أصدرت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت حكمًا بتفسير إحدى مواد قانون الأحوال الشخصية؛ أقرت فيه مبدأً قانونيًا بألَّا أحقية للمطلقة الحاضنة في الاحتفاظ بمسكن الزوجية بعد بلوغ الصغار سن الحضانة الإلزامي (15 سنة للأبناء و17 للبنات) حتى لو أذن لها القاضي بالاستمرار في رعاية أولادها بعد ذلك.
وألغى هذا التفسير للبند ثالثًا من المادة 18 مكرر الصادرة ضمن تعديلات أُدخلت على قانون الأحوال الشخصية عام 1985، مبدأً كان راسخًا في قضاء محاكم الأسرة بأن تحتفظ الأم المطلقة بمسكن الزوجة طالما استمرت حضانة الأبناء.
وتُلزم هذه المادة الزوج المطلق بأن يهيئ لصغاره من مُطلقته، ولحاضنتهم، المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل ذلك خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجَّر دون المُطلق، لمدة الحضانة.
وتجيز المادة للزوج المطلق أن يستقل بمسكن الزوجية إذا كان غير مؤجر شريطة أن يهيئ لهم مسكنًا مستقلًا مناسبًا بعد انقضاء مدة العدة، ويُخيّر القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها.
وتنص المادة على أنه "إذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداءً الاحتفاظ به قانونًا".
وفي إطار تفسير هذه المادة، قالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها الصادر اليوم، إنها أقرت في حكمين سابقين لها المعنى المحدد لتلك المادة، إذ أكدت "أن التزام المطلق بتهيئة مسكن الحضانة ينتهي ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الحضانة الإلزامي، ومن ثم يترتب على ذلك حق الزوج المطلق في استرداد مسكن الحضانة والانتفاع به، إذا كان له الحق ابتداء في الاحتفاظ به قانونًا".
وقالت المحكمة إنه لا يجوز وفقًا لما تقدم أن تحتفظ الأم الحاضنة بالمسكن بعد بلوغ أبنائها لذلك، مؤكدة أن ذلك الأمر لا علاقة له بأن "يأذن القاضي للحاضنة بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة بإبقاء الصغير أو الصغيرة في رعايتها إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك، إذ إن ما يأذن به القاضي على هذا النحو لا يعتبر امتدادًا لمدة الحضانة الإلزامية، بل يمتد إلى مدة استبقاء، تقدم الحاضنة خدماتها متبرعة بها، وليس للحاضنة بالتالي أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التي شملها هذا الإذن".
وبالإضافة إلى الفصل في مدى دستورية القوانين، منح القانون للمحكمة الدستورية العليا عدة اختصاصات أخرى من بينها تفسير المواد القانونية إذا أثارت خلافًا في التطبيق. وأشارت المحكمة في حكمها إلى أن تفسيرها وفق الاختصاص الذي منحه لها القانون، ملزم للكافة وبالنسبة إلى الدولة بسُلطاتها المختلفة، وشددت على وجوب التزام هذه السلطات بما فيها الجهات القضائية على اختلافها، باحترام قضاء المحكمة الدستورية العليا وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح.
وحول الأثر المنتظر للحكم الجديد الصادر عن المحكمة الدستورية العليا، أشارت المحامية الحقوقية عزيزة الطويل، إلى وجود اتجاه لدى بعض محاكم الأحوال الشخصية بأن المصلحة الفضلى للأبناء بعد تجاوزهم السن الإلزامي للحضانة تقتضي أن يستمروا في الحياة مع والدتهم المطلقة في مسكن الحضانة، مضيفة "ولكن بعد صدور حكم الدستورية اليوم وللأسف ستتوقف المحاكم عن إصدار مثل تلك الأحكام".
وأضافت عزيزة الطويل لـ المنصة، أن فكرة حكم الدستورية الصادر اليوم، تدور حول ربط بقاء المطلقة بمسكن الزوجية، ما دام أبناؤها لم يبلغوا السن الإلزامي للحضانة المشار إليه، "وبعدها يسترد الأب ذلك المسكن كما يتوقف عن دفع أجر لمطلقته الحاضنة".
وأوضحت أن أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن انتهت إلى أن بقاء الطفلة أو الطفلة مع والدتهم المطلقة بعد هذا السن "هو عمل طوعي، تظل الأم متبرعة به ولا يحق لها استنادًا إليه المطالبة بالبقاء في مسكن الزوجية أو المطالبة بأجر مسكن للحضانة".