كشف مصدران في حركة حماس مطلعان على مفاوضات القاهرة أن الوسطاء المصريين أدخلوا تعديلات على مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بما جعله أقرب لمطالب الحركة، خصوصًا ما يتعلق بخطوط الانسحاب وأعداد المحتجزين الفلسطينيين المشمولين بالاتفاق.
وأمس، وافقت حماس على مقترح تسلمته من مصر وقطر لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا، وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة طاهر النونو إن المقترح لا يتضمن أي بند لنزع سلاح المقاومة.
وقال مصدر بالحركة لـ المنصة إن أبرز التعديلات شمل تقليص عمق المنطقة العازلة في المناطق السكنية من 1500 متر، كما اقترحت إسرائيل، إلى 800 متر، وهو ما يقترب من مقترح حماس السابق البالغ 600 متر، كما نص على انسحاب جيش الاحتلال من محور موراج في جنوب القطاع ومدينة رفح، مع السماح له بالوجود بعمق 1800 متر في المنطقة الحدودية مع مصر.
وأشار المصدر، الذي رفض نشر اسمه، إلى أن حكومة الاحتلال تسعى للإبقاء على سيطرتها في مناطق توجد فيها مجموعات مسلحة محلية متحالفة معها لضمان استمرار خطط التهجير، وهو ما يفسر تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم الانسحاب من محور موراج، الذي أقامه جيش الاحتلال عقب انقلاب إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار السابق في مارس/آذار الماضي.
وأوضح أن "حكومة الاحتلال كانت تراعي الحفاظ على أن تظل المناطق التي يوجد بها عناصر ميليشيا ياسر أبو شباب المتحالفة مع جيش الاحتلال تحت سيطرتها لضمان عدم المساس بهم، وكذلك استمرار عمليات تجهيز المنطقة لتهجير سكان القطاع إليها".
وفي ملف المحتجزين، نص المقترح المعدل على إطلاق سراح 1700 محتجز فلسطيني، بينهم 1500 من قطاع غزة اعتقلوا بعد الاجتياح البري، و200 من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، وكانت إسرائيل اقترحت الإفراج عن ألف محتجز فقط، بينما طالبت حماس بإطلاق 300 من أصحاب المؤبدات، قبل أن تقبل بالصيغة المصرية المخففة.
كما تراجعت الحركة عن إدراج عناصر من "كتائب القسام" ضمن قوائم الإفراج، مقابل زيادة عدد المحتجزين من غزة.
وحسب مصدر آخر بالحركة، طلب أيضًا عدم نشر اسمه، تضمنت التعديلات زيادة عدد شاحنات المساعدات المسموح بدخولها يوميًا إلى القطاع من 500 إلى 600، مع السماح بإدخال مواد إيواء وخيام دون قيود على أماكن نشرها.
وأضاف أن حماس وافقت على المقترح الجديد رغم تخفيف بنود الضمانات الخاصة باستئناف المفاوضات لإنهاء الحرب، معتبرًا أن القبول جاء "لتخفيف معاناة شعبنا في غزة"، فيما تُرك ملف الضمانات لإدارة الوسطاء.
في سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، خلال مؤتمر صحفي اليوم، إن رد حماس الإيجابي على المقترح "يتطابق بشكل كبير مع ما وافقت عليه إسرائيل سابقًا"، مشيرًا إلى أن المقترح يتضمن "مسارًا نحو اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وهو أفضل ما يمكن تقديمه الآن لحقن دماء الفلسطينيين".
وأضاف الأنصاري أن قطر، بالتعاون مع مصر، تبذل جهودًا للتوصل إلى أي صيغة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، محذرًا من أن "عدم التوصل إلى اتفاق سيقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة".
وتابع "لا نزال في انتظار الرد الإسرائيلي على المقترح، ونحن في لحظة إنسانية فارقة، وإن لم نصل إلى اتفاق الآن فنحن أمام كارثة إنسانية ستجعل الكوارث التي سبقتها تتقزّم أمامها".
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة، واستأنفت حربها في القطاع، ولم يتمكن الوسطاء حتى الآن من إتمام هدنة أخرى أو اتفاق شامل يُجبر إسرائيل على إنهاء الحرب، رغم استمرار المفاوضات بهذا الشأن.