واصل عمال شركة مصر العامرية للغزل والنسيج بمحافظة الإسكندرية إضرابهم عن العمل لليوم الثاني عشر احتجاجًا على ما وصفوه بـ"التلاعب في تطبيق الحد الأدنى للأجور" والمطالبة بمراعاة التدرج الوظيفي، إضافة لمطالبتهم بإقالة الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة أحمد عمرو رجب، ومستشاريه، لتعنتهم الشديد ضد العمال، فيما استدعت مباحث الأمن الوطني بالإسكندرية 5 عمال للتحقيق معهم بشأن الإضراب، حسب عدد من العمال لـ المنصة.
ويطالب العمال المضربون بصرف العلاوات المتأخرة وزيادة بدل الوجبة، واحتساب الإضافي عن يوم السبت على الأجر الشامل وليس الأساسي، وزيادة حافز الإنتاج، وعدم إجبارهم على التنازل عن رصيد الإجازات السنوية.
وقال أحد العمال لـ المنصة إنه في شهر مارس/آذار الماضي قالت الشركة إنها ستطبق الحد الأدنى للأجور المقرر بـ7 آلاف جنيه، لكن ذلك لم يحدث فعليًا وما حدث كان "مجرد تحايل على القرار وتلاعب في بنود الأجر"، حيث أضافت الإدارة إلى قسيمة الراتب بندًا أسمته المتمم للحد الأدنى، ويختلف المبلغ المدون في هذا البند من عامل إلى آخر حسب راتبه، ويتم تغيير مبلغ هذا البند أكثر من مرة للعامل الواحد.
يوضح العامل الذي طلب عدم نشر اسمه "صافي راتبي قبل ادعاء الشركة تطبيق الحد الأدنى كان 4000 جنيه، وأضيف بند المتمم للحد الأدنى بقيمة 1500 جنيه، ليصبح صافي راتبي 5500 جنيه، بعدها تم إقرار علاوة بقيمة 200 جنيه، فنقص المبلغ المدون في بند المتمم للحد الأدنى من 1500 إلى 1300 جنيه، دون أن يزيد راتبي جنيهًا واحدًا حيث ظل كما هو 5500 جنيه، وهكذا كلما أضيفت علاوة أو أي مزايا مالية أخرى يخفض المبلغ المدون في بند المتمم ويظل الراتب كما هو".
وأشار العامل إلى أنه منذ مارس الماضي كان يحتسب الإضافي عن يوم السبت ضمن الحد الأدنى، أيضًا، بالمخالفة لقرار تطبيق الحد الأدنى، لكن بعد الغضب الشديد الذي ساد وسط العمال صرف الإضافي عن شهر يوليو/تموز الماضي خارج الحد الأدنى "بعد ما انكشف تلاعبهم بالمرتبات، وانفضحوا، وعرفوا إن العمال مش هيسكتوا، حبوا يضحكوا علينا فخرجوا الإضافي بره الحد الأدنى بعد شهور من النصب علينا".
وقال عامل ثانٍ لـ المنصة إنهم طالبوا كثيرًا بتعديل الرواتب وتطبيق الحد الأدنى دون تلاعب مع مراعاة التدرج الوظيفي، لكن رئيس الشركة استمر في تعنته ضدهم، ما اضطرهم للدخول في إضراب عن العمل وتوقف كافة مصانع الشركة منذ 30 يوليو الماضي.
وأضاف العامل الذي طلب عدم نشر اسمه أنه منذ بداية الإضراب يتم الضغط عليهم وتهديدهم بالفصل والحبس من مديري الشركة، خاصة رئيس الشؤون القانونية محمود العوضي، مشيرًا إلى استدعاء مباحث الأمن الوطني بالإسكندرية لنحو 5 عمال للتحقيق معهم حول الإضراب قبل يوم واحد من بدء انتخابات مجلس الشيوخ، حيث حاول ضابط الأمن الوطني الذي حقق معهم الضغط عليهم لإنهاء الإضراب ووعدهم بزيادة 15% أول العام 2026، وهو ما رفضه العمال، مواصلين الإضراب في اليوم التالي للتحقيق معهم.
وقالت عاملة أخرى لـ المنصة إنهم يعانون من تدني الرواتب بشكل كبير، حيث لا يزيد صافي ما تتقاضاه بعد 38 عامًا خدمة بالشركة عن 5800 جنيه، مضيفة "بعد ما بنينا الشركة على اكتافنا، وفنينا عمرنا فيها، وصحتنا راحت، مرتباتنا مش بتكفينا ناكل ونشرب، بعد العمر ده كله نتحوج وما نلاقيش اللي يكفينا ويستر عيشتنا".
وبينما تتضاءل قيمة رواتب العمال ويتم التحايل لانتقاصها و"التلاعب في تطبيق الحد الأدنى" حسب وصف عدد منهم، فإنهم يؤكدون الفجوة الكبيرة بين رواتبهم وبين ما يتقاضاه مستشارو الرئيس التنفيذي للشركة ومديرو الإدارات الذين جلبهم معه عند تعيينه والتي تصل رواتبهم لـ100 ألف جنيه، حيث قال عامل رابع لـ المنصة "رئيس الشؤون القانونية بياخد أكثر من 70 ألف جنيه راتب، وكذلك مدير المبيعات والمخازن، ومدير أمن الشركة مرتباتهم من 50 لـ80 ألف جنيه، ده غير المستشارين اللي بياخدوا بالـ100 ألف وهم قاعدين في التكييفات، ولما واجهنا الرئيس التنفيذي بالكلام ده قال هم مش بياخدوا حاجة من جيوبكم، أنا حر".
ويتساءل العامل الذي طلب أيضًا عدم نشر اسمه " عايزين نعرف إيه هو العمل اللي يستحق عليه مدير شؤون قانونية أو مدير مبيعات أو مستشار لرئيس الشركة مرتب 50 أو 100 ألف جنيه؟ ولما رئيس الشركة بيقول مش بياخدوا حاجة من جيوب العمال، ممكن يقولنا هو شخصيًا بياخد مرتبه منين غير من عرقنا وشقانا؟".
وأشار العامل إلى أنه قبل تولي أحمد عمرو رجب رئاسة الشركة، كان من يتولى تلك الإدارات من موظفي الشركة ولم تكن الفروق في الأجور بهذا الشكل، بل كانت الزيادة في رواتبهم عن رواتب العمال معقولة.
ولا تقتصر معاناة عمال مصر العامرية للغزل والنسيج، البالغ عددهم نحو 1000 عامل، فضلًا عن عمال اليومية، عند إشكالية تطبيق الحد الأدنى والعلاوات والحوافز، بل تمارس الإدارة تعنتًا شديدًا ضدهم، في العديد من النواحي، حيث يتم إجبار العمال الذين اقتربوا من سن المعاش على القيام بإجازات طويلة تصل إلى 120 يومًا متتالية حتى لا يتقاضوا مقابل رصيد الإجازات عند خروجهم على المعاش، وتخيرهم ما بين ذلك والتنازل عن رصيد الإجازات في الشهر العقاري، ويهدد من يرفضون الخيارين بالنقل، وممارسة إجراءات تعسفية ضدهم في "آخر عمرهم الوظيفي"، حسبما قال ثلاثة عمال آخرون لـ المنصة.
كما يتراكم على الشركة متأخرات بنحو 5 ملايين جنيه للتأمينات ما أدى لتوقف بعض الخدمات العلاجية "في عاملة زميلتنا كان عندها جراحة، اتوقفت، المستشفى قالتلها الشركة ما دفعتش اشتراكاتكم"، يؤكد أحد العمال لـ المنصة.
وشهدت شركة مصر العامرية للغزل والنسيج العديد من الاحتجاجات خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2019 نظم العمال إضرابًا للمطالبة بتعديل الرواتب، وفي عام 2015 نظم عدد من العاملين بالشركة وقفة احتجاجية أمام مديرية القوى العاملة بالإسكندرية لاستمرار إغلاق الشركة والمماطلة في تشغيلها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 دخل عمال الشركة في إضراب عن العمل بعد ما أشيع عن إنهاء عقود حوالي 300 عامل مؤقت بالشركة.
وشركة مصر العامرية للغزل والنسيج هي شركة مساهمة مصرية مملوكة بالكامل لبنك مصر، وتضم عددًا من المصانع منها النسيج والملابس والغزل والتبيض والصباغة والطباعة.