بدأ اليوم تصويت المصريين في الداخل في انتخابات مجلس الشيوخ، وبينما شهد محيط مراكز الاقتراع "إقبالًا كبيرًا" خلت اللجان من الناخبين، في أوقات كثيرة، وكان "البون" البطل الرئيسي، وهو ما رصدته المنصة في جولة لساعات في أحياء المعادي ودار السلام والزمالك.
وتستمر الانتخابات حتى غد الثلاثاء، ومن المقرر وفق الجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات إعلان النتائج يوم 12 أغسطس/آب الجاري، على أن تجرى الإعادة، إن وُجدت، يومي 25 و26 أغسطس للمصريين بالخارج و27 و28 من الشهر نفسه في الداخل، وتُعلن النتائج النهائية يوم 4 سبتمبر/أيلول المقبل.
في المعادي وأمام اللجنة الانتخابية الفرعية بمدرسة الجمهورية الرسمية، انتشر عدد من الأفراد يرتدون سترات تحمل شعاري حزبي "مستقبل وطن" و"الجبهة الوطنية"، وآخرون يرتدون سترات تحمل شعار "حياة كريمة"، وجميعهم يساعدون في تنظيم دخول الناخبين إلى اللجان، والاستعلام عن المقار الانتخابية عبر الإنترنت.
وبدا ملاحظًا حضور عدد كبير من شباب المناطق الشعبية المحيطة بالمعادي أمام اللجنة، جلسوا على جانبي الشارع دون الدخول إلى مراكز الاقتراع، وبدا أن أغلبهم يعرفون بعضهم ويتحركون في مجموعات وبدراجات بخارية.
مواطنون على باب إحدى لجان القاهرة بانتظار التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، 4 أغسطس 2025وكان لافتًا أمام لجنة مدرسة الجمهورية "رغبة" القائمين على تنظيم الناخبين في صناعة مشهد "مزدحم" يتضمن طوابير للناخبين، بينما كانت اللجان الانتخابية فارغة تمامًا داخل المدرسة.
وتم تنظيم الناخبين في صفين أحدهما للرجال وآخر للنساء مع غلق المدخل المؤدي للجنة بسياج حديدي للتحكم في دخول الناخبين بأعداد محددة.
وأمام ذلك المشهد المزدحم، لم تجد الناخبة منى عيد، 31 عامًا، التي جاءت من محل سكنها بشارع الترعة بالمعادي البلد منذ الساعة السادسة صباحًا، بدًا من استجداء المنظمين السماح لها بتجاوز الطابور خوفًا من تأذي رضيعها من الزحام والتدافع، حتى سمحوا لها بالدخول، لكنها سرعان ما خرجت دون أن تصوت، إذ اكتشفت أن مقر لجنتها الانتخابية بمدرسة الشهيد نبيل عبد الخالق القريبة من شارع معهد أمناء الشرطة، وقالت لـ المنصة "ياريتني ما جيت، أنا هنا من الساعة ستة الصبح، علشان أنتخب و آخد البون أبو 300 جنيه".
وأكدت أن إحدى بنات منطقتها دونت لها تفاصيل لجنتها الانتخابية بالخطأ وأخبرتها أن تذهب إلى اللجنة للتصويت وتسلم البون من داخل المدرسة ثم تعود إليها لصرف المبلغ.
وزاد من أسى منى عيد على الـ300 جنيه التي لم تصرفها، رؤيتها إحدى جاراتها خارجة من لجنة التصويت تبلغها بأنها انتخبت بالفعل وحصلت على البون.
وتتبعت المنصة الناخبة التي حصلت على البون في محاولتها لصرفه، إذ تبين أن عملية الصرف تجري بمقر جمعية تنمية المجتمع المحلي بمسجد خشم الموس باشا المطل على سور مترو الأنفاق بمنطقة المعادي البلد، وهناك أقام المسؤولون عن عملية الصرف سرادقًا صغيرًا. وتأكدت المنصة عبر ناخبين خرجوا من السرادق من صرفهم قيمة البون.
وفي مجمع مدارس بدار السلام يضم مدارس الفاروق وأحمد زويل ومحمد نجيب، لم يتغير المشهد كثيرا؛ نساء يجلسن في مجموعات على جانبي الطريق وشباب يتحركون في مجموعات.
وقالت إحدى النساء لـ المنصة إنها موجدة أمام اللجنة منذ الساعة السابعة صباحًا، وأنها بالفعل انتخبت لكنها تجلس في انتظار البون، وأضافت "قالولي استني هنا نص ساعة وأديني قاعدة بقالي 3 ساعات أهوه"، لكن سعد عبد الهادي كان أكثر حظًا منها إذ حصل على البون بالفعل من شاب داخل مدرسة أحمد زويل بعد انتهائه من التصويت.
"البون" يتصدر مشاهد انتخابات مجلس الشيوخ، 4 أغسطس 2025وقال عبد الهادي لـ المنصة إن عمره تجاوز الـ83 سنة ويحصل على معاش تكافل وتلقى اتصالًا أمس من أحد الشباب في حزب مستقبل وطن، وأخبره أن عليه التصويت في انتخابات الشيوخ وإلا حدثت مشكلة في المعاش، مضيفًا بأن هذا الشاب أبلغه أيضًا أنه سيحصل على بون بقيمة 200 جنيه تصرف كاش من الجمعية الخيرية التابعة لمسجد "مالك الملك" بدار السلام.
تزاحم عشرات النساء والرجال، أغلبهم من كبار السن، أمام الجمعية ونظمهم شباب لم نتمكن من معرفة انتمائهم الحزبي، لكنهم كانوا يطالبون الواقفين في الطابور بتجهيز البون والبطاقة والالتزام بالصف، ورصدت المنصة صرف 200 جنيه لكل فرد.
وأمام اللجنة الفرعية بمدرسة أحمد زويل بدار السلام، التقت المنصة أحد القائمين على توزيع البونات، وأكد أنه من التابعين لحزب مستقبل وطن، وقال إن قيمة البون بدأت صباح اليوم بـ200 جنيه ثم ارتفعت إلى 300 جنيه في منتصف اليوم لحث الناخبين على النزول.
وأضاف، مشترطًا عدم نشر اسمه، أنه وحده وزع على الناخبين في 3 لجان فرعية بمدرسة أحمد زويل منذ الصباح وحتى ظهر اليوم نحو 400 بون، مرجحًا عدم استمرار توزيع البونات خلال اليوم التالي "هما كانوا عايزين ياخدوا لقطة إنه اللجان زحمة النهارده وخلاص".
وفي حي الزمالك اختفى البون مع استمرار باقي عناصر المشهد الانتخابي، إذ حشد حزب مستقبل وطن مؤيديه أمام لجنة كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وسط وجود أمني مكثف لتأمين مقار الاقتراع، بينما اختفت أي دعاية أو لافتات للأحزاب باستثناء مستقبل وطن.
وتواجد عشرات الشباب أمام اللجان، رافعين أعلام مصر والحزب، ولاحظت المنصة أنه بين كل فترة وأخرى يتم تنظيمهم أمام مدخل اللجنة لالتقاط صورة لهم.
كما رصدت المنصة توزيع أفراد تابعين للحزب وجبات غذائية ومانجا على الشباب أمام اللجنة.
وأدلى المصريون في الخارج بأصواتهم في انتخابات مجلس الشيوخ يومي الجمعة والسبت، عبْر 136 سفارة وقنصلية حول العالم. بينما يستمر اليوم وغداً تصويت المصريين في الداخل.
وتعتمد انتخابات مجلس الشيوخ، الذي يتكون من 300 عضو، على نظام القوائم المطلقة المغلقة لثلث المقاعد، بينما يُنتخب الثلث الثاني بالنظام الفردي، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث الأخير.
ويُنتخب الأعضاء المئتان بنظام مختلط يجمع بين النظامين الفردي والقائمة المغلقة، تقسم إلى 100 مقعد بالنظام الفردي يتنافس عليها المرشحون في 27 دائرة انتخابية على مستوى الجمهورية، و100 مقعد مقسمة على أربعة قطاعات على مستوى الجمهورية، مع تخصيص ما لا يقل عن 10% من إجمالي مقاعد المجلس للمرأة.
ويوم 10 يوليو/تموز الماضي، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، مشيرة إلى أن 469 مرشحًا تقدموا بأوراق ترشحهم على النظام الفردي فيما تقدمت قائمة واحدة على مستوى القوائم وهي "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي استحوذ فيها حزب مستقبل وطن على النصيب الأكبر بأكثر من 40 مرشحًا.
