شهدت مظاهرات الشباب المغربي، أمس الاثنين، تطورات في عدد من المدن، رافقها تدخلات أمنية واشتباكات مع قوات الأمن وتراشق بالحجارة واعتقالات لبعض المشاركين.
انطلقت احتجاجات GenZ السبت الماضي، وكانت مطالبهم محصورة في تطوير قطاعي الصحة والتعليم، منددين بالفساد وضخ الحكومة الأموال في الأحداث الرياضية الدولية، مع إهمالها قطاعي الصحة والتعليم، لتتوسع الاحتجاجات لاحقًا وتشمل الدعوة إلى تطبيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وربط المتظاهرون بشكل مباشر بين نظام الرعاية الصحية المتعثر في البلاد واستثماراتها في الفترة التي تسبق كأس العالم لكرة القدم 2030، مرددين شعارات من بينها "الملاعب هنا، ولكن أين المستشفيات؟".
ويبني المغرب ثلاثة ملاعب جديدة على الأقل، ويرمم أو يوسع ستة ملاعب أخرى، استعدادًا لاستضافة كأس العالم إلى جانب إسبانيا والبرتغال. كما سيستضيف كأس الأمم الإفريقية في وقت لاحق من العام الحالي.
في الدار البيضاء، تدخلت القوات الأمنية أمس بمنطقة درب غلف التي اختارها المحتجون كنقطة انطلاق قبل ساعات من الموعد الرسمي للتظاهرات، في محاولة لتجاوز القيود الأمنية، لكن التحرك انتهى باعتقالات في صفوف المشاركين. كما سُجلت توقيفات جديدة في الرباط، دون أن تُعلن السلطات عن حصيلة دقيقة للموقوفين.
أما في مدينة وجدة، فشهدت الاحتجاجات أعمال عنف، ورشق المحتجون قوات الأمن بالحجارة، ما أدى إلى إصابات في صفوفها.
وحسب مواقع إخبارية مغربية ارتفع عدد المعتقلين إلى أكثر من 60 شخصًا، غالبيتهم بمدينتي الرباط والدار البيضاء.
امتدت الاحتجاجات كذلك إلى الملاعب وروابط المشجعين للأندية والمنتخب الوطني، مُعلنة تعليق أنشطتها الرياضية والكروية.
وأعلنت جمعية "روسو فيردي"، المؤازرة للمنتخبات الكروية الوطنية، غيابها عن مباراتي المنتخب المغربي المقبلتين أمام الكونغو والبحرين، لافتة إلى أن هذا القرار يأتي "انسجامًا مع قناعتها الدائمة بأن دورها لا يقتصر فقط على التشجيع في المدرجات، بل يشمل أيضًا التعبير عن ارتباطها بقضايا الوطن والمجتمع".
وأردفت الجمعية أن "حبها للمنتخب الوطني ثابت لا يتغير، غير أن المرحلة الحالية وما يعرفه المحيط من صعوبات جعلها تختار التوقف المؤقت عن الحضور"، مؤكدة في الوقت نفسه "ضرورة التماشي مع المطالب السلمية للشباب المغربي التي تعد حقوقًا مشروعة كالتعليم والصحة".
وكانت جماهير الوداد الرياضي توقّفت بدورها عند هذه الاحتجاجات الشبابية، واستغلت مباراة فريقها أمام نهضة الزمامرة، الأحد الماضي، لرفع لافتة في المدرجات، من خلال فصيل "وينرز"، جاء فيها "لا تعليم لا تطبيب ويحسن عوان الجيب".
يُشكّل الأشخاص المولودون في المغرب بين عامي 1995 و2010 النسبة الأكبر من السكان، وأُطلق على مظاهرات نهاية الأسبوع اسم احتجاجات GenZ، إذ استلهمها شباب المغرب من نيبال، وعبّرت الاحتجاجات التي قادها الشباب عن غضب واسع النطاق إزاء نقص الفرص والفساد والمحسوبية، بتعبير أسوشيتد برس.
وشهدت نيبال ثورة قادها GenZ خلال الشهر الحالي، بعدما قُتل أكثر من 50 شخصًا خلال مواجهات عنيفة مع شرطة مكافحة الشغب، وذلك أثناء موجة احتجاجات شعبية اندلعت بسبب قرار حكومي بحظر السوشيال ميديا. ورغم رفع الحظر تحولت الاحتجاجات إلى حركة شعبية واسعة، أضرم خلالها محتجون النيران في مبنى البرلمان ومقار حكومية في العاصمة كاتماندو، مما أجبر رئيس الوزراء كاي بي شارما أولي على تقديم استقالته.
وكانت الاضطرابات تفاقمت مؤخرًا بعد وفاة ثماني نساء أثناء الولادة في مستشفى عام في أكادير، وهي مدينة ساحلية كبيرة تقع على بُعد 483 كيلومترًا جنوب الرباط.
وتظاهر المغاربة هذا الشهر أمام المستشفيات في العديد من المدن والبلدات الريفية للتنديد بتدهور الخدمات العامة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، دافع رئيس الوزراء المغربي الملياردير عزيز أخنوش عما سماه "الإنجازات الكبرى" التي حققتها الحكومة في قطاع الصحة، وقال، وهو أيضًا عمدة مدينة أكادير، "لقد أجرينا إصلاحات، ورفعنا مستوى الإنفاق، ونحن بصدد بناء مستشفيات في جميع أنحاء البلاد"، مضيفًا "يواجه مستشفى أكادير مشاكل منذ عام 1962.. ونسعى جاهدين لحلّها".
بعد الاحتجاجات، أقال وزير الصحة المغربي أمين الطهراوي مدير المستشفى ومسؤولين صحيين.
ونفى المسؤولون إعطاء الأولوية للإنفاق على كأس العالم على حساب البنية التحتية العامة، قائلين إن المشاكل التي يواجهها قطاع الصحة موروثة، حسب أسوشيتد برس.
وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2023 أن المغرب لديه 4 أخصائيين طبيين فقط لكل 10 آلاف نسمة، وأقل بكثير في بعض المناطق، وتوصي منظمة الصحة العالمية بـ25 لكل 10 آلاف نسمة.