تداول عدد من المواقع والصحف فيديو يُظهِر شخصًا يهتف بحياة فرنسا وضد قطر في أروقة اليونسكو، في لحظة بدء المجلس التنفيذي للمنظمة عملية التصويت في الجولة الأخيرة لانتخاب المدير الجديد لليونسكو، والتي انتهت مساء أمس بفوز المرشحة الفرنسية أودريه أزولاي بفارق صوتين عن المرشح القطري حمد الكواري.
في الفيديو يهتف الشخص باللغة الفرنسية قائلًا "Vive la France.. No Qatar"، "تحيا فرنسا.. لا لقطر"، إلى جانب صوت متقطع يهتف "مرسي.. مرسي"، أمام عدد من الكاميرات والمراسلين المعنيين بتغطية انتخابات المنظمة الأممية، قبل أن يوقفه الأمن الداخلي لمنظمة اليونسكو.
نُشر الفيديو عبر الحساب الرسمي لقناة الجزيرة على تويتر، التي ذكرت أن الشخص يدعى "صلاح عبد الحميد"، وأنه أحد أعضاء البعثة المصرية باليونسكو، ومستشار التنمية السياسية بالاتحاد الأوروبي.
وبعد ساعات قليلة من منشور الجزيرة، نفت وزارة الخارجية المصرية عبر المتحدث الرسمي باسمها انتماء هذا الشخص إليها. وكتب المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية عبر حسابه الرسمي على تويتر؛ أن لا صلة لهذا الشخص بالدبلوماسية المصرية أو البعثة المصرية في اليونسكو، قائلًا: "الفيديو الذي تم إذاعته ليس لدبلوماسي مصري أو أي عضو في بعثة مصر باليونسكو". واتهم أبو زيد في تغريدته قناة الجزيرة بالاستمرار في "التضليل ونشر الأكاذيب".
ولكن من هو صلاح عبد الحميد؟
بالبحث عن مقاطع فيديو أخرى على شبكة الإنترنت، أظهرت النتائج أن الشخص المتواجد في الفيديو هو بالفعل مصري يدعى صلاح عبد الحميد، دائمًا ما تنقل عنه الصحف المصرية والعربية عددًا من التصريحات الصحفية تارة باعتباره "مستشار التنمية السياسية بالاتحاد الأوروبي" وتارة أخرى باعتباره "عضوًا بالهيئة الاستشارية لمركز الدراسات والأبحاث للتنمية المستدامة والتخطيط". ولكن لم تظهر نتائج البحث وجود مركز يحمل هذا الاسم.
في حين أن وكالة أنباء الشرق الأوسط تعرّفه بلقب آخر وهو "خبير تنموي بالاتحاد الأوروبي وعضو الاقتصاد السياسي في بروكسل".
بالمزيد من البحث نكتشف أن صلاح عبد الحميد نائب لرئيس مجلس إدارة موقع إلكتروني إخباري يحمل اسم "وكالة أنباء البرقية التونسية" وينشر فيه أخبارًا تحمل اسمه إلى جانب تعريف له باعتباره "سفيرًا لمصر في الاتحاد الأوروبي". الموقع الإلكتروني يعتبر المصدر الأول لكافة الأخبار المتعلقة بمشاركاته في المؤتمرات الدولية والمحافل الدولية، كان آخرها وجوده داخل أروقة منظمة اليونسكو، إلى جانب تواجده في عدد من المؤتمرات التابعة للاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى تصميم دعائي يعلن ترشحه لانتخابات مجلس النواب 2015 عن دائرة المعادي وطره. ولكن بالنظر إلى قائمة المرشحين للانتخابات في الدائرة في عام 2015 لا نجد أي ذكر لصلاح.
كذلك لا تُظهر المواقع الرسمية للمنظمات والهيئات التابعة للاتحاد الأوروبي أي ذكر لتلك المناصب ذات المسميات الفضفاضة التي يُعَرَّف صلاح عبد الحميد بها في الصحف والمواقع.
ولجأت بعض الصحف المصرية للاعتماد على صلاح عبد الحميد للتعليق عل تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن التعذيب المنهجي في السجون المصرية، إذ نقلت صحيفة "النهار" المصرية تصريحات يتهم فيها المنظمة بالاعتماد في تقريرها على "أشخاص وهميين وكيانات مبهمة".
يحرص عبد الحميد على نشر صور تظهر تواجده بداخل أروقة جامعة الدولة العربية، بالإضافة إلى صور في مقر وزارة الخارجية المصرية. وكذلك نشر في مايو/آيار عام 2016 صورة تجمعه ببان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، زاعمًا أنها "في حفل إفطار علي هامش اجتماعات وزراء الخارجية رفيعة المستوى، وبحضور المرشحين رسميا لمنصب الأمين العام الجديد وتقييم هيكل الأمم المتحدة للسلم والأمن وتكثيف القضايا الأفريقية والملف السوري والليبي وفلسطين واليمن".
صلاح عبد الحميد: لست دبلوماسيًا
عقب تداول الأخبار والمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نفى صلاح عبد الحميد عبر حسابه الشخصي على فيسبوك أي صلة له بالدبلوماسية المصرية، أو بعثة مصر في منظمة اليونسكو، مضيفًا: "أنا مواطن مصري بحب مصر
ولن أهتم بما يحدث من اعتقال".
ولكن عبد الحميد وكذلك الخارجية المصرية لم يفسرا حتى الآن سبب تواجده في أروقة المؤتمرات الدولية طالما لم يكن دبلوماسيًا، وكذلك لا نعرف ما الوظائف التي يتولاها والتي تؤهله للتصريح للصحف المصرية مدعيًا التعبير عن الموقف الرسمي للدولة حينًا وللاتحاد الأوروبي أحانًا أخرى.