طالبت كيانات عمالية وقوى سياسية بفتح تحقيق شامل في مصرع 18 فتاة وإصابة ثلاثة أخريات في حادث تصادم ميكروباص كان يقلهم إلى العمل في مزرعة عنب بسيارة نقل ثقيل على الطريق الإقليمي بنطاق مركز أشمون بمحافظة المنوفية، أمس الجمعة. على أن يشمل التحقيق الكشف على أصحاب العمل وظروف التشغيل ومدى تقصير الجهات الرقابية وتنفيذ برامج حقيقية للرعاية الاجتماعية والصحية والنقل الآمن للعاملات الزراعيات.
ونعت دار الخدمات النقابية والعمالية الضحايا اللاتي تتراوح أعمارهن بين 14 و21 سنة، مشيرة في بيان نشرته على فيسبوك أمس، إلى أن "هذه المأساة لا يمكن فصلها عن واقع مرير تتجاهله السياسات الحكومية، إذ تتكرر مثل هذه الحوادث دون حلول حقيقية تردم الفجوة بين الخطابات الرسمية وواقع العمالة القاصرة".
وأضافت الدار في بيانها أن الحادث "يكشف واقعًا مناقضًا تمامًا لتصريحات وزير العمل محمد جبران بأن الدولة تعمل على توفير بيئة عمل لائقة، تتسم بالسلامة والصحة المهنية، وتوازن العلاقة بين العامل وصاحب العمل، حيث لا تبدأ بيئة العمل حتى من أعمار قانونية، ولا تشمل الحد الأدنى من السلامة أو التأمين، بل يُساق الأطفال والبنات إلى العمل القاسي بلا إشراف أو حماية أو نقل آمن".
من ناحيته، قال اتحاد تضامن النقابات العمالية (تحت التأسيس) ، في بوست على فيسبوك، إن هذه الفاجعة المؤلمة ليست سوى ناقوس خطر جديد ونذير شؤم يطرق أبواب ضمير المجتمع، مطالبًا بفتح تحقيق جاد وشفاف في الحادث، ومحاسبة كل من قصّر أو أهمل في توفير سبل السلامة لهؤلاء العاملات.
وقال الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن هذه "الكارثة الإنسانية تسلّط الضوء على الإهمال المستمر في تأمين الطرق، خاصة في ظل استمرار أعمال الإصلاح دون خطط واضحة للحماية والوقاية"، مطالبًا الحكومة بـوقف حركة المرور على الطريق الإقليمي لحين الانتهاء الكامل من أعمال الصيانة والإصلاح.
واعتبرت الحركة المدنية الديمقراطية أن الحادث "ليس مجرد مأساة مرورية، بل هو صورة موجعة لانعدام العدالة الاجتماعية وغياب الحد الأدنى من مقومات الأمان والكرامة للعاملات في مصر".
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر عبد المنعم الجمل، لـ المنصة، إن الحادث مسؤولية مثل هذه الحوادث تضامنية لا يتحملها طرف بعينه، بداية من صاحب العمل ومرورًا بالوزارات المعنية وانتهاءً بالأسر التي لا بد أن تتحقق من وسائل النقل قبل إرسال أبنائها للعمل"، مشددًا على ضرورة تقنين أوضاع العاملين في القطاع الزراعي، وإنشاء قاعدة بيانات للعمالة غير المنتظمة لتمكين النقابات من حمايتهم.
من ناحيتها، أعلنت وزارة العمل عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أن الوزير وجه بصرف التعويضات العاجلة لأسر المتوفين والمصابين، والتي تصل إلى 200 ألف جنيه لأسرة كل متوفِ، و20 ألف جنيه لكل مصاب.
فيما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بزيادة التعويضات في الحادث بقيمة 100 ألف جنيه لكل حالة وفاة، و25 ألف جنيه لكل مصاب، وشدد على ضرورة متابعة صيانة وإصلاح الطرق بكل دقة وخاصة الطريق الدائري الإقليمي وسرعة الانتهاء منها، والتأكد من وجود الإرشادات في مناطق الإصلاح وتعديل مسار الطريق بصورة واضحة، وإزالة العوائق التي ينجم عنها الحوادث على هذه الطرق بشكل فوري، بالإضافة إلى مراقبة السرعة عليها.
من جانبه، قال عضو بمجلس إدارة الهيئة العامة للطرق والكباري لـ المنصة، إن الهيئة رصدت 3 مليارات جنيه العام المالي الماضي لتطوير الطريق الدائري الإقليمي بأطوال تصل إلى 157 كيلومترًا، مبينًا أنه تم إنهاء اعمال بقيمة مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، وسيتم إنهاء باقي الأعمال قبل نهاية العام المالي المقبل ومنها الجزء الواقع في نطاق محافظة المنوفية الذي شهد الحادث.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الطريق الدائري الإقليمي من أكثر الطرق التي تنفذ لها الهيئة تجديدات سنوية وأعمال صيانة، لكن هناك أسباب عدة للحوادث بينها السرعات الزائدة وعدم تركيز السائقين أو الحمولات الزائدة.
وفي 21 مايو/أيار 2024، لقيت 17 فتاة مصرعهن وأصيبت ثمانية آخريات، إثر سقوط سيارة ميكروباص كانت تقلهن، من أعلى معدية نهرية بمنطقة أبو غالب بدائرة مركز شرطة منشأة القناطر، وكن عائدات من عملهن بإحدى مزارع محافظة المنوفية.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، لقي 8 شباب وفتيات، مصرعهم إثر سقوط سيارة نصف نقل كانت تقل 22 عامل وعاملة دون سن الـ18 عشر، من أعلى معدية بفرع رشيد، بالقرب من قرية القطا التابعة لمركز منشأة القناطر بالجيزة، خلال عودتهم من العمل بإحدى مزارع الدواجن، إلى منازلهم بقرية التفتيش التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية.