أوراق باراديس، تحقيق عالمي أشرف عليه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين عن الأنشطة الخارجية لبعض أقوى الشخصيات والشركات في العالم، وكان الحضور العربي فيه لافتًا.
واستكشف الاتحاد حوالي 13.4 مليون وثيقة وملف سُربّوا من سجلات شركات في أكثر بلدان العالم حرصًا على سرية معاملات عملائها، حصلت عليهم الصحفية الألمانية سوديتش تسايتوج.
وتشمل الوثائق نحو سبع ملايين اتفاقية اقتراض، وبيانات مالية، ورسائل بريد إلكتروني، بخلاف أوراق شركة المحاماة "أبلبي" الرائدة في التعاملات الخارجية.
حضور عربي في أوراق بارادايس
نشر الصحفي المصري هشام علام المشارك في التحقيق على موقع درج عن التفاصيل التي كشفتها الوثائق عن علاقة عبد الحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بشركة ليبية محظورة أسست في مالطا عام 2005 تحت اسم "الشركة الأفريقية للتجارة والاستثمار"، الشركة التي توزعت أسهمها بين عدد من المساهمين، أبرزهم شركة "لايكو" الشركة الليبية الإفريقية العربية للاستثمار، وعبد الحكيم، التي كشفت وثيقة تأسيس الشركة أنه يحمل الجنسية المالطية.
وعلى الرغم من نفي عبد الحكيم حمله لأي جنسية أخرى، لكنه لم ينف علاقته بالشركة التي تم إدراجها ضمن قوائم الشركات المحظورة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا باعتبارها واحدة من الشركات التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار، وهي الصندوق السيادي الذي يضم ويدير أصول الدولة الليبية.
أدرجت ملفات أبلبي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، نائب وزير الدفاع السابق للمملكة العربية السعودية باعتباره متربحًا من شركات Acron Trust وMinstrel في التسعينيات وأوائل الألفينيات، حيث سجل ابن سلطان ما لا يقل عن ثماني شركات في برمودا، بعضها كان يستخدم لامتلاك اليخوت والطائرات. وكشفت الوثائق أن شركة شركة يورويشت المحدودة تمتلك أصولًا بقيمة 51 مليون دولار في عام 1992.
كما ضمت الوثائق اسم عربي أخر وهو رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، وبحسب الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، فإن مخلوف كان مساهمًا في أربع شركات لبنانية أنشئت بين عامي 2001 و 2003، منها ثلاث شركات قابضة للاستثمار، وشركة للمحاماة للتفاوض والتوقيع خارج لبنان.
لم يستجب الأمير خالد بن عبد العزيز أو رجل الأعمال السوري رامي مخلوف للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين عندما طلب منهما التعليق.
روسيا ومنصات التواصل الاجتماعي
تظهر السجلات أن المستثمر الرئيسي في تويتر وفيسبوك له علاقات مالية مع شركتين مملوكتين للحكومة الروسية، يتعامل بهما الكرملين مع الاستثمارات الحساسة سياسيًا، وتكشف الوثائق أن بنك VTB المملوك للكرملين، ضخ 191 مليون دولار إلى صندوق DST للاستثمار الذي استخدم المال لشراء حصة كبيرة في موقع تويتر عام 2011.
ويظهر أيضًا أن شركة Gazprom العملاقة التابعة للكرملين، قامت بتمويل شركة خارجية اشتركت مع صندوق DST في استثمار كبير في موقع فيسبوك.
وأوضح التقرير الذي نشره الاتحاد العالمي للصحفيين الاستقصائيين أنه ليس هناك دليلًا على أن الكرملين أثر على تويتر أو فيسبوك أو تلقى معلومات داخلية عن الشركات نتيجة استثماراته، لكنه كان له مصلحة مالية في الاستثمار في وسائل الإعلام الأمريكية.
يأتي ذلك في الوقت الذي يحقق فيه الكونجرس الأمريكي في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، ودور شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة في هذا التدخل.
وقال الملياردير الروسي يوري ميلنر مؤسس صندوق DST للاستثمار عن الاستثمارات التي تقوم بها شركته بأنها صفقات كانت دائمًا على أساس المصالح المالية والأعمال، وليس لها علاقة بالسياسة، وقد حصل ميلنر وشركاؤه على مكاسب كبيرة عندما باعوا حصصهم في فيسبوك وتويتر عام 2012 و 2013.
وتم الكشف عن تفاصيل ارتباط الكرملين بالصفقات خلال تحقيق مشترك قام به الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية و بي بي سي ووسائل إعلام أخرى. واعترف ميلنر بأن بنك VTB المملوك للكريملين ساعد في تمويل استثمار تويتر.
وتعد أوراق بارادايس ثاني أكبر عملية تسريب للبيانات عرفها العالم بعد تسريبات وثائق بنما التي بلغ حجم ملفاتها 2.6 تيرا بايت بينما بلغ حجم ملفات أوراق بارادايس المسربة حوالي 1.4 تيرا بايت، وتكشف هذه الملفات المعاملات المالية الخارجية السرية لبعض القادة السياسيين، ومموليهم، وكيف تتهرب الشركات الكبرى من دفع الضرائب من خلال معاملات سرية، كذلك تكشف الوثائق عن صفقات مالية سرية تقدر بالمليارات.
وتعاون الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين مع أكثر من 380 صحفيًا يتحدثون 30 لغة ليتمكنوا من تتبع سجلات المحاكم والحصول على إفصاحات مالية عن السياسيين في أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية.