قال سكان من غزة إنهم دفعوا 2000 دولار أمريكي للمقعد الواحد على متن طائرة أقلتهم وعائلاتهم إلى جنوب إفريقيا في رحلة رتبتها مجموعة قالت إنها "تقدم طريقًا للخروج من القطاع المدمر"، فيما اعتبرت جنوب إفريقيا أمس الاثنين أن ما حدث "يبدو جزءًا من محاولة لتهجير الفلسطينيين"، حسب رويترز.
وأعلنت سلطات الحدود في جنوب إفريقيا، الجمعة الماضي، السماح بدخول 130 فلسطينيًا وصلوا إلى البلاد قادمين من كينيا، بعد رفض دخولهم في البداية لعدم استيفائهم شروط الهجرة.
وسمح للمسافرين بدخول جنوب إفريقيا بعد أن تلقت وزارة الشؤون الداخلية مراسلات من منظمة "جيفت أوف ذا جيفرز" الإنسانية، التي عرضت إيواء الفلسطينيين أثناء إقامتهم.
وبحلول ذلك الوقت، كان 23 من أصل 153 شخصًا انتقلوا بالفعل إلى وجهات أخرى، تاركين البقية الذين تم قبولهم تحت رعاية المنظمة.
https://x.com/Raseef22/status/1990456972278415412
وقالت هيئة إدارة الحدود إن مجموعة تضم 153 فلسطينيًا هبطت في جوهانسبرج على متن رحلة مستأجرة تابعة لشركة "جلوبال إيروايز"، دون توضيح مدة الإقامة أو مكانها، ودون أختام مغادرة في جوازات سفرهم لإظهار المكان الذي استقلوا منه الطائرة.
وقال فلسطينيان من غزة، أجرت رويترز مقابلات معهما، إنهما كانا من بين 130 فلسطينيًا سمحت لهم جنوب إفريقيا بالدخول بعد نقلهم بالحافلات من غزة وسفرهم جوًا من مطار إسرائيلي الأسبوع الماضي ووصلوا إلى جوهانسبرج يوم الخميس بعد توقف في نيروبي.
وقال وزير خارجية جنوب إفريقيا رونالد لامولا، الذي تدعم حكومته منذ فترة طويلة التطلعات الوطنية الفلسطينية وتتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة، أمس الاثنين، إن السلطات في جنوب إفريقيا تحقق فيما وصفه بالظروف المشبوهة التي أحاطت بوصول الطائرة.
وأوضح في مؤتمر صحفي "يبدو أن هذا يمثل أجندة أوسع نطاقًا لإزالة الفلسطينيين من فلسطين".
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا الرئيس الأمريكي كلًا من مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة. لكن هذه الدعوة قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.
وردًا على سؤال حول تصريحات لامولا، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، لم تسمه رويترز، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "أوضح أنه إذا أراد الفلسطينيون المغادرة، فيجب السماح لهم بمغادرة قطاع غزة. وإذا أرادوا العودة إلى قطاع غزة، فيجب السماح لهم بالعودة أيضًا".
ولم يتطرق المتحدث بشكل مباشر إلى مسألة كيفية وصول المجموعة الفلسطينية إلى جنوب إفريقيا.
وصرح مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق/COGAT، الذراع العسكري الإسرائيلي المشرف على الشؤون المدنية في غزة، بأن الغزيين غادروا بعد حصولهم على موافقة من دولة ثالثة، لم يُسمِّها، لاستقبالهم، وأنهم يحملون تأشيرات سارية. وأضاف أن طلب مغادرتهم تضمن "وثائق تؤكد تصريحًا بالهبوط في جنوب إفريقيا".
وقال لامولا "إن المعلومات المتوفرة لدينا في هذه المرحلة هي أنهم لم يحصلوا على الموافقات والتصاريح المطلوبة"، مضيفًا أن الأمر قيد التحقيق.
وفي مايو/أيار، أفادت رويترز بأن إسرائيل خففت القيود المفروضة على مغادرة الفلسطينيين لقطاع غزة، وأن نحو ألف منهم نُقلوا بالحافلات إلى خارج القطاع على متن رحلات جوية متجهة إلى أوروبا وأماكن أخرى. وكانت رويترز ذكرت آنذاك أن المغادرة تتطلب تقديم طلب إلى إسرائيل من حكومة أجنبية.
وقال الفلسطينيان إنهما شاهدا إعلانات إلكترونية نشرتها منظمة تُدعى "المجد أوروبا" تُتيح فرصةً لمغادرة غزة، فتقدما بطلبٍ قبل نحو ستة أشهر. كان العرض مُتاحًا للعائلات فقط، ويشترط امتلاك المتقدمين جواز سفر.
وأرسلت رويترز بريدًا إلكترونيًا إلى "المجد أوروبا" على عنوانها الموجود على موقعها الإلكتروني، لكنها لم تتلقَّ ردًا فوريًا. ولم يُذكر رقم الهاتف.
وتلقى الفلسطينيان في النهاية رسائل من "المجد أوروبا" عبر واتساب تُعلمهما بحصولهما على تصريح أمني. غادرا غزة على متن حافلات، ونُقلا عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، قبل أن يُقلا جوًا من مطار رامون. وصلا إلى جنوب إفريقيا في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
في أغسطس/آب الماضي، أكدت أسوشيتد برس أن إسرائيل تجري محادثات مع جنوب السودان بشأن إمكانية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ونفت جنوب السودان.
وفي مارس/آذار الماضي وافق مجلس الوزراء السياسي الأمني الإسرائيلي على اقتراح جيش الاحتلال بإنشاء وكالة عبور طوعي لسكان غزة "الذين يعربون عن اهتمامهم بالخروج إلى دول ثالثة، مع مراعاة أحكام القانون الإسرائيلي والدولي ووفقًا لرؤية ترامب"، وقتها قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس "سنسمح لأي مواطن في غزة يرغب في الانتقال طوعًا إلى دولة ثالثة أن يفعل ذلك".
وسبق أن نفت السفارة الأمريكية في طرابلس ما نقلته NBC News عن 5 مسؤولين مطلعين لم تسمهم حول عمل إدارة ترامب على تهجير نحو مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم. وقبل نفي السفارة الأمريكية في طرابلس، أكد برلمانيون وسياسيون ليبيون رفضهم خطة ترامب.
وفي مارس/آذار الماضي أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صوماليلاند لا تمانع في استيعاب أهالي قطاع غزة لديها شريطة الاعتراف بها، وأن مسؤولين أمريكيين تواصلوا مع حكومات من شرق إفريقيا لمناقشة إمكانية نقل النازحين الفلسطينيين من غزة.
"أنا مريض بسرطان الغدد الليمفاوية. كم من الوقت كنت سأنتظر حتى يتم إجلائي؟ كان عليّ المغادرة لتلقي العلاج ولضمان حياة أفضل لعائلتي"، هذا ما قاله رمزي أبو يوسف، 42 عامًا، لرويترز عبر الهاتف من جوهانسبرج.
وغادر أبو يوسف مع زوجته وأطفاله الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و10 و12 عامًا، وقال إن اثنتين من بناته قتلتا في هجوم إسرائيلي في يونيو/حزيران 2024 خلال غارة على مخيم النصيرات، حيث دمر منزله.
وقال الفلسطيني الثاني، الذي طلب من رويترز عدم الكشف عن هويته، خوفًا على سلامته وإزعاج مضيفيه الجدد، إن عائلته قررت على مضض مغادرة غزة بعد أن عاشت شهورًا من القصف واضطرت لإخلاء منزلها في دير البلح عدة مرات.
غادر الفلسطيني الثاني، البالغ من العمر 35 عامًا، مع زوجته وطفليه، صبي في الرابعة من عمره وفتاة في الثانية من عمرها.
وجنوب إفريقيا داعمة للقضية الفلسطينية، ورفعت قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في عام 2023، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، بينما ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات.