحسب ما رصده مراسل المنصة. كما استهدفت الزوارق الحربية الإسرائيلية قبالة سواحل غزة، عدة أهداف على شاطئ بحر القطاع. فيما أفادت مصادر العربية/الحدث بأن المقاتلات الإسرائيلية استهدف منازل قيادات في حماس، منهم يحيى السنوار ونزار عوض الله، وفتحي حماد.
وأفادت مصادر صحفية إسرائيلية، "باستمرار الاشتباكات المسلحة بين المقاومين الفلسطينيين وجنود الاحتلال في 7 نقاط على محيط غلاف غزة"، وبالتحديد في مستوطنتي "سديروت" و"بئيري" شمال القطاع، فيما تستمر كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بإطلاق مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية باتجاه الأراضي المحتلة، والتي طالت عسقلان وتل أبيب.
وكان القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، أعلن عن بدء عملية عسكرية باسم طوفان الأقصى، في الساعات الأولى من صباح السبت، استهلتها الكتائب بإطلاق قرابة 5 آلاف صاروخ، تبعها عملية إنزال من الجو لمقاتلين خلف حدود القطاع الذي اقتحمه آخرون بالجيبات، والدراجات النارية، وحتى المشاه.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرفاتي، لـ المنصة، إن المقاومة الفلسطينية قبل أن تقرر ساعة الصفر لعملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي "درست كافة الخيارات، وسيكون لكل خطوة يقدم عليها الاحتلال، رد واضح للمقاومة، يتناسب مع طبيعة الوضع الميداني".
وأوضح الرفاتي، أنّ أحد أبرز الردود أو الخيارات التي قد تلجأ لها المقاومة الفلسطينية "فتح أكثر من جبهة قتال مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتدخل عدة أطراف"، مشيرًا إلى الضفة الغربية، وجبهتي لبنان وسوريا.
بدوره قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي، عقده منتصف ليلة الأحد، ونقلته صحيفة إسرائيل اليوم، إنّ "المرحلة الأولى من القتال انتهت بتدمير غالبية المقاومين الفلسطينيين داخل المستوطنات الإسرائيلية"، واصفًا ما جرى بـ "اليوم الأسود على إسرائيل".
وتحدث عن بدء هجوم حربي إسرائيلي على عدة أهداف تابعة لحركة حماس، قائلاً "بدأنا التشكيل الهجومي والذي سيستمر دون تحفظ ودون راحة حتى تحقيق الأهداف، وتدمير القدرات العسكرية لحماس"، مضيفًا "إننا مقبلون على حرب طويلة وصعبة، لقد فُرضت علينا الحرب نتيجة لهجوم قاتل شنته حماس".
وتطرق نتنياهو إلى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد فيها الأخير دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في "الدفاع عن نفسها". الأمر نفسه كرره بايدن خلال مؤتمر صحفي، مؤكدًا دعم بلاده لإسرائيل. وشدد على أنّ الولايات المتحدة "تقف إلى جانب إسرائيل، ولن تخفق أبداً في دعمهم"، بحسب قوله.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" عن مقتل أكثر من 300 إسرائيليًا، وجرح أكثر من 1600 آخرين، من بينهم قرابة 300 حالة تعاني من إصابات خطيرة، خلال الإغارة البرية التي شنتها كتائب القسام على نقاط تمركز الجنود والمستوطنات في غلاف غزة، واعترف الاحتلال بمقتل ضابط برتبة لواء، خلال اشتباك مع مسلح فلسطيني بالقرب من معبر كرم أبو سالم.
في غضون ذلك، أسرت المقاومة الفلسطينية عددًا غير محدد، من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين خلال عملية الإغارة الجوية والبرية، واقتادتهم إلى داخل القطاع، وقال المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، في رسالة مسجلة "إسرائيل تواجه أزمة عميقة بعدما شاهدت بأس رجالنا، وأعداد أسراها أكثر مما تعتقد بأضعاف مضاعفة، وعليكم الانتظار لعد جنودكم جيدًا".
جاءت كلمة القسام، ردًا على تهديدات نتنياهو ووزرائه خلال الساعات الأخيرة، وقال أبو عبيدة "أسراكم موجودون بكل المحاور في قطاع غزة، وسيجري عليهم ما يجري على أهالي القطاع، وإياكم أن تخطئوا بالتقدير".
وأكد على استمرار معركة طوفان الأقصى، ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الفاشلة، بحسب وصفه.