انطلقت، مساء أمس الجمعة، مظاهرات احتجاج نادرة في عدد من ميادين وشوارع القاهرة وبعض المحافظات والمدن من بينها الإسكندرية ودمياط والمنصورة والمحلة، تطالب برحيل النظام، وذلك عقب دعوات أطلقها رجل الأعمال محمد علي في فيديوهات متتابعة هاجم فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
أمام الحراك الجاري، ظهرت ردود فعل على مستوى المواطنين، تمثلت في تدوينات حفل بها موقعي فيسبوك وتويتر، بين ما يبدي تأييده للنظام وما يوثق لمسيرات وهتافات المحتجين، أو المستوى الحقوقي عبر رصد لحالات القبض على متظاهرين.
لكن الأمر لم يشهد هذا القدر من التفاعل، سواء على المستوى الرسمي إذ لم تخرج أي تعليقات على الأحداث من أي جهة رسمية حتى هذه اللحظة، أو على مستوى الأحزاب السياسية، باستثناء إصدار بيانات حزبية، أغلبها جاء بعد انتهاء المظاهرات بساعات.
برنامج "التحالف"
كان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي استثناءً من حالة التأخر الحزبي، إذ جاء بيانه قبل انطلاق المظاهرات بساعات، ورفع من خلاله 10 مطالب، دار أغلبها حول ضرورة تعزيز الحقوق والحريات، من قبيل "الإفراج الفوري عن سجناء الرأي من مختلف التيارات، غير المدانين في قضايا عنف، وإلغاء التدابير الاحترازية وكل أشكال التنكيل بالمعارضين".
هذه المطالب جميعها "كان الحزب يرفعها الحزب طوال الوقت"، حسبما يؤكد رئيسه مدحت الزاهد الذي أشار إلى أن "ما وقع من مستجدات كشف أن البلد الذي يقع ثلث مواطنيه تحت خط الفقر يحدث فيه توسعات في بناء القصور والاستراحات الضخمة، بل وهناك إصرار على مواصلة هذا الأمر".
في بيانه الذي حمل اسم "برنامج ديمقراطي للخروج من المأزق الوطني"، طالب التحالف الشعبي بأمور، أبرزها "التحقيق الشامل فى كل ما أثير من وقائع الفساد ومحاكمة المسؤولين عنه والمتورطين فيه، وعدم الزج بالقوات المسلحة في مواضع شبهات، والتسليم ببطلان التعديلات الدستورية"، بجانب مطالب اقتصادية مثل "وقف الهدر والتبديد بالإنفاق على مشروعات ترفية سفيهة غير منتجة، ووقف الاستدانة المنفلتة، والتركيز على المشروعات الإنتاجية".
أمام هذه المقترحات، استقبل "التحالف" ردود فعل "إيجابية ومرحبة من جانب الحركة المدنية الديمقراطية وأحزابها"، وفقًا لما ذكره رئيس الحزب الذي انتقد في الوقت نفسه الصمت الحكومي قائلاً "وكأنهم لم يروا ولم يسمعوا بما يحدث في الشارع".
وقال الزاهد للمنصّة "على ما يبدو أنهم (الجهات الرسمية) مرتبكين ولم يتعاملوا مع الواقع بقرائة سليمة، وما زالوا يعتقدون أن اﻷمر سيُحلّ بمجرد تغيير وجوه، على الرغم من أن الأمر أكبر من عمليات الإحلال والتجديد المبنية على المهارات الفردية، بل يحتاج تغيير سياسات وإشاعة حريات وفتح للمجال العام".
دراسة الموقف
باستثناء "التحالف الشعبي"، كان موقف اﻷحزاب السياسية مع اﻷحداث الجارية إما بتفاعل متأخر أو عدم إعلان موقف من اﻷساس، وفقًا لرصد أجرته المنصة، منذ صباح أمس وحتى موعد نشر التقرير، للصفحات والحسابات الرسمية ﻷبرز الأحزاب المدنية التي تحظى بظهير شعبي مثل التيار الشعبي المصري، والمصريين الأحرار، وكليهما غاب تمامًا عن التعليق عن الأحداث.
الدستور أيضًا، واحد من اﻷحزاب التي لم تعلن موقفًا حتى اليوم، وهو ما أقرّ به رئيسها علاء الخيام، الذي فسر للمنصّة سبب هذا التأخر بقوله "المشهد حتى الأمس لم يكن واضحًا، وكان لدينا تخوفات من أن يكون هناك يد في الحراك لقوى غير وطنية"، مُعلنًا أن الحزب سيعلن خلال اليوم بيانًا بخصوص ما يجري.
وكشف رئيس حزب الدستور أن أبرز ما سيركز عليه البيان سيكون "التأكيد على الحق في حرية التعبير، وكيف أن النظام أخطأ حين ضيق الخناق على الأحزاب السياسية وأغلق القنوات الشرعية للتعبير، والتأكيد كذلك على الحق في التظاهر السلمي والحفاظ على سلامة المتظاهرين".
وبخصوص الحراك في الشارع، قال الخيام إن موقف الحزب لم يكن محسومًا من المشاركة في مظاهرات اﻷمس ولا المزمع انطلاقها يوم الجمعة المقبل، وفسّر ذلك بقوله "الموقف كان غامضًا وملتبسًا، وكان على الحزب أن يُفكر في المشاركة ونتائجها، خاصة وأن ما لا يقل عن 7 من أعضائه معتقلين منذ مشاركتهم في فعاليات ضد التعديلات الدستورية الأخيرة".
تنسيق للقادم
بعيدًا عن البيان الصريح من التحالف الشعبي، والموقف المتأني من الدستور، اختار الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، المشاركة بالتركيز على المتظاهرين وحركة الشارع، من خلال بيان نشره منتصف ليل أمس بالتزامن مع المظاهرات، طالب فيه قوات اﻷمن "بالتوقف عن إلقاء القبض على المواطنين، والإفراج عمن ألقي القبض عليهم"، مؤكدًا حقهم في التظاهر السلمي.
بجانب "المصري الديمقراطي"، شارك العيش والحرية ببيان، صدر عصر اليوم، دعا فيه "كل القوى السياسية الديمقراطية المنظمة والمنظمات المهنية والنقابية الديمقراطية إلى البناء على حالة السخط العامة، وذلك ببرنامج عمل يضع على قمة أولوياته الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين السلميين، ورفع كافة القيود التشريعية والأمنية المفروضة على منافذ الإعلام وحركة الأحزاب والاتحادات العمالية والطلابية والنقابات المهنية، والمراجعة الفورية لسياسات النهب والإفقار والاستدانة ودور المؤسسة العسكرية فيها، وإسقاط التعديلات الدستورية الأخيرة".
عن الخطوات المقبلة إزاء المظاهرات وأي تطورات محتملة في اﻷوضاع الجارية، قال الزاهد "من المقرر خلال الأيام المقبلة أن نعقد اجتماعين أحدهما للمكتب السياسي للحزب لتقرير مشاركتنا في فعاليات الشارع من عدمها، والآخر للتنسيق مع أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية من أجل القادم".
حديث الزاهد عن التنسيق أكده الخيام عبر ترحيبه بموقف التحالف الشعبي قائلاً "هذه تقريبًا نفس أفكارنا وبقية أحزاب الحركة المدنية، وتلقى منّا قبولاً"، مختتمًا بقوله "أما تبنينا لها رسميًا فسيحدده ما سيثمر عنه اللقاء الذي سيجمع الحزب وبقية أعضاء الحركة المدنية".