صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الجمعة، وبأغلبية 142 صوتًا من 164، على "إعلان نيويورك"، الذي يرسم خطوات محددة زمنيًا نحو تطبيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، في خطوة وصفت بأنها الأكثر جدية منذ سنوات لدفع مسار التسوية السياسية.
ولم تعارض القرار إلا عشر دول، هي الولايات المتحدة وإسرائيل والأرجنتين والمجر وباراجواي وناورو وميكرونيسيا وبالاو وبابوا غينيا الجديدة وتونجا. وامتنعت 12 دولة عن التصويت هي ألبانيا والكاميرون والتشيك والكونغو الديمقراطية والإكوادور وإثيوبيا وفيجي وجواتيمالا ومقدونيا الشمالية ومولدافيا وساموا وجنوب السودان.
ويأتي القرار قبل عشرة أيام من انعقاد قمة دولية برعاية السعودية وفرنسا في نيويورك يوم 22 سبتمبر/أيلول الجاري، يتوقع أن تشهد التزامات غربية، بينها تعهّد فرنسي بالاعتراف بدولة فلسطين.
نتائج التصويت على مشروع قرار لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، 12 سبتمبر 2025الإعلان الممتد على سبع صفحات وملحق من 20 صفحة، هو حصيلة مؤتمر دولي عُقد في يوليو/تموز الماضي برعاية الرياض وباريس، ويدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب يونيو/حزيران، تكون القدس الشرقية عاصمتها.
كما يتضمن خريطة طريق تشمل أربع نقاط رئيسية هي الاعتراف بفلسطين والتطبيع الإقليمي المرتبط بمسار الدولة وإصلاحات الحوكمة الفلسطينية والاستجابة الإنسانية.
ويدين الإعلان هجوم حركة حماس في على المدنيين 7 أكتوبر 2023، ويطالبها بإلقاء السلاح. كما يندد أيضًا بالعدوان الإسرائيلي في غزة، وسياسة الحصار والتجويع التي يتبناها الاحتلال بحق المدنيين، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع تحت إشراف أممي.
كما ينص الإعلان على تشكيل لجنة انتقالية في غزة تحت قيادة السلطة الفلسطينية وبمساندة بعثة دولية لتحقيق الاستقرار، إلى جانب تقديم ضمانات أمنية متبادلة لإسرائيل وفلسطين، وفق صيغة "دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد".
من ناحيتها، أكدت إسرائيل رفضها قرار الأمم المتحدة، وقالت في بيان للخارجية إنه "مرة أخرى، يثبت أن الجمعية العامة عبارة عن سيرك سياسي منفصل عن الواقع: ففي العشرات من بنود الإعلان الذي أُقر في هذا القرار، لا يوجد أي ذكر لحقيقة أن حماس منظمة إرهابية".
وتابعت "ولا توجد أي إشارة إلى الحقيقة البسيطة وهي أن حماس تتحمل وحدها مسؤولية استمرار الحرب من خلال رفضها إعادة الأسرى ونزع سلاحها".
وأردفت بأن "القرار لا يقرب من السلام، بل على العكس، يشجع حماس على مواصلة الحرب".
أما الولايات المتحدة، فأعلنت على لسان وزارة خارجيتها أن الوزير ماركو روبيو سيزور إسرائيل اليوم السبت، لمناقشة ملفات من بينها ما وصفت بـ"التحركات المناهضة لإسرائيل"، مثل الاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية تومي بيجوت في بيان إن روبيو سيؤكد مجددًا خلال الزيارته "التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ويشدد على ضمان عدم سيطرة حماس على غزة مرة أخرى".
في المقابل، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إقرار الإعلان بأنه "مسار لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط"، مؤكدًا أن فرنسا والسعودية ستعملان مع الشركاء الدوليين لتحويل الخطة إلى واقع.
فيما اعتبر نائب رئيس الوزراء الفلسطيني حسين الشيخ أن القرار يعكس الإرادة الدولية الداعمة لحقوق الفلسطينيين، ويمثل خطوة مهمة نحو إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة المستقلة.
ورحبت الخارجية الفلسطينية بالتصويت، ودعت إلى الضغط على إسرائيل لوقف حربها في غزة، وإنهاء ما وصفته بسياسة "التجويع كسلاح حرب"، مؤكدة أن تنفيذ حل الدولتين يبقى "الخيار الوحيد" لوقف دوامة العنف والاستيطان.
كما رحبت مصر بالقرار، وقالت في بيان لوزارة الخارجية مساء أمس، إن حجم تأييد الإعلان هو دليل دامغ على الدعم الدولي الواسع للحقوق الفلسطينية المشروعة، وخاصة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة على خطوط 4 يونيو 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها.
ودعت مصر جميع الدول التي صوتت لصالح القرار إلى تضافر الجهود من أجل تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي المؤسّس لهذا الإعلان، والعمل على استعادة عملية السلام في الشرق الأوسط، ووضع حد للسياسات الإسرائيلية العدوانية.
وشدّدت على أن تحقيق الهدف لن يتم دون وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية، واستخدام التجويع أو الحصار كسلاح مجحف، ورفض محاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ارتكب خلاله جيش الاحتلال مئات المجازر التي أسفرت عن مقتل نحو 65 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 164 ألف آخرين، وفق البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما مارس سياسة التجويع بفرض حصار شديد على إدخال المساعدات ما أسفر عن وفاة 413 شخصًا بينهم 143 طفلًا نتيجة المجاعة.