يعكس أداء البورصة المصرية بعد نحو أسبوع من التداول منذ خفض البنك المركزي للفائدة زيادة شهية المستثمرين للأسهم، بعد أن انخفض العائد على الأوعية الادخارية للبنوك وأدوات الدين، وانعكس ذلك على أحجام التداول في سوق الأوراق المالية.
وحسب ما رصدته المنصة من بيانات البورصة ارتفع حجم التداول على الأسهم المقيدة في سوق الأوراق المالية بنحو 5 مليارات جنيه، من 21.5 مليار جنيه إلى 26.1 مليار خلال 6 جلسات امتدت من 20 وحتى 30 أبريل/نيسان الماضي، ويتوقع محللون استمرار تحسن أداء البورصة خلال العام الحالي مع المزيد من خفض الفائدة، بشرط استقرار سعر الصرف.
زيادة أقل من المتوقع
"متوسط التداولات اليومية على مدار الجلسات التي تلت قرار خفض الفائدة أظهرت تحسنًا وإن كان محدودًا نظرًا لوجود العديد من الإجازات الرسمية بتلك الفترة" كما يقول رئيس استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية عمرو الألفي لـ المنصة.
وكان البنك المركزي خفض أسعار الفائدة لديه في 17 أبريل الماضي للمرة الأولى منذ ما يقرب من 5 سنوات، وبعد أكثر من عام من تثبيت الفائدة على مستويات بالغة الارتفاع، ما اعتبره خبراء بداية تيسير للسياسات المتشددة التي اتبعها في الفترة الأخيرة للحد من التضخم.
وتساهم سياسات الفائدة المرتفعة في الحد من الإقبال على الاستثمار في الأسهم، بالنظر إلى أنها توفر عائدًا كبيرًا بمخاطر قليلة، وفي المقابل عندما تنخفض الفائدة يقبل المستثمرون على الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم.
ويتوقع رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية مصطفى شفيع أن تسهم بيئة التيسير النقدي الحالية في دعم حجم التداولات بقيم أكبر "من المرجح أن تواصل قيم التداولات اليومية صعودها حتى تصل إلى متوسط 7 مليارات جنيه خلال الفترة المقبلة".
ويتوقع محللون اتجاه البنك المركزي هذا العام للحد من أسعار الفائدة المرتفعة، مع استقرار التضخم عند مستويات معتدلة، بلغ 13.1% في مارس/آذار، وفي تقرير سابق لـ المنصة توقع خبراء انخفاض أسعار الفائدة هذا العام بنسب تصل إلى 3.75% حتى نهاية 2025.
لكن شفيع يرهن توقعاته بزيادة معدلات تعامل الأفراد في البورصة المصرية وتمكنها من الاستفادة بشكل واضح من خفض معدلات الفائدة، بتحقق عوامل أخرى مثل استقرار سعر الصرف، وتحسن الوضع الاقتصادي، وهدوء التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وكان سعر صرف الدولار الرسمي ارتفع أمام العملة المحلية بنحو جنيه خلال بضعة جلسات من هذا الشهر، بتأثير من خروج المستثمرين الأجانب من أدوات دين مصرية، على أثر القلق العالمي من تصاعد الحرب التجارية.
قطاعات البورصة المستفيدة
يشير الألفي إلى أنه بجانب الأثر الإيجابي لخفض الفائدة على أسعار الأسهم في السوق الثانوية، فإنه يحسِّن من نظرة المستثمرين للأداء المالي للشركات المقيدة "خفض أسعار الفائدة يقلل تكلفة الشركات المقترضة ويزيد من توقعات تحقيقها للأرباح".
كما تنعكس السياسات النقدية بشكل مباشر على شركات القطاع المالي "غالبية الشركات العاملة في التمويل الاستهلاكي تكون مستفيدة من خفض الفائدة لأنه يقلل التكلفة عليها، وبالتالي يزيد إقبال الأفراد على خدماتها، وتنتعش أسهمها في السوق وتزيد بالتبعية قيم التداولات عليها" كما يضيف الألفي.
ويتوقع بنك الاستثمار "نعيم" في تقرير بحثي اطلعت المنصة على نسخة منه أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى نمو القروض لتمويل النفقات الرأسمالية، مما يفيد الشركات بشكل خاص من خلال تحسين فرص الحصول على تمويل أرخص.
وعدَّد التقرير الشركات المستفيدة على المدى القصير، ممن تواجه معدلات مديونية مرتفعة، وكان من بينها المصرية للاتصالات وشركات في القطاع العقاري، وبعض شركات تصنيع وتوزيع الأدوية مثل ابن سينا فارما، والشركة المصرية للأدوية "إيبيكو".
هل نتوقع المزيد من الانتعاش؟
بحسابات المنصة، ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية خلال 6 جلسات بعد خفض الفائدة بنسبة 3.4%، لتصل قيمة المؤشر إلى 32162 نقطة.
ويرجح شفيع أن تنتعش البورصة بشكل أكبر في حال إتمام المزيد من طروحات الخصخصة عبر سوق المال، ما سيشجع على دخول المزيد من المستثمرين الجدد لهذه السوق.
وكان البنك المركزي نفذ عملية خصخصة على نسبة من حصته في المصرف المتحد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتمت تغطية الطرح بنحو 59 مرة ما يعكس إقبالًا قويًا من المستثمرين.
وتتطلع الحكومة لتسريع وتيرة برنامج للخصخصة، بهدف جمع إيرادات لسد فجوة التمويل الخارجي، وهذا الشهر قال رئيس الوزراء إن الحكومة تستعد لإعادة هيكلة وطرح حصص من خمس شركات تابعة للجهاز التابع للقوات المسلحة.
ويرى شفيع أن الرؤية بخصوص البورصة بشكل عام ستكون متفائلة خلال الفترة المقبلة "مع التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة إجمالًا بـ6% في 2025".