انتقد دفاع النائب السابق هيثم الحريري الحكم باستبعاده من الترشح في انتخابات مجلس النواب المقبلة، استنادًا إلى مبدأ قضائي أرسته المحكمة الإدارية العليا إبان انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة يمنع ترشح الأفراد الصادر بحقهم قرارات من وزير الدفاع بـ"الاستثناء" من أداء الخدمة العسكرية.
وقال المحامي الحقوقي خالد علي لـ المنصة إن الحكم يشكل "سابقة خطيرة" تُمهِّد لاستبعاد المزيد من المرشحين بناءً على قرارات وزير الدفاع المتعلقة بالاستثناء وغير القابلة للطعن.
وفي حيثيات حكمها، التزمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بمبدأ أرسته المحكمة الإدارية العليا، في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، إذ قضت برفض ترشح المستثنين من أداء الخدمة العسكرية، وهي صيغة ترتبط غالبًا بالمعارضين السياسيين وأقاربهم، للمجالس النيابية.
وقالت المحكمة في الحيثيات، التي حصلت المنصة على نسخة منها، إن المشرّع استهدف من اشتراطه لخوض الانتخابات النيابية أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها؛ التأكد من "صدق انتماء المرشح وولائه لوطنه"، معتبرةً أن القرارات التي يصدرها وزير الدفاع بـ"الاستثناء" من أداء الخدمة العسكرية لا تعادل "الإعفاء" منها، وتمنع صاحبها من خوض الانتخابات.
الاستثناء ليس إعفاءً
وفي منحى بدا قائمًا على أسباب أمنية، ميّزت الحيثيات بشكل واضح بين الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية واستثناء الشخص من أدائها، كونه ناشئًا عن ظروف موضوعية خارجة عن إرادة المواطن مثل إعفاء الابن الوحيد أو المصاب بأمراض تعوق أدائه خدمة العلم.
أما الاستثناء من أداء الخدمة، فاعتبرته المحكمة إجراءً إداريًا تقديريًا يصدره وزير الدفاع لمقتضيات تتعلق بـ"المصلحة العامة أو أمن الدولة"، ويكون خلفه غالبًا "فعلًا إراديًا" سابقًا من الشخص نفسه، قدرت معه السلطات أن تجنيده "قد يشكل خطرًا على الأمن القومي".
وبناءً على هذه التفرقة، خلصت المحكمة إلى أن حالة هيثم الحريري كـ"مستثنى" بقرار من وزير الدفاع لا تدخل في نطاق الإعفاء القانوني، وبالتالي لا يستوفي أحد الشروط الجوهرية للترشح.
وفي تعليقه على حيثيات الحكم، قال خالد علي إن منطوق المحكمة الذي اعتبر "الاستثناء" من الخدمة العسكرية فعلًا إراديًا "يفتقر إلى الدقة"، مؤكدًا أن المرشح "ليس له أي إرادة في قرار استثنائه على الإطلاق".
وأوضح علي لـ المنصة أن قرار استثناء الحريري كان مرتبطًا بشكل مباشر باتجاه والده السياسي المعارض، وليس بفعل ارتكبه هو شخصيًا.
وأضاف أن "المادة 6 من قانون الخدمة العسكرية التي استند إليها الحكم تشمل حالات كثيرة ومختلفة للاستثناء، ويجب التفرقة بين أسبابها، فإذا كان الشخص ارتكب جريمة إرهابية وتم استثناؤه لهذا السبب، يصبح من المفهوم منعه من الترشح. لكن في حالة شخص لم يرتكب أي جريمة، ولم يصدر ضده أي حكم أو عقوبة، وتم استثناؤه لمجرد تحريات أمنية مرتبطة بوالده، فلا يجب أن يُحرم من حقه في الترشح".
مبدأ خطير بدأ بـ"النور" ولن يتوقف
وفي السياق، اعتبر علي أن الحكم الصادر بحق الحريري "خطير لكنه ليس مفاجئًا". ومضى قائلًا "بدأ تطبيق هذا المبدأ لأول مرة ضد مرشحي حزب النور في انتخابات مجلس الشيوخ الماضية، وحذرنا وقتها من أنه سيُعمم لاستبعاد آخرين، وهو ما حدث بالفعل"، مشيرًا إلى السابقة التي أرستها الإدارية العليا في هذا الصدد.
وفي حكمها الصادر في 16 يوليو/تموز الماضي، رفضت المحكمة الإدارية العليا، وهي أعلى محاكم مجلس الدولة، ما انتهت إليه محكمة بني سويف في حكمها الابتدائي، الذي اطلعت المنصة على حيثياته، بالسماح لأمين حزب النور في محافظة بني سويف بالترشح في انتخابات مجلس الشيوخ، ورفضها مساواة الاستثناء من أداء الخدمة العسكرية بالتهرب من أدائها، واعتبارها أن قرارات الاستبعاد من هذا النوع "لا تصب في الصالح العام الذي يقتضي انتخاب مجلس نواب مُمثَل تمثيلًا ديمقراطيًا سليمًا لا يستبعد أحد دون وجه قانوني، ولا ينبذ فئة أيًا كانت ويؤدي إلى صلابة المجتمع".
وحول أثر ذلك الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا على الطعن الذي ينوي الحريري إقامته أمامها على استبعاده، قلل علي من فرص الحريري في الحصول على حكم بأحقيته في الترشح، "خاصة إذا نظرت القضية نفس الدائرة التي أصدرت الحكم السابق، لكنها قد تختلف إذا نظرتها دائرة قضائية جديدة".
وفي كل الأحوال يرى علي أنه حتى إذا أصدرت دائرة مغايرة حكمًا مختلفًا، فإن "الموضوع لن يُحل وقتها إلا باللجوء إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا لتستقر على مبدأ قضائي واحد يتم العمل به جراء هذه الحالة".
يشار إلى أن الحريري أكد في طعنه الذي رفضته المحكمة، أن قرار استبعاده يمثل "تمييزًا سياسيًا"، وفي تصريحات سابقة لـ المنصة أوضح الحريري أن قرار استثنائه من الخدمة العسكرية في المقام الأول كان مرتبطًا بتاريخ والده السياسي المعارض، وليس بفعل ارتكبه هو.
وعد الحريري استبعاده القائم على هذا السبب "حكمًا بالإعدام السياسي ضد مواطن لم يرتكب أي جريمة"، مشددًا على أن قرار وزارة الدفاع بعدم استحقاقه للخدمة في القوات المسلحة "لا يجب أن يترجم إلى حرماني من حقوقي السياسية".