أدانت مجموعة من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المستقلة ومجموعة كبيرة من الصحفيين والحقوقيين، استهداف أجهزة الأمن المصرية موقع تقصي الحقائق المستقل "متصدقش" رقميًا، وملاحقة أعضاء فريقه في مصر أمنيًا، والقبض على عضو فريق تحرير الموقع كريم أسعد، إثر تغطية موسعة لقضية ضبط طائرة في زامبيا آتية من القاهرة على متنها 5.7 مليون دولار نقدًا، و602 سبيكة معدنية تزن أكثر من 127 كيلوجرامًا، وأسلحة وذخيرة.
واحتجزت السلطات في زامبيا، الثلاثاء الماضي، 10 أشخاص بينهم 6 مصريين وزامبي وهولندي وإسباني ولاتفي، ويخضعون الآن للتحقيق من قبل لجنة مكافحة المخدرات في زامبيا. ونشر موقع وصفحة متصدقش في فيسبوك تقارير كشفت خلالها هوية خمسة من أصل 6 مصريين ضُبطوا على متن الطائرة.
"مختفٍ قسريًا"
وكشف بيان صادر عن متصدقش، إن قوة أمنية مكونة من مسلحين بملابس مدنية اقتحمت منزل أسعد، صباح أمس السبت، وضربوا زوجته وهددوا طفلهما وبعثروا محتويات الشقة ثم اصطحبوا كريم لمكان غير معلوم، وسأل المسلحون أسعد، عن تغطيتهم لواقعة طائرة زامبيا القادمة من مصر. وفي بيان سابق أعلنت أيضًا أنهم يتعرضون لمحاولات اختراق إلكترونية تزامنًا مع حملة أمنية ضد صحفييها الموجودين في مصر.
فيما أوضح بيان التضامن الصادر عن المنظمات الحقوقية، أن "قوات الأمن اعتدت على أسعد وزوجته، وهددت بإيذاء ابنهما البالغ من العمر عامين ونصف، وفتح رجال اﻷمن صفحة متصدقش من خلال حساب أسعد وحذفوا منشورين من الصفحة، واستولت القوة على جميع الهواتف وأجهزة الكمبيوتر من المنزل، إضافة إلى مجوهرات ومبلغ 8 آلاف جنيه مصري"، بحسب البيان.
وذكر البيان أن "كريم مختفي قسرًا ولا يزال مكانه مجهولًا، ولم يُسمح له بمقابلة محاميه".
أهمية تقصي الحقائق
وطالبت منظمات حقوقية ومؤسسات إعلام مستقلة وصحفيون وحقوقيون السلطات المصرية الإفراج الفوري عن أسعد وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه، كما دعت السلطات إلى وقف استهدافها لمنصة متصدقش، لافتين إلى أهمية الصحافة المستقلة وتقصي الحقائق لأي مجتمع حر، وأن قمع منصة متصدقش واعتقال كريم أسعد يمثلان تصعيدًا مقلقًا على وسائل الإعلام المستقلة وحرية التعبير.
ضمت قائمة الموقعون على البيان 23 مؤسسة حقوقية وصحفية، من بينهامركز السياسة الدولية، ودرج، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمنتدى المصري لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومؤسسة سمير قصير وغيرها، إضافة إلى عدد كبير من الصحفيين والحقوقيين والشخصيات العامة.
وقالت متصدقش في بيانها إنها "منصة صحفية مستقلة أسسها الصحفي محمد أبو الغيط، عام 2018، وتضم مجموعة من شباب الصحفيين المصريين، غير المنتمين لأي أحزاب أو جماعات سياسية، فقط يؤدون عملهم الصحفي باحترافية، من أجل مقاومة الشلال المتدفق من الأخبار الكاذبة أو المضللة، وتصحيح تصريحات المسؤولين الحكوميين، والإعلاميين والشخصيات العامة، فضلا عن إنتاج تقارير معمقة وتحقيقات مفتوحة المصدر"، وتابعت "حرصنا على اعتماد سياسة تحريرية لإبقاء هوية صحفيينا غير معلنة، للحفاظ على أمنهم ورسالتهم الإعلامية، وعدم تأثر منصتنا بظروف وحالة الصحافة وبيئتها في مصر"، مؤكدين أنهما "لم يتلقوا أي تمويل من أي حكومة منذ بدأوا العمل قبل 5 سنوات".
إضافة على قوائم المحبوسين
على صعيد متصل، طالبت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بالكشف عن مكان احتجاز أسعد والإفراج عنه، والتحقيق في اتهامات الاعتداء عليه وعلى زوجته.
ويأتي القبض على كريم أسعد وسط مطالبات بالإفراج عن الصحفيين المحبوسين، وكل المحبوسين على ذمة قضايا رأي.
وأكدت اللجنة في بيان لها، اليوم اﻷحد، أن "عودة القبض على الصحفيين تأتي لتنال من مخرجات الحوار الوطني، وتثير التساؤلات حول الجهود المبذولة لإغلاق ملف الحبس الاحتياطي في قضايا الرأي، وهي الجهود التي ما زلنا نطالب بأن تمتد لتشمل جميع الزملاء المحبوسين بدلًا من إضافة أسماء جديدة إلى قوائم الحبس".
تفاصيل "متصدقش"
وفي تغطيتها لموضوع الطائرة، زعمت "متصدقش" إن المتهم الأول هو محمد عبد الحق محمد جودة، وأن الثاني هو مايكل عادل ميشيل بطرس، وأن الثالث هو منير شاكر جرجس عوض. أما الرابع فادعت أنه وليد رفعت فهمي بطرس عبد السيد، وأن الخامس هو ياسر مختار عبدالغفور الششتاوي.