في 16 فبراير/ شباط الماضي، وبموجب القرار رقم 418 لسنة 2020، نشرت الجريدة الرسمية في عددها رقم 7 (مكرر) ج، قرار مجلس الوزراء المصري بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة واﻹعلام والمجلس اﻷعلى لتنظيم الإعلام متضمنةً الكثير من المحظورات، ولكن هيئة المطابع الأميرية لم ترسل هذا العدد لكثير من المشتركين في إصداراتها ومنهم المنصة.
إدارة النشر والتوزيع بالمطابع الأميرية نفت في اتصال مع المنصة علاقتها باﻷمر وأحالته إلى إدارة الحاسب الآلي، والتي ذكرت إحدى موظفاتها ورود العديد من الشكاوى تتعلق بعدم وصول هذا العدد إليهم. وبعد نصف ساعة من هذا الاتصال أرسلت المطابع الأميرية العدد المفقود.
بالبحث عن اللائحة في المواقع الإخبارية، خلال يومي 16 و17 فبراير الماضي، تبين عدم نشرها إلاّ يوم 23 من الشهر نفسه بموقع اليوم السابع، والذي أعاد نشرها اليوم 3 مارس، وكذلك على موقعي صدى البلد وصحيفة الشروق، وذلك بعد ساعتين تقريبا من إعادة إرسالها عبر الإيميل للمنصّة.
على الرغم من هذه الفجوة الزمنية بين نشر اللائحة في الجريدة الرسمية وبين توزيعها على المشتركين، إلاّ أن اللائحة باتت مفعّلة اعتبارًا منذ نشرها في 16 فبراير، وفقًا لما أوضحه حسن اﻷزهري المحامي بمبادرة الحقوق الرقمية (مسار)، بقوله "على المستوى القانوني، اللائحة سارية منذ 16 فبراير موعد نشرها من جانب المطابع اﻷميرية، حتى لو لم يكن أمرها معلومًا لذوي الشأن، ﻷن الدفع بالجهل بقاعدة قانونية لا يؤخذ به".
وعن تأخر صدور اللائحة ﻷكثر من سنة بعد صدور القانون عام 2018، قال الأزهري للمنصّة "هذا أمر تنظيمي بحت، لا يؤثر على حجيتها. وإن كان تأخرها غير عادي على المستوى التشريعي، لكنه تنظيمي وليس إجرائيًا، وبالتالي لا يترتب عليه بطلانها".
من جهته، نفى حاتم زكريا، عضو المجلس الأعلى للإعلام تأخر صدور اللائحة بقوله إنها "صدرت بالفعل (كمسودة) بعد شهرين تقريبًا من صدور القانون".
وأضاف زكريا للمنصّة "أما تأخر إقرارها ونشرها في الجريدة الرسمية كان سببه هو انتظار ردود كل الجهات المعنية برأيهم فيها، ومنها نقابة الإعلاميين وكذلك الصحفيين التي كانت آخر مَن ردّ على اللائحة".
كثير من المحظورات
وضعت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي اطلعت المنصّة على تفاصيلها، نموذجًا لإخطار وضعه المجلس اﻷعلى للإعلام لعقد تأسيس الصحف، يلتزم الراغبين في تأسيس صحف بتقديمه للأمانة العامة للمجلس، على أن تحيله الأخيرة إلى لجنة الصحف بالمجلس، والتي تعد تقريرًا عن الإخطار تعرضه خلال أسبوعين على الأكثر من تاريخ إحالته لها.
تمنح المادة 3 من اللائحة، المجلس الأعلى مهلة 30 يومًا لإبلاغ مقدم الإخطار خلالها باستيفاء البيانات الناقصة، وإلاّ اعتبر الإخطار مكتملاً، وهي المدة نفسها الممنوحة لمقدم الإخطار لإكمال بياناته، وإلا اعتبر إخطاره كأن لم يكن، فيما اشترطت المادة 4 أن تصدر الصحيفة خلال الشهور الثلاثة التالية للإخطار؛ وإلاّ زال أثره القانوني، وهو الوضع نفسه إذا لم تصدر بانتظام خلال 6 شهور.
تلزم المادة 5 الصحيفة بأن تكون طباعة نسخها في مطابع مصرية مرخصة تخطر المجلس ببياناتها والعقد المبرم معها، وتلزمها أيضًا بإيداع 20 نسخة من كل إصدار ورقي لها في المجلس، وكذلك بوجود نسخة من الخوادم الإلكترونية المستضيفة للنسخة الإلكترونية في مكان تحدده الصحيفة داخل مصر، على أن يكون آمنًا ومعلومًا للمجلس، ولا يجوز تغييره إلا بموافقته.
وبموجب المادة 6، فإن للمجلس الحق في إصدار الموافقة من عدمه على تأسيس الصحيفة لشركة تمارس نشاطًا تجاريًا كالإعلان أو النشر والطباعة والتوزيع، بينما تلزم المادة 7 الصحيفة بنشر ميزانياتها وحساباتها الختامية في صحيفتين واسعتي الانتشار، خلال الشهور الثلاثة التالية لنهاية السنة المالية.
قد تصبح الصحيفة عرضة للإيقاف ثم سقوط الترخيص، في حال تعرض مالكها أو مالك أسهم فيها بقدر يخول له الإدارة، لسقوط الجنسية المصرية عنه، إذا لم ينقل الأسهم الزائدة أو الملكية لشخص طبيعي أو اعتباري مصري، خلال 6 شهور من سقوط الجنسية، ولابد من موافقة المجلس أيضًا.
وتبطل المادة 9 من اللائحة أي تصرف في أسهم الصحيفة، سواء بطرحها في البورصة أو للاكتتاب العام أو الخاص، أو نقل ملكيتها أو دمجها مع صحف أخرى، في حال تم الأمر دون إخطار المجلس والحصول على موافقته الكتابية.
المادة 11 تناولت اﻷمور المادية المتعلقة بالتراخيص، بواقع 50 ألف جنيه للموقع الإلكتروني و250 ألف للوسيلة الإعلامية، على أن يتم التجديد كل 5 سنوات بالقيمة نفسها، بموجب طلب يقدم للمجلس قبل 6 شهور من انتهاء الترخيص، فيما تفرض المادة 13 على طالبي التراخيص إبلاغ المجلس بأية تغييرات تطرأ على طلبهم، ليوافق عليها، ويترتب على عدم موافقته وقف الترخيص أو إلغائه.
لابد أن يبدأ بث الوسيلة خلال سنة من تاريخ صدور الترخيص، ,إلا إذا منحها المجلس مهلة سنة أخرى لمبررات يقدّرها، ويعتبر عدم انتظام الوسيلة هو من قبيل عدم البث، بموجب المادة 14.
وبقوة المادة 16 من اللائحة، تلتزم الوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية المرخص لها بأن تحتفظ بكافة ما تبثه لمدة لا تقل عن سنة من تاريخ البث، وتودع نسخًا منها شهريًا لدى المجلس. وأن توجد نسخة من الخوادم التي تستضيف الوسيلة أو المواقع الإلكترونية داخل مصر، على أن تكون آمنة ومعلومة للمجلس، ولا تتغير إلا بموافقته.
تفرض المادة 21 على الوسيلة الإعلامية عدم تسجيل تصوير لقاءات في الأماكن العامة بهدف عرضها، إلا بعد استخراج التصريح اللازم من المجلس، والذي يحدد ضوابط وإجراءات وشروط منح الترخيص، ومدّته، بينما تذكر المادة 22 أنه لا يجوز تقديم خدمة نقل المحتوى مسجلاً أو مباشرًا من داخل مصر إلى وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني يعمل خارجها إلا بترخيص من المجلس.
وحظرت المادة نفسها تقديم الخدمة من خارج المناطق المعتمدة من المجلس، إلاّ بالحصول على تصريح منه، بشرط أن يكون للشركة أو المكتب استوديو داخل المدينة يباشر منه أعماله.
وفي المادة 23، تحظر اللائحة استيراد أو إنتاج أو تصنيع أو تجميع أو عرض بقصد البيع أو التأجير أو التسويق داخل مصر أي أجهزة بث أو فك شفرة بث مسموع أو مرئي، دون موافقة المجلس.
وبالمثل، تحظر المادة 24 حيازة أو تركيب أو تشغيل أي أجهزة بث ثابتة أو محمولة دون ترخيص من المجلس.
مشكلات عديدة
يرى المحامي حسن الأزهري عدد من المشكلات في اللائحة، أولها "يتعلق بالمواعيد الخاصة بتقديم طلبات الترخيص، إذ أن هناك فرق بين وضوح المواعيد بالنسبة للصحف الورقية وعدم وضوحها بالنسبة للمواقع الإلكترونية. وعلى سبيل المثال، يعدّ سكوت المجلس عن الرد على طلب الورقي خلال 90 يومًا يعدّ موافقة، بينما اﻷمر غير واضح للإلكتروني".
قبل اللائحة التنفيذية، لاقى القانون نفسه انتقادات حقوقية ، كان منها ما اعتبره "سيزيد من تقويض حرية التعبير في مصر".
يشير الأزهري إلى نقطة أخرى هي "اللغط بين مصطلحي المواقع الإلكترونية، فمرّة تم ذكرها بمفردها، ومرّة كجزء من وسائل الإعلام، وثالثة كظهير إلكتروني للورقي، وهناك تفاوت واضح بين التنظيم القانوني لكل منها، فالضمانات واضحة للتابعة للورقي فقط. والسبب في هذا الأمر هو الفلسفة القائم عليها صياغة اللائحة، التي لا تستند على ضمان حرية الإعلام والحق في الوصول للمعلومات بمختلف السبل".
انتقد المحامي النصوص المتعلقة بحرية إنشاء وتملك وسائل الإعلام، بقوله "اللائحة وفيما يتعلق بدمج أو طرح الصحف أو الوسيلة الإعلامية في البورصة أو الاكتتاب، تشترط صدور ترخيص من المجلس، وهذا خطأ، لأن حق التملك يعني حرية التصرف، لكن هنا نجد تحايل على الدستور، لاسيما فيما يتعلق بالصحف، إذ منحتها اللائحة حق الإنشاء بمجرد الإخطار، وتشددت في التصرف فيها فيما بعد".
وعقّب الأزهري "هناك عدم منطقية، فالقانون قائم على التعامل مع الورقي، لكن اللائحة تحاول تطبيق الأمر على بقية الوسائل، فكما فرضت على الصحف إيداع نسخ منها لدى المجلس، فرضت على الإلكتروني منح المجلس خوادم الوسيلة".
ولفت المحامي إلى أن حظر التصوير أو إجراء لقاءات في الاماكن العامة دون ترخيص من المجلس أمر "غير دستوري"، وذلك ﻷن "اﻷصل هو حرية التسجيل والتصوير طالما لم ينطوي على انتهاكات، كما أن البديهي هو أن الترخيص الخاص بمزاولة النشاط جزء منه هو التصوير"، مختتمًا بقوله إنه "أمام كل هذه المشكلات، يحق ﻷصحاب المصحلة التقدم بطعن ضد اللائحة خلال 60 يومًا من تاريخ صدورها".