في 2017 اتجه المصريون بقوة ناحية المقولة الخالدة للأستاذ مزاجنجي "أنا اللي هعبي الشريط بصوتي". كل يوم نسمع عن أغنية جديدة، يكفي فقط أن تتابع قنوات الموسيقى على الفضائيات كقناة "المولد"، لتندهش من كم "الفنانين" الذين لا تعلم عنهم شيئًا وتبدأ في طرح أسئلة استنكارية "دا صوت دا؟".
لا أحد يتابع التلفزيون الآن، لذلك لم نلاحظ من أغلب هؤلاء الفنانين الذين ضحوا بأموالهم للصعود على درجات المجد الفني سوى المحظوظين منهم الذين التقطتهم أذرع السوشيال ميديا ووضعتهم في قوائم الترند، سواء بسبب محتوى ما يقدمونه، أو بسبب السخرية منهم.
المتابع الجيد لقناة "المولد" و"شعبيات" يعرف أن الترند في 2017 هو أن لا يجوز أن يظهر المطرب دون راقصة، ذلك الترند ليس غريبًا عن الأغاني الشعبية في الأفلام السينمائية منذ الخمسينات، لكن عاد هذا الترند بقوة بعد الصعود المدوي لأغنية أحمد شيبة "أه لو لعبت يا زهر" ثم انتشار محمود الليثي المكثف في الأفلام.
وأصبحت اسم الراقصة في أحيانٍ كثيرة أهم من اسم مطرب الأغنية.
مزمار عبد السلام
جاءت الكلمة المفتاحية "مزمار عبسلام" في المركز السابع عشر في قائمة محرك البحث جوجل لأكثر الكلمات بحثًا في مصر خلال العام، بدأ ظهور مزمار عبد السلام في عام 2014 واستطاع بأسلوبه في اللعب على الكيبورد أن يعيد صياغة شكل الموسيقى الشعبية طوال السنوات الماضية حتى لا تجد أغنية شعبية في 2017 تخلو من هذا الصوت وأسلوب العزف.
تشكل هذه الأغاني واحدة من أهم مكونات الشريط الصوتي للمقاهي في مصر، فبخلاف أم كلثوم وأغاني المهرجانات، تعد الأغاني التي تبثها قنوات الموسيقى الشعبية الساوند تراك لمعظم "عشرات الدومينو والطاولة" التي تُلعب داخل المقاهي، قد لا يعيرها أحد انتباهه إلا لو استطاعت الراقصة في كليب الأغنية شد انتباه الناس وجذبهم إلى الأغنية.
ديسباسيتو والعب يالا
هذا العام كانت أغنية ديسباسيتو البورتريكية للمغنيين لويس فونسي ودادي يانكي هي الأغنية الأكثر بحثًا في مصر، ولكن هناك قنبلة مصرية تفجرت في أغسطس/آب، حقق مهرجان "إلعب يالا" لأوكا وأورتيجا أكثر 60 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب على القناة الرسمية لأوكا وأورتيجا، بخلاف المشاهدات التي حققتها الأغنية على القنوات الأخرى التي أعادت رفع الأغنية على الموقع.
يعد مهرجان "إلعب يالا" مهرجانًا وعظيًا، وهو خط شهير في الأغنية الشعبية والموال المصري، لكنه جديد بالنسبة للمهرجانات، والطريف أن المهرجان يحذر من تناول المخدرات والخمور رغم أن اسم الفرقة "أوكا وأورتيجا 8%" مستوحى من تركيز الكحول في إحدى المشروبات الكحولية.
على النقيض تمامًا نجد مهرجانات مثل مهرجان "سكران خربان"، يمكن تصنيفه في باب الخمريات، حقق الفيديو كليب لهذا المهرجان أكثر من 11 مليون مشاهدة على موقع اليوتيوب.
ركبني المرجيحة.. الباحثات عن الشهرة
خرجت علينا دالي حسن بكليب "ركبني المرجيحة" ولم تكتف بذلك ففي سبتمبر/أيلول أطلقت أغنية جديدة للأطفال "كوكو واوا" لم تأخذ الأغنية نصيبها من الشهرة والانتشار كـ "ركبني المرجيحة"؛ الأغنية التي وضعت دالي داخل المشهد "الفني" في مصر.
لم تكن دالي الأولى ولن تكون الأخيرة، فتاة لا تتميز بأي موهبة تصنف نفسها كفنانة استعراضية ومطربة وملكة جمال وخبيرة تجميل و"موديل" وأي مسمى يضمن لها الشهرة، كانت قبلها سلمى الفولي صاحبة كليب "سيب إيدي" وستأتي بعدها فتيات أخريات.
تقدم دالي وسلمى والأخريات أغان تعتمد على الإيحاءات الجنسية سواء على مستوى الكلمات أو الأداء الحركي في الفيديو كليب، ففي أغسطس الماضي صدرت أغنية "أنا عايزة واحد" وهي أغنية تتبع نفس الوصفة البسيطة التي اتبعتها من بعدها ليلى عامر في أغنيتها "بص أمك".
يمكننا تتبع رحلة صعود هذا النموذج عبر مشاهدة فيديوات "الفنانة" جومانا التي تصنف نفسها كفنانة استعراضية وممثلة وموديل في الأفراح الشعبية في محافظات مصر المختلفة.
قريبًا جدًا قد نجد جومانا، التي تحقق مشاهدات تتعدى مئات الألاف على اليوتيوب، بطلة لكليب جديد يثير الجدل على السوشيال ميديا أو بطلة لفيلم سينمائي.
بشكل أكثر احترافية استطاعت شيما عبد المنعم أن تثبت أقدامها بالجدل الذي أثارته أغنيتها الأخيرة "عندي ظروف"، على مستوى الموسيقى والصوت والفيديو فقد تكون شيما كغيرها من المغنيات الشابات اللواتي يقدمن أغان استهلاكية على قنوات الموسيقى الفضائية كـ "مزيكا".
على مستوى كلمات الأغنية، جرب فقط الاستماع لها دون الفرجة على الفيديو كليب، أغنية عادية، لا تحمل أي إيحاءات جنسية أو كلمات خارجة، ولكن ما حدث في الفيديو كليب يعد نقلة نوعية في صناعة الإغراء في مصر ما شكل صدمة لدى الجمهور.
في 2017، خرجت الأمور عن السيطرة، فبخلاف دالي حسن، تم حبس شيما سنتين مع الغرامة بتهمة التحريض على الفسق والفجور ونشر فيديو خادش للحياء، وقُبض على فاطمة الشهيرة بـ"إغراء" صاحبة كليب "أنا عايزة واحد" بتهمة الفسق والتحريض على الفجور وخدش الحياء العام، وقُدّم بلاغ إلى النيابة ضد ليلى عامر بسبب كليب "بص أمك" بنفس التهم التي تعتمد على نص المادة 269 مكرر من قانون العقوبات.
أصبحت إثارة انتباه الناس على مواقع التواصل الاجتماعي هي الخطوة الأولى التي تضمن رواج أي محتوى، فوجود راقصة ضروري للفت انتباه الناس على المقاهي، والكلمات والأداء الحركي والإيحاءات الجنسية في الفيديو كليب يؤدي لإثارة جدل الناس، خاصة وإن كان حياؤهم يُخدش بسهولة.