في مساء أمس الأول، تحوّل فيسبوك إلى مرثية ضخمة.
حزن صادق وخالص يخلو من الجدل، مثقفون وبسطاء، مبدعون وعاديون، شباب في مطلع العشرينيات وآخرون على مشارف الأربعين، جميعهم يبكي أحمد خالد توفيق.
وعندما أطلقت المنصة دعوتها لمحبي أحمد خالد توفيق وأصدقائه، للكتابة عن رحلتهم مع هذا الغريب الذي ما عاد غريبًا بأي حال، تفاعل العشرات بكتابة لا يخفف من أثر الحزن الكامن فيها سوى الصدق المنبعث من كل حروفها، ولا يعوّض غصّة الألم الناجمة عن الغياب سوى الأمل المستند على الأثر الباقي من الغريب، الذي ما عاد غريبًا بأي حال.
جيل يملؤه الغضب والسخط والإحباط، يحترف السخرية في أقسى صورها، لا يأبه بـ"رموز" السياسة والثقافة والرياضة فلم ينجُ أيّهم من سوط الـ "ميمز" الذي يحسم أي نقاش أو جدل بقصف الجبهات، ثم فجأة، يتوارى كل هذا في مشهد مهيب يليق بجلال الحزن وقداسة الحدث، فيقف هذا الجيل وينعى بمرثية ضخمة عرّابه، الذي لم يكُن يحب هذا اللقب.
مرثية تخبرنا الكثير عن حساسية هذا الجيل، وعن قدرته على الحب وعن حاجته إلى رمز يلتف حوله، عن رغبته في الحديث إلى من يفهمه، وعن استعداده للتورط الإنساني مع شخصية عامة، مرثية تخبرنا كذلك أن كل هذا الغضب والسخرية والأحكام القاسية ورفض الثوابت وتكسير الرموز والمُسلّمات وتحطيم "القامات" المفروضة على حياتنا فرضًا، أمر طبيعي ومستحق وفي محله، وأنه لا يتعلق بتمرّد الجيل قدر تعلقه بهشاشة هذه الثوابت، وضحالة أولئك الرموز.
مرثية حزينة برسالة واضحة، وهي أن هذا الجيل لن يحب ولن يحترم إلا من يستحق، وأن من يستحق كان اسمه أحمد خالد توفيق، وأنه لم يكُن غريبًا بأي حال.
ولاء الشامي
يتعاظم الروع حين نفقد أشياء كنا نحسبها تواجه عنا، تقف كحائط بيننا وبين هذا العالم الأليم، ثم نكتشف فجأة أن هذا الحائط تلاشى وتلاشت معه المقاومة.
ميشيل حنا
يا دكتور، لقد بدأت هذه السنة في كتابة رواية. أول محاولة لي، ولازلت أتعثر، كيف لي أن آخذ رأيك الآن؟ يا دكتور، قلت لي إننا سننجز مجموعة قصصية مشتركة، وأنا أنجزت الجزء الخاص بي، فلماذا ذهبت قبل أن تفي بوعدك؟
محمد الدناصوري
لم يأخذ أحد بأيدينا مثله، وبتفان منقطع النظير، ووقت أن تخلى عنا الأمل. ساعدنا لنعبر تلك الهوة السحيقة التي أطلت علينا بعد ثورة يناير.
ريم محمد
واليتم الذي يعاني منه جيل يائس من الحياة غريب في أرضه ازداد مرارة وقسوة برحيل أقرب الولائف إليه وأصدق الرفقاء المتبقين الذين نستدل بهم في عتمة الطريق.
رزان محمود
علمتنا معنى الحياة ثم فجأة أخذتها ورحلت. نعمل إيه إحنا طيب؟
نهى محمود عبد السميع
الآن أصبحت هناك رواية لن تكتب أبدًا، وفكرة لن تتسلل إلى وجداننا أبدًا، ودعابة ساخرة لن تُلقى أبدًا.
عبد الله محمود
كان د. أحمد خالد توفيق منذ سنوات يجلس في بيته وعلى مكتبه، ولا يدري أن هناك شابًا مراهقًا في ريف مصر نائم على ظهره، مستند إلى الكوم القابع على "راس الغيط".
رحيل أحمد
ما أتمنى أن يحدث الآن هو أن نواصل مسيرته، أن نحقق كلماته وأن ننير بأضوائه الباقية شعلاتنا.
بسنت حسين
كيف تعتب على جيل تربى على كلمات أديب استطاع بأسلوبه السلس أن يخلق جسرا للتواصل مع قرائه طوال سنوات عديدة
Bibi Bažina
بدأت أعمل قوقعة مفيهاش إلا أنا ودكتور أحمد خالد. لا بخرج في إجازات ولا باعدي عدد مجيبهوش. بقت حياتي دايرة أولها العدد اللي بقراه وآخرها العدد اللي مستنية إصداره.
ندى جمال
أكثر أيامي فرحًا عندما راسلني عارضًا صداقته ومشورته إذا احتجتها، مرفقًا صورة لدب قطبي يحتضن صغيرة عندما علم أني من المهتمين بالحيوانات.
نعمة رشاد
اختطفتنا الثورة لسنوات، توقفت فيها عن كل شيء، لم أبحث عنه ولا حاولت، كنت أخشى أن يسقط كغيره في هوة لم ينج منها رفيقه وصديقه اللدود نبيل فاروق.
رغدة خالد
المرأة الخيالية أو الحالمة هي الجحيم ذاته، لأنها لن تجد من تبحث عنه أبدًا، لن تجد فارسها، وسوف تكتفي بتعذيب البائس الذي رضيت به. أحمد خالد توفيق.
محمود عثمان
كنت في منتصف العاشرة من عمري عندما مررت بإحدى المكتبات وكان بجانبي والدي، استوقفته لأريه غلاف أحد الكتب الصغيرة، وكان كتاب مصاص الدماء من سلسلة ما وراء الطبيعة للدكتور أحمد خالد توفيق.
رشا شريف
لم يكن وسيمًا ولا مثاليًا في الشكل، لولا تلك الإبتسامة الخجلة بركن فمه، وبذلته الكحلية التي جعلته فاتنًا.
مينا إدوار
ربما كنت ستصبح أفضل حالاً إذا لم تقرأ له. أكثر من مرة سمعت هذه الجملة، ومرات أكثر اعترضت عليها.
سندس أسامة
بقدر حزني على رحيله، أنا سعيدة من أجله، عاش أديبا شريفا ومعلما صادقا ومات على ما عاش عليه، كبقعة صافية من السماء لم يغشها الغيم أبدا.
د. مها حسن محمد
في مدرسة متوسطة وثانوية مرات للبنات بالمملكة العربية السعودية، بدأ الشغف بروايات مصرية للجيب مقترناً بروايات دكتور نبيل فاروق ملف المستقبل ورجل المستحيل، حتى قابلتها في المرحلة الثانوية. صديقة سعودية عزيزة. كنا نتبادل الكتب والروايات فيما بيننا، وتلك كانت عادة في مدرستنا. فإذا ما اقتربت الإجازة، تبادلنا الكتب على اختلاف ألوانها. وكان لدي الكثير من روايات مصرية للجيب مقتصرة على سلاسل دكتور نبيل فاروق, وبلدتنا لم تكن بها مكتبة عامة ولم يكن لدينا وقتها انترنت أو فيسبوك. هي من عرفني على الأستاذ. سألتني مستنكرة "ألا تقرأين لـ د. أحمد خالد توفيق!".
أحمد عبده
جاءت سنين الثورة، اللحظة التي لم تعد الحياة كما كانت قبلها، وجاء فشلها مع سنين عبور الثلاثينات في وقت واحد، مع كل يوم يغزو الشعر الأبيض رأسي، ومع كل شعيرات بيضاء جديدة تزداد تلك المفاجآت بحقائق ما يحدث، أحداث الثورة "جابت لنا الحياة على بلاطة"، الحق لا ينتصر، أبدا، ما كل هذه الدماء؟ ما كل هذه القسوة؟ من أين ينبع كل هذا الانحطاط؟ السيرك ده اتنصب امتى؟
ياسين أحمد سعيد
في أحد الامتحانات الشفوية لكلية الطب، طرح الأساتذة سؤالًا تعجيزيًا، غير أن الطالب فاجأ ممتحنيه عندما أجاب ببساطة: يعنى المصطلح: عمى الأنهار، وهو مرض يسببه كذا، وينتشر في دول كذا، اكتشفه فلان، و.. رد الأساتذة: وكيف عرفت ذلك؟، قال الطالب: من سلسلة روايات تدعى سفاري كان بطلها طبيب.
شريف جمال سالم
الصبى الصغير الذي لا يجد من يفهمه فجأة يجد رفيق الدرب في ليلة صيفية أوائل التسعينيات على أحد أرصفة شوارع محطة الرمل في الإسكندرية، هو مكان غريب للقاء الأول لكنه مناسب جدًا للقاء رفعت العجوز النحيل. قد كنت نحيلاَ أيضاَ.
منة الدمرداش
بدأت حكايتي معه منذ زمن ليس ببعيد. أنا -ابنة الستة عشر ربيعًا- بدأت رحلتي في القراءة حين كنت في الثانية عشر. لم أبدأ رحلتي بقراءة "ما وراء الطبيعة" مثل معظمكم. بل بمجموعته القصصية "لست وحدك"، ليكون أول كتاب أقرأه للدكتور أحمد خالد توفيق وأول كتاب يجذبني إلى القراءة.
تامر نجم
لم أكن من رواد الندوات الثقافية التي يمكنني فيها مقابلة الكتاب الذين أقرأ لهم وأحب بعضهم، إلا أن الله شاء أن أتقابل مع الدكتور أحمد في ندوة توقيع مجموعته القصصية "الهول" بمكتبة ألف بمصر الجديدة. كنت أمر حينها بفترة عصيبة وبشبهة انفصام في الشخصية ومحاولة الهروب من وقائع أليمة كانت تصادمني، لذا طلبت منه أن يوقع لي توقيعاً متمنياً لي أن أبقى على قيد الحياة لفترة أطول، فرد عليَّ "ياه.. للدرجة دي!".
كان إهدائه: "إلى العزيز تامر نجم.. ابق حياً حتى اللقاء القادم.. اتصرف!" وذيله بتوقيع أحمد خالد توفيق.
محمد الصدفي
تراودنى تلك الأسئلة عن نفسى، هل يمكن لي تحقيق المعادلة التى حققها، أعتقدت أن من الضروري تخلى الإنسان عن عمله كى يتفرغ لعمل آخر حين يقرر تغيير مساره المهني، خصوصًا أن هناك كثيرون من الكتاب تركوا الطب من أجل الكتابة، لكنه حقق المعادلة الأصعب عندما قام بالأمرين بنجاح، فمارس الطب وعمل دكتوراه وأصبح استشاريًا وأستاذ جامعى، وفى نفس الوقت كان كاتبًا أصدر العديد من الروايات.