صفحة البيت الأبيض على فيسبوك
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 21 يناير 2025

"الحرة" في إجازة إجبارية.. تقليص حكومي للإنفاق أم حرب على حرية الصحافة؟

محمد ماهر
منشور الاثنين 24 مارس 2025

أبلغت إدارة مؤسسة "الحرة" الموظفين أنهم في إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين اعتبارًا من اليوم، على أن يتم رفع دعوى قضائية لصرف تعويضات واستمرار العمل حتى سبتمبر/أيلول المقبل دون أفق لما بعده، حسبما قال مصدر من داخل المؤسسة لـ المنصة.

والحرة واحدة من مجموعة وسائل إعلامية تشرف عليها وكالة الإعلام الأمريكي العالمي/USAGM، التي من بينها أيضًا إذاعة صوت أمريكا التي دخل موظفو الدعم بها في إجازة إجبارية لحين الغلق الكامل، في إطار أمر تنفيذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء جميع الوظائف غير المُلزمة قانونًا وتقليصها إلى الحد الأدنى.

وتشرف وكالة الإعلام العالمية الأمريكية على مؤسسات إعلامية مثل إذاعة صوت أمريكا/VOA، وإذاعة آسيا الحرة/RFA، وإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، وشبكة البث في الشرق الأوسط/MBN، وصندوق التكنولوجيا المفتوحة/OTF، وصندوق الإعلام في الخطوط الأمامية، حسب يورنيوز، وجميعهم يواجهون مصيرًا مجهولًا.

وأشارت إدارة ترامب إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان عدم إنفاق أموال دافعي الضرائب على ما وصفته إدارة ترامب بـ"الدعاية المتطرفة"، واعتبرت أن أموال المنح الفيدرالية لم تعد تحقق أولويات الوكالة.​

لماذا الإغلاق؟

برر الرئيس السابق لشبكات إذاعة الشرق الأوسط السفير ألبرتو ميجيل فرنانديز تحرك ترامب في هذا الاتجاه، وقال "إن له كل الحق في إغلاق الوسائل الإعلامية الأمريكية الحكومية".

وقال فرنانديز من واشنطن لـ المنصـة "كانت هذه الوسائل الإعلامية مثيرةً للجدل للغاية، سواء من حيث محتواها أو تأثيرها"، مضيفًا أن البث إلى إيران كان سيئًا، إذ اخترقته شخصيات مشبوهة لها أجنداتها الخاصة، بينما البث إلى كوبا كان جيدًا، وترامب رآها إهدارًا للمال.

وأوضح أن إذاعة صوت أمريكا كانت في الغالب إعلامًا يساريًا كما هو الحال في صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز، مضيفًا "لا أعتقد أنها حققت فائدةً تُذكر في إيصال رسالة رئيس أمريكي جمهوري".

وحول أداء قناة الحرة، أكد أنه لم يتابع قناة الحرة بعد مغادرته منصبه دبلوماسيًا، مستدركًا "قيل لي إنها عادت إلى عاداتها القديمة السيئة المتمثلة في ترديد خطاب الأنظمة الاستبدادية والتساهل مع الفصائل الإيرانية في العراق ولبنان".

وتساءل فرنانديز، هل هذا أمر يجب أن تدفع الحكومة الأمريكية ثمنه؟ ولفت إلى أنه كان يجب إقالة جميع قادة هذه المنظمات ومحاولة إصلاحها جذريًا من الداخل بدلًا من إغلاقها.

لا دليل على التساهل

في المقابل، نفى الدكتور جيفري جيدمان، الرئيس التنفيذي لشبكة الشرق الأوسط للإرسال/MBN، وجود أي دليل على التساهل الإعلامي للشبكة مع الجماعات المدعومة من إيران في العراق ولبنان.

وحذر جيدمان خلال حديث لـ المنصـة من واشنطن، من تصيّد بعض المنتقدين للأخطاء، مضيفًا "عندما نرتكب أخطاءً يمكنهم أن يوبخونا وسنصححها، لكن لا يجب الاقتباس خارج السياق". 

تقويض حرية الصحافة

من ناحيتها أقامت منظمة "مراسلون بلا حدود" دعوى قضائية ضد إدارة ترامب، معتبرةً أن الإغلاق يقوِّض حرية الصحافة العالمية ويترك العديد من الدول بدون مصادر إخبارية مستقلة. ​

كما تقدم موظفو "صوت أمريكا" ونقاباتهم دعوى قضائية ضد إدارة ترامب، معتبرين أن إغلاق هذه المؤسسات ينتهك حقوقهم المكفولة بموجب للدستور الأمريكي. ​

ويُخشى أن يؤدي هذا الإغلاق إلى فراغ إعلامي في المناطق التي كانت تعتمد على هذه المؤسسات مصادرَ رئيسيةً للأخبار المستقلة، مما قد يتيح للأنظمة الاستبدادية تعزيز دعايتها دون معارضة، كما يُنظر إلى القرار على أنه تراجع عن التزام الولايات المتحدة التاريخي بدعم حرية الصحافة ونشر المعلومات الموثوقة عالميًا.

وتعد إذاعة صوت أمريكا/VOA التي تأسست عام 1942 أقدم وأكبر هيئة للبث الدولي في الولايات المتحدة، وكانت تبث محتوى رقميًا وتليفزيونيًا وإذاعيًا بـ47 لغة، وتصل إلى جمهور يقدر بـ354 مليون شخص أسبوعيًا. ​

أما إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي RFE/RL التي تأسست في أعقاب الحرب العالمية الثانية في عام 1949، وتبث إلى 23 دولة بـ27 لغة، كانت تركز بثها على روسيا وأوروبا الشرقية. ​

وأدانت لجنة حماية الصحفيين/CPJ قرار ترامب "باعتباره خروجًا عن الدور التاريخي للولايات المتحدة مدافعًا عن حرية الإعلام"، ودعت المنظمة واشنطن إلى إعادة إذاعة صوت أمريكا وحثت الكونجرس والمجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات ضد هذه الخطوة "غير المسبوقة".

واعتبرت CNN القرار خطوة ضمن جهود ترامب "لإعادة هيكلة البيروقراطية الحكومية، وهي المهمة التي أوكلها بشكل كبير إلى الملياردير إيلون ماسك بصفته مسؤولًا عما يُعرف بإدارة الكفاءة الحكومية، وأسفرت عن إلغاء محتمل لآلاف الوظائف والبرامج، وتجميد المساعدات الخارجية، وإلغاء العديد من العقود الحكومية".