تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية
العنف الرقمي في الدول العربية: نظرة عامة والممارسات القانونية الجيدة، نوفمبر 2025

مبادرة أممية توصي بتجريم العنف الرقمي ضد النساء والفتيات في الدول العربية

هدى فايق
منشور الأربعاء 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية، أمس الثلاثاء، مبادرة لإنهاء العنف الرقمي ضد النساء والفتيات.

وقدمت الهيئة عدة توصيات للحكومات في الدول العربية، في موجز إقليمي بعنوان "العنف الرقمي في الدول العربية: نظرة عامة والممارسات القانونية الجيدة"، يستند إلى دراسة أُجريت في المنطقة عام 2022.

وأوصت بتجريم وحظر جميع أشكال العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، وتعزيز قدرات جهات إنفاذ القانون على التحقيق في الجرائم وملاحقة مرتكبيها وضمان مساءلتهم. 

إضافة إلى تعزيز المساءلة والشفافية لدى شركات التكنولوجيا لإنهاء العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، من خلال الحذف الفوري للمحتوى الضار واعتماد سياسات لإدارة المحتوى ومدونات السلوك. والاستجابة للضحايا والناجيات بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.

وأوصت كذلك بتعزيز الاستجابة للضحايا والناجيات من خلال ضمان الوصول إلى الدعم المتخصص والعدالة، وإدراج نهج يركز على الناجيات من العنف الرقمي ضمن مناهج الجهات المقدمة للخدمات، وتعزيز حماية النساء في الحياة العامة، بما في ذلك السياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان لضمان حقهن في التعبير بحرية وأمان.

ودعم النساء والفتيات والناجيات في إيصال أصواتهن، ودعم مشاركتهن في عمليات وضع التشريعات والسياسيات العامة المتعلقة بالعنف الرقمي. 

وأشارت في تقريرها إلى قانون العقوبات المصري، ضمن القوانين في الدول العربية لمكافحة العنف الرقمي ضد المرأة، لكنها تجاهلت عدم وجود قانون لمكافحة العنف ضد المرأة.

وسبق وتشكلت قوة عمل من 6 منظمات نسوية في 2017 لإعداد مقترح قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة، ونجحت في توصيل المسودة الأولى للبرلمان عبر النائبة نادية هنري في 2018، ثم النائبة نشوى الديب عام 2022، واختفت.

وفي أبريل/نيسان الماضي أعلنت مؤسسة قضايا المرأة المصرية عن المسودة الثانية لمقترح "القانون الموحد لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات"، الذي شاركت في إعداده 5 مؤسسات حقوقية.

وتضم المسودة الثانية التي اطلعت عليها المنصة أربعة أبواب؛ الأحكام العامة والتعاريف، وجرائم العنف الرقمي والجرائم الجنسية، والإجراءات القضائية والتحقيقات والإثبات، وإجرءات الحماية، بإجمالي 81 مادة.

كما استحدثت المسودة الجديدة باب الحماية الذي نص على "إنشاء صندوق مساعدة ضحايا جرائم العنف ضد النساء والفتيات، وجبر للأضرار التي تعرضت لها الضحايا وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لهن، يُمول من الميزانية العامة للدولة".

وترتفع وتيرة العنف ضد المرأة، ووفقًا لإحصاءات عام 2023، تتعرض ما يقرب من 8 ملايين امرأة للعنف سنويًا في مصر. 

وبالنظر في دراسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية، التي أجريت في 2022، فإن الناشطات في مجال حقوق الإنسان هن الأكثر عرضة للعنف الرقمي، حيث تشير بيانات الهيئة إلى أن 70% منهن تلقّين صورًا أو رموزًا غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي، كما تلقت 62% منهن رسائل مهينة أو مفعمة بالكراهية، بينما أفادت 58% من العينة بتلقي مكالمات هاتفية غير لائقة أو غير مرغوب فيها. 

ولا تفلت صغيرات السن من العنف الرقمي إذ تفيد غالبية الفتيات بأن أول حالات تعرضهن للتحرش الجنسي عبر السوشيال ميديا كانت بين سن 14 و16 عامًا. 

وتصل نسبة النساء العربيات المستخدمات للإنترنت اللاتي أفدن بأنهن لا يشعرن بالأمان من التحرش عبر الانترنت إلى 49%.

لا يقتصر الأذى الناتج عن العنف الرقمي على الأذى النفسي بل يمتد إلى الحياة الواقعية خارج الإنترنت كما ذكرت 44% من النساء اللاتي تعرضن للعنف الرقمي خلال فترة امتدت لعام كامل، حسب الدراسة.

يقلل المجتمع من تأثير العنف الرقمي على النساء ويظهر ذلك في ردود الأفعال إذ طُلب من 36% من النساء اللاتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت تجاهل الأمر، فيما أُلقي اللوم على 23% منهن، ووصل الأمر إلى الإيذاء الجسدي لـ12% منهن من قبل عائلتهن، وفق الدراسة ذاتها.

وتكشف نتائج الدراسة التي شملت مرتكبي العنف الإلكتروني الأسباب التي تقف وراء ممارستهم لهذه الأفعال، إذ ذكر أكثر من ربع الرجال الذين اعترفوا بممارسة العنف عبر الإنترنت أنهم فعلوا ذلك "لأنه حق لهم"، بينما قال آخرون إنهم مارسوه "بدافع التسلية".

فيما تعجز القوانين في الدول العربية عن السيطرة على هذه الجرائم، خاصة وأن معظمها يتبع نهج تعديل القوانين لتشمل جرائم الإنترنت كما حدث في مصر إذ عملت على توسيع نطاق القوانين الخاصة بالتحرش الجنسي لتشمل الأفعال المرتكبة عبر الوسائل الرقمية، وهو نهج يساهم في نمكين الناجيات من الوصول إلى العدالة لكنه لا يعالج طريقة استهداف العنف الرقمي للنساء والفتيات على الإنترنت وخارجه.