حذرت 25 جمعية ومؤسسة أهلية من خطر العنف الإلكتروني التي تتعرض له النساء المرشحات في الانتخابات البرلمانية، وقالت إنه يدفع بالكثيرات من العاملات في المجال العام إلى العزوف عن الترشح أو تولي مناصب قيادية.
وطالبت، في بيان أمس الأربعاء، بمواجهة الحملات الإلكترونية ضد النساء العاملات في المجال العام، والتأكيد على أن حرمة الحياة الخاصة محمية بحكم الدستور المصري وفقًا للمادة (99).
يأتي البيان عقب نشر تسجيل صوتي مسيء لإحدى النائبات عبر أحد المواقع الإلكترونية، وحال دفاع إحدى المرشحات عنها لوقف نشر التسجيل شن نفس الموقع الإلكتروني حملة ضدها أيضًا.
وأوضحت المحامية ورئيسة مجلس إدارة الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واستشاري النوع الاجتماعي زينب خير لـ المنصة أن البيان هدفه تسليط الضوء على خطورة استخدام أساليب التشهير والعنف الإلكتروني ضد النساء المرشحات في الانتخابات، وأن هذه الممارسات قد تؤدي إلى عزوف أخريات عن خوض التجربة السياسية من الأساس.
وقالت إن "تبرير نشر التسجيلات المسيئة ضد النائبات تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير يُعد انتهاكًا صريحًا للحياة الخاصة"، مؤكدة أن "المسؤولية القانونية تقع على عاتق الجهة الناشرة مهما كانت مصادر المحتوى".
وأضافت أن خطورة مثل هذه التسجيلات تكمن في إمكانية استخدامها لاحقًا للابتزاز والتشهير.
وترى زينب خير أن العنف الإلكتروني الذي تتعرض له المرشحات الآن لا يمكن فصله عن الموجة المجتمعية الواسعة من الهجوم على النساء في المجال العام، سواء كنّ نائبات أو مرشحات أو حتى صانعات محتوى على السوشيال ميديا.
وقالت "نحن أمام تصاعد خطير للعنف الرمزي والرقمي ضد النساء، والسكوت عنه في الفضاء الإلكتروني، الذي ما زال بلا ضوابط حقيقية، يفتح الباب لمزيد من العنف السياسي والرقمي، ويُهدد بتقويض مشاركة النساء في الحياة العامة".
يذكر أن المجلس القومي للمرأة أطلق الاستراتيجية المصرية لمكافحة العنف ضد المرأة 2015-2020، التي ترتكز على أربعة محاور رئيسية، هي الوقاية والحماية والتدخل والملاحقة القانونية. وتهدف إلى خلق مجتمع آمن خالٍ من العنف يضمن الحماية للمرأة.
وأوضحت أن الجمعية بدأت مؤخرًا العمل على آليات لمناهضة العنف الإلكتروني ضد النساء، بعد ملاحظة تصاعد هذه الظاهرة.
ووصفت منظومة الحماية القانونية للنساء العاملات في المجال العام بأنها تعاني من ثغرات كبيرة في التنفيذ والردع "رغم وجود تشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وآليات الشكاوى داخل النقابات المهنية مثل الصحفيين والإعلاميين".
ودعت المنظمات الموقعة على البيان إلى تنسيق مشترك مع نقابتي الإعلاميين والصحفيين لوضع معايير مهنية حساسة للنوع الاجتماعي في تغطية قضايا النساء والمرشحات خلال الفترات الانتخابية.
من جانبها، وصفت رئيسة لجنتي المرأة والحريات في نقابة الصحفيين إيمان عوف، في تصريح لـ المنصة، حملات التشهير ضد النائبتين بـ"الانتهاك الجسيم، وانعكاس لنظرة المجتمع للنساء، ولمشاركتهن في المجال العام".
واعتبرت تلك الواقعة الصادرة عن موقع صحفي "أمر مشين ومخزي، ومُحرِج جدًا أن تصدر هذه الممارسات من بعض من ينتمون لمهنة الصحافة".
"أنا مثًلا كرئيسة لجنة المرأة، تعرضت لبعض حملات التشهير والاستهداف القائم على النوع بعد نجاحي في الانتخابات من بعض الصفحات المشبوهة، وتم التلميح لبعض الأمور التي تحمل إدانة وتدخل في الحياة الشخصية، لكن في المقابل وجدت دعم كبير من المجتمع الصحفي بصفة خاصة والمجتمع بشكل عام" تقول إيمان عوف.
وحول الإجراءات التأديبية التي تتخذها النقابة حاليًا ضد الصحفيين أو المواقع التي تنشر محتوى يتضمن تشهيرًا، قالت "النقابة لديها مجموعة من الآليات مثل الإحالة للتحقيق في مثل هذه النوعية من القضايا، مؤخرًا مثلًا وصلت لنا شكاوى لها علاقة بانتهاكات لحقوق النساء وتجاوز من بعض المؤسسات الإعلامية في حقهن، وحققنا في هذه الشكاوى".
"لكن احنا ولايتنا بتكون على الصحفي عضو نقابة الصحفيين، ويتم إحالته في مثل هذه الممارسات للتحقيق، وقد يصل الأمر لشطبه من جداول النقابة، لكن في المقابل هناك المجلس الأعلى للإعلام هو المسؤول عن المواقع الإلكترونية وإصدار التراخيص لها، ومن ثم عليه القيام بدوره وله كامل الصلاحيات في أن يعاقب أو يحقق أو يدين هذه النوعية من الممارسات".
ووصفت مُطالبة البيان بالتنسيق بين النقابة والمجلس القومي للمرأة بـ"الاقتراح العظيم"، وقالت "ليس هناك بروتوكول تعاون بين النقابة والقومي للمرأة، لكن النقابة منفتحة على أي مبادرات من هذا النوع".
وأوضحت أن النقابة لديها مدونتي سلوك، كانتا نتاج نقاشات المؤتمر السادس، وتعكف لجنة المرأة خلال الفترة الحالية، عبر جلسات نقاش مطولة على إعادة صياغتهما، قبل إقرارهما من مجلس النقابة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهدت جلسة "نحو ميثاق شرف صحفي عصري ومدونات للسلوك"، ضمن فعاليات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين جدًلا واسعًا بين مطالب الصحفيات بتفعيل مدونة سلوك تناهض التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي في المؤسسات الصحفية، ورأي البعض الآخر أن الصحافة تحتاج لحرية قبل المطالبة بحقوق المرأة.