انتهت جلسة محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة اليوم الاثنين، لنظر طلب إعادة إجراءات محاكمة اثنين من المتهمين في قضية مقتل الطفل يوسف العربي، إلى رفض طلبهما وسقوطه، وذلك لتغيبهما عن الجلسة.
وقال مالك عدلي، محامي والدة الطفل يوسف، في تصريحات للمنصّة عقب حضوره جلسة اليوم، إن إعادة إجراءات المحاكمة مرتبطة بأن يُسلّم المتهمان الهاربان أنفسهما للسلطات ويمثلان أمام المحكمة، وهو ما لم يحدث حتى جلسة اليوم، على الرغم من إنذارهما بضرورة الحضور؛ فكانت النتيجة سقوط طلبهما.
فيما أعلنت والدة الطفل، مروة قناوي، فض إضرابها عن الطعام، والذي دخلته من أجل إلقاء القبض على المدانين الاثنين بقتل يوسف خلال تواجده في ميدان الحُصري بمدينة 6 أكتوبر، بعد إصابته بعيار ناري أطلق عشوائيًا في أحد الأفراح.
حكم واجب النفاذ
وأوضح عدلي أن من بين الآثار المترتبة على غياب المتهمين عن جلسة اليوم، أن الحكم القديم الصادر ضدهما بالسجن 7 سنوات، ما يزال قائمًا، وهو "جنائي واجب النفاذ"، مُشيرًا إلى أنه سيصبح "باتًا ونهائيًا" في حالة تأييده من محكمة النقض، التي تُمثّل آخر درجات التقاضي.
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة، في مايو/ أيار 2018، حكمها في قضية يوسف العربي، رقم 8808 لسنة 2017 جنايات أول أكتوبر، بمعاقبة ثلاثة متهمين في القضية بالسجن سنتين، وتغريمهم 20 ألف جنيه، وببراءة الرابع. كما قضت بمعاقبة جميع المتهمين بالسجن خمس سنوات بتهمة حيازة الأسلحة النارية.
وأحالت النيابة المتهمين للمحاكمة- بينهما الاثنين الهاربين، بناءً على اتهامات وجهت لهم بـ"حيازة أسلحة نارية وذخائر، والقتل الخطأ".
والمتهمان الهاربان هما ضابط الشرطة السابق بمديرية أمن الفيوم طاهر محمد أبو طالب، وصدر قرار بفصله من الخدمة بعد انقطاعه عن العمل بسبب القضية، والثاني خالد أحمد عبد التواب، وهو ابن نائب برلماني سابق عن محافظة الفيوم، وتقدما المتهمان في وقت سابق بطلبات لردّ هيئة المحكمة، لكن طلبهما قوبل بالرفض.
وعن الإجراءات التي يمكن لخصميه اتخاذها حيال القضية، ذكر عدلي أنه ما يزال يحق لهما التقدم بطلب لإعادة إجراءات محاكمتهما، لكنه سيكون الطلب "الثاني والأخير".
ولفت المحامي إلى أن المتهمين في المرّة الثانية لابد وأن يتقدما بالطلب بشخصيهما وليس عن طريق محامٍ كما حدث في المرّة اﻷولى؛ ما يعني أنهما سيتم حبسهما وجوبًا لحين الفصل في طلبهما.
أما الإجراءات التي سيتخذها المحامي سعيًا لتنفيذ الحكم، "تتمثل في إعادة مخاطبة الجهات المعنية للقبض على المتهمين، وعلى رأسها وزارة الداخلية وإدارة تنفيذ الأحكام التابعة لها، ورئاسة الجمهورية أيضًا"، بحسب عدلي.
وأشار عدلي إلى أن وزارة الداخلية سبق وأن أبلغته بأن قرار الضبط والإحضار لم يعد قابلاً للتنفيذ إجرائيًا، ﻷنه مرّ عليه 6 شهور، فيما أكد المحامي أن هذا الأمر لا ينطبق على القرار الخاص بالمتهمين في قضية يوسف، ﻷنه قرار محكمة وليس نيابة، مُختتمًا بقوله "لكننا سنستمر في مخاطبتها، وسنتقدم بطلب جديد لضبط وإحضار المتهمين".
فض الإضراب
عقب انتهاء الجلسة، أعربت مروة قناوي، والدة يوسف العربي، عن سعادتها بصدور هذا القرار عن المحكمة، معلنة قرارها بفض إضرابها عن الطعام، قائلة "كنت بحاول قدر المستطاع إني ماوقفش الإضراب قبل جلسة النهارده، رغم إن وزني نقص 20 كيلو، فده بالنسبة لي انتصار ولو صغير".
وقالت قناوي للمنصّة، "الحكم مُرضي وكان متوقعًا بالنسبة لي، لكنني كان لدي أمل وإن كان ضعيفًا، أن يسلّم المتهمون أنفسهم للعدالة في جلسة اليوم، أو يتم القبض عليهم".
وبالتزامن مع الخطوات القانونية وآخرها جلسة اليوم، ومع عدم تنفيذ الحكم على المتهمين الهاربين، رغم مرور 11 شهرًا على صدوره، كانت اﻷم ما تزال مُستمرة في إضرابها عن الطعام، الذي بدأته أواخر مارس/ أذار الماضي.
وكانت اﻷم أعلنت في أكثر من منشور لها عبر حسابها على فيسبوك، استمرارها في الإضراب، وناشدت متابعيها عدم مطالبتها بوقف إضرابها، على الرغم مما بدأت تتعرض له من آثار صحية جانبية.
والاضراب عن الطعام "حق معترف به ضمن حزمة حقوق الإنسان في المواثيق والشرعة الدولية ويندرج ضمن الحق في الاحتجاج والمقاومة السلميين"، كما أنه تم تشريعه من خلال إعلاني مالطا عام 1991، وطوكيو عام 1975، وكذلك الإعلان الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان عام 2006، وبيانات الأمم المتحدة التي تدين التغذية القسرية للمضربين عن الطعام، كونها "تُشكّل نوعًا من أنواع التعذيب"، وفقًا لما ذكرته ورقة بحثية صادرة عن مركز هردو.
وكان قرار الأم بشأن الإضراب هو أن يكون عن كافة أنواع المأكولات "والاكتفاء بتناول عصائر طبيعية ومياه ومحلول الجفاف"، وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في وزنها بواقع 13 كيلو، في اليوم الثالث والعشرين ﻹضرابها.
وعن سر فض الإضراب الآن، قالت الأم "امبارح تعبت جدًا ودخلت المستشفى لتاني مرة، وكنت بقاوم إني ماعلقش محاليل، لكن أنا هدفي من الإضراب مش إني اموت لكن يكون فيه صدى للقضية سواء بالإضراب أو بالحملة اللي أطلقتها علشان ماحدش يستهين بالفعل ده".
واختتمت قناوي بتأكيد أن قرار الفض هو مجرد "استراحة محارب"، قائلة "ده مش النهاية، أنا هكمل بس محتاجة هدنة وارجع فيها لصحتي. وحاليًا هكثّف تحركاتي تجاه وزارة الداخلية من أجل تنفيذ الضبط والإحضار، لكني محتاجة هدنة قبل ما اكمل".
وفي تصريحات أدلت بها للمنصّة في وقت سابق طبيبتها إيمان زكي، أخصائية التغذية الإكلينيكية والصحة العامة، إن مروة قناوي حين بدأت إضرابها كانت مؤشرات أجهزتها الحيوية طبيعية للغاية، لكن ظهر أمر نقصان وزنها بمعدل سريع، وذلك "لوقوعها تحت ضغط نفسي وعصبي شديدين".