أعلن عسكريون، في الجابون، اليوم الأربعاء إنهاء حكم الرئيس المنتهية ولايته علي بونجو، بعد وقت قصير من إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية والتي أظهرت فوز بونجو ذي الـ64 عامًا بولاية ثالثة، فيما أرجع مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن، تكرار الانقلابات في إفريقيا إلى أربعة أسباب أساسية؛ السلطة والثروة والقبيلة والنفوذ الأجنبي.
وخرج نحو 12 عسكريًا عبر شاشة القناة الأولى في التليفزيون الجابوني من القصر الرئاسي يُلقون بيانًا يؤكدون فيه "إنهاء النظام القائم"، وأعلنوا في وقت لاحق أن الرئيس وعائلته قيد الإقامة الجبرية. ومن بين هؤلاء العسكريين عناصر من الحرس الجمهوري، وجنود من الجيش وعناصر من الشرطة.
وينتمي بونجو لعائلة تحكم الجابون، الدولة الغنية بالنفط والواقعة في وسط إفريقيا، منذ نحو 55 سنة، بينما يحكم بونجو نفسه البلاد منذ عام 2009 خلفًا لوالده عمر بونجو أونجيمبا، الذي حكم البلاد 41 عامًا.
وأعلن ليل الثلاثاء/الأربعاء فوز بونجو رسميًا بولاية ثالثة بحصوله على 64,27% من الأصوات، بينما حصل منافسه ألبير أوندو أوسا على 30,77% من الأصوات فيما تقاسم 12 مرشحًا آخرين ما تبقى من أصوات.
وقبل إعلان النتائج تحدث أوسا عن "عمليات تزوير أدارها معسكر بونجو قبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع السبت"، وأكد فوزه بالانتخابات. وناشد بونجو لتنظيم تسليم السلطة من دون إراقة دماء.
وقال كولونيل في الجيش وأحد العسكريين المشاركين في التحرك العسكري "نحن قوات الدفاع والأمن المجتمعة ضمن لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات قررنا باسم الشعب الجابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم".
وأضاف "لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة التي جرت في 26 آب/أغسطس 2023 فضلا عن نتائجها".
وفي البيان أكد العسكريون أن تنظيم الانتخابات "لم يحترم شروط اقتراع يتمتع بالشفافية والمصداقية ويشمل الجميع كما كان يأمل الشعب الجابوني"، ونددوا بـ"حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى".
ودعا البيان المواطنين إلى الهدوء، وأكد تمسك العسكريين باحترام التزامات الجابون حيال الالتزامات الدولية، وأعلنوا إغلاق حدود البلاد "حتى إشعار آخر"، وحل كل المؤسسات، الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية.
ونقلت وسائل إعلام نزول مواطنين مؤيدين للتحرك العسكري هاتفين في الشوارع "إنه التحرير" و"بونجو خرج"، ونشر بونجو، مقطعًا مصورًا لنفسه في مقر إقامته، وقال إن على الشعب رفض الانقلاب العسكري وأن على العالم أن ينضم إليه في رفض ما حدث.
وشهدت إفريقيا خلال العامين الماضيين 7 انقلابات عسكرية؛ مالي في مايو/أيار 2021، والسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وغينيا كوناكري في سبتمبر/أيلول 2021، وبوركينا فاسو في يناير/كانون الثاني 2022 ثم انقلاب غينيا بيساو، وانقلاب النيجر في يوليو/تموز 2023، واليوم الجابون.
من جهة، أوضح رخا للمنصة بأن إفريقيا بصفة عامة يكون الصراع فيها حول الثروة والسلطة، "والعسكرين عادة ما يكونوا أبناء إما الطبقة العليا أو المتوسطة وبالتالي يتكون لديهم شعور بأن الثروة مستأثر بها من يتولون الحكم خاصة إذا استمروا لفترة طويلة"، حد تعبيره.
وأشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أنه "في الجابون الرئيس علي ومن قبله والده يحكمون البلاد منذ استقلالها في الستينيات. وقال قادة الانقلاب إنهم تحركوا لأنهم شعروا "بأن الحكم ينحدر نحو عدم المسؤولية وعدم التنبؤ بما سيتخذه من قرارات وهذا يهدد البنية الاجتماعية للبلد وقد تنحدر إلى الفوضى".
وأضاف رخا أنه "في النيجر الرئيس بازوم ينتمي لأقلية عشيرة صغيرة يمكن لا تمثل من 1.5% من سكان النيجر، والعسكريون هناك ينظرون إلى أنه لا يستحق الحكم، وتقريبا هذا ما حدث في بوركينا فاسو". وتابع رخا بأن هناك "نظرة قبلية لربط السلطة بالثروة.. فالانقلابات في إفريقيا تبين أنه لا يزال الانتماء للقبيلة أكبر من الانتماء للدولة وهذا ملاحظ جدا في السودان".
وتوالت ردود الفعل الإقليمية والدولية حول التحرك العسكري، وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن إن بلادها تتابع "باهتمام شديد" الوضع، بينما دعت الصين "الأطراف المعنية" في الجابون إلى "ضمان أمن" الرئيس علي بونجو، والعمل لصالح الشعب والعودة فورا إلى النظام.
ومن جهته، قال منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي سيناقشون الوضع، لافتا إلى أنه "إذا تأكد حدوث انقلاب فسيؤدي ذلك إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة".
ولفت رخا إلى أن من بين أسباب الانقلابات في إفريقيا "ميل أنظمة الحكم للدول المستعمرة القديمة، فهنا يشعر العسكر والشعب كأن شيئا لم يحدث، صحيح تكون هناك حكومة محلية هي التي تحكم لكن السيطرة الفعلية تكون لدول أجنبية وفي الجابون مثلا فرنسا كانت هي من تسيطر من وراء ستار".
وأشار رخا إلى أن الأزمة العالمية الناتجة سواء من جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت في تقبل الشعوب الإفريقية للانقلابات، خاصة وأن هذه الشعوب يسيطر عليها اتجاه عام بالضيق الاقتصادي والاجتماعي، عادة ما يستخدمه المنقلبون.