اندلعت اشتباكات عنيفة، مساء أمس الأربعاء، في بادية معدان شرقي محافظة الرقة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، إثر ما وصفته وسائل إعلام سورية رسمية بهجوم مفاجئ شنّته "قسد" على مواقع انتشار الجيش في المنطقة.
وقالت قناة الإخبارية السورية إن مدفعية الجيش ردّت على ما قالت إنه "مصادر نيران قسد" بعد استهداف نقاط عسكرية في ريف الرقة الشرقي.
ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر محلية لم تسمّها أن عددًا من جنود الجيش السوري قُتلوا في الهجوم، فيما أشارت مصادر أخرى إلى سقوط قتلى وجرحى من صفوف "قسد" خلال الاشتباكات، دون صدور حصيلة رسمية من أي من الطرفين.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي يُشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري على معظم المناطق الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا، وتلقى دعمًا من الولايات المتحدة، حسب رويترز.
من جانبها، قالت "قسد" في بيان إن قواتها تعاملت مع مواقع "استخدمها تنظيم داعش لإطلاق طائرات مسيّرة" شرق الرقة، موضحة أنها أسقطت الأربعاء طائرتين مسيرتين مصدرهما "نقاط تمركز فصائل تابعة لحكومة دمشق" قرب قرية غانم العلي.
ونشرت القوات تسجيلًا قالت إنه مستخرج من إحدى المسيرتين من نوع Matrice M30، مشيرة إلى أنه يظهر "استخدام عناصر التنظيم لتلك النقاط كقواعد لإطلاق المسيّرات".
واتّهمت "قسد" فصائل حكومية بشن "سلسلة هجمات خلال الأسبوع الحالي" بالتزامن مع نشاط لخلايا التنظيم، معتبرة أن تلك النقاط تُستخدم فعليًا في عمليات الاستهداف.
وتأتي الاشتباكات الأخيرة في ظل توتر مستمر بين الجيش و"قسد" لم يصل سابقًا إلى مواجهة واسعة، رغم تسجيل احتكاكات محدودة خلال الأشهر الماضية.
ففي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قُتل جنديان سوريان قرب سد تشرين شرق حلب، واتهمت وزارة الدفاع السورية "قسد" حينها بـ"رفض التفاهمات السابقة واستهداف نقاط الجيش"، بينما نفت "قسد" مسؤوليتها، وقالت إن الانفجار ناتج عن ألغام في محيط النقطة العسكرية.
هذا التوتر يلقي بظلاله على الاتفاق الموقع في 10 مارس/آذار الماضي بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، والذي تضمّن دمج "قسد" والإدارة الذاتية في مؤسسات الدولة السورية، وعودة المهجرين، وتوحيد إدارة المعابر وحقول النفط، إلى جانب وقف شامل لإطلاق النار في جميع مناطق التماس.
وكان من المقرر تنفيذ الاتفاق قبل نهاية العام، إلا أن الشرع قال في سبتمبر/أيلول الماضي، إن هناك "تعطيلًا أو تباطؤًا" في تنفيذه.
وأعرب عبدي، في كلمة ألقاها أمس الأربعاء في كردستان العراق، عن أمله باستكمال جميع بنود الاتفاق خلال الأسابيع المقبلة، مؤكدًا أن قواته "لا تشكّل تهديدًا لأحد" وأنها تعمل "تحت مظلة الدولة السورية".
وتُعد المنطقة الشرقية من سوريا إحدى أكثر الجبهات حساسية، مع تداخل مناطق انتشار الجيش السوري، و"قسد"، وقوات التحالف الدولي، إضافة إلى نشاط متزايد لخلايا تنظيم داعش خلال الأشهر الماضية.
وتثير الاشتباكات الأخيرة مخاوف من عرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي الذي قالت أطرافه إنه أنهى خطاب الكراهية وفتح الباب أمام ترتيبات أمنية جديدة في شمال وشمال شرق البلاد.