حساب بنيامين نتنياهو على إكس
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا للقاء المرشح الجمهوري دونالد ترامب، 26 يوليو 2024

الاتصالات بين واشنطن وحماس.. براجماتية أم تحولات في السياسة الأمريكية؟

محمد ماهر عمر سامي
منشور الاثنين 10 مارس 2025

كشفت تقارير إعلامية، الأسبوع الماضي، عن إجراء محادثات سرية مباشرة بين واشنطن وحماس بوساطة قطرية بشأن تأمين إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين في غزة، ما أثار تساؤلات حول التحولات الاستراتيجية في السياسة الأمريكية.

وبينما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الجديدة تامي بروس، الخميس الماضي، خلال لقاء مع عدد من الصحفيين حضرته المنصة، أن "هذه الاتصالات لم تكن تفاوضية بل مجرد وسيلة لنقل الموقف الأمريكي"، يرى بعض المراقبين أنها "تمهد لإعادة صياغة العلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط".

ووصف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الرهائن آدم بولر المحادثات التي عقدها مع حركة حماس للتوصل إلى اتفاق في قطاع غزة بأنها "مفيدة للغاية"، موضحًا أن حماس قدمت عرضًا يشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين مقابل وقف إطلاق نار يتراوح من 5 إلى 10 سنوات.

وسبق أن أكد مصدران لم تسمهما رويترز أن الولايات المتحدة تصرفت "بما يتناقض مع ما كان ينظر إليه لفترة طويلة على أنه من المحظورات الدبلوماسية، وأجرت محادثات سرية مع حركة حماس بشأن تأمين إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين في غزة".

وضم مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية حركة حماس لقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في عام 1997.

مقاربة غير تقليدية

لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية أكدت في تصريحاتها الحفاظ على "موقف واشنطن الصارم تجاه حماس"، وقالت إن "الاتصالات لا تعني الاعتراف بالحركة أو التعامل معها كطرف شرعي في غزة"، وأضافت "إذا أجريت محادثة مع شخص ما، فهي ليست مفاوضات، ولا تعني المصالحة أو التوافق، إنها فقط نقل للموقف الأمريكي ولكن بطريقة مختلفة".

لكن بعض المحللين الأمريكيين يرون أن هذه المحادثات، رغم سريتها، تعكس "مقاربة غير تقليدية" من إدارة ترامب لحل النزاع. وقالت المديرة الأولى لبرنامج إسرائيل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات البحثية في العاصمة الأمريكية واشنطن إينيا كريفين، في إيجاز صحفي افتراضي حضرته المنصة "إذا كانت التقارير صحيحة بشأن لقاء بولر مع مسؤولي حماس، فسيكون ذلك خروجًا عن السياسة الأمريكية التقليدية. ومع ذلك، فإن ترامب غالبًا ما يتبنى أساليب غير تقليدية تؤدي إلى نتائج غير متوقعة".

في الوقت نفسه، أشار المحلل في Long War Journal في واشنطن جو تروزمان، في إيجاز صحفي افتراضي حضرته المنصة، إلى تزامن الاتصالات الأمريكية مع حماس مع التهديدات العلنية لترامب، ما يعني أن "الاتصالات خطوة تكتيكية لتعزيز موقفه التفاوضي"، وفق تعبيره.

والأسبوع الماضي، التقى ترامب مجموعة من المحتجزين الذين جرى إطلاق سراحهم في الآونة الأخيرة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. ووجه تهديدًا قويًا لحماس في بوست على تروث سوشيال، لإطلاق سراح جميع المحتجزين، ما اعتبرته حماس وقتها "يشكل دعمًا لنتنياهو للتنصل من الاتفاق وتشديد الحصار والتجويع بحق شعبنا".

ولا تزال حماس تحتجز 59 شخصًا في قطاع غزة، وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 35 منهم، وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن 22 منهم على قيد الحياة، بينما لا يزال وضع اثنين آخرين غير معروف، ومن بين المحتجزين 5 أمريكيين، من بينهم إيدان ألكسندر البالغ من العمر 21 عامًا، والذي يُعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة.

واتفق مصدر دبلوماسي أمريكي، في تصريح إلى المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له الحديث للإعلام، أن الاتصالات مع حماس لا تعني بالضرورة تحولًا في النهج الأمريكي تجاه حماس، موضحًا أن "واشنطن تحاول فقط البحث عن قنوات غير رسمية لتحقيق مصالحها في المنطقة".

وحسب المصدر نفسه، "شملت المفاوضات إعادة ألكسندر وجثث 4 محتجزين أمريكيين آخرين، وإطلاق سراح المحتجزين كافة، في مقابل هدنة طويلة وخروج آمن لقادة حماس من غزة".

ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي في تصريح لـ المنصة أن الولايات المتحدة لا تعنيها أيديولوجية حماس وتصنيفها منظمة إرهابية بقدر ما يعنيها خروج المحتجزين وتحقيق مكاسب في الداخل الأمريكي.

وقال "هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وحماس لكن المحادثات الحالية هي أول مفاوضات يتم تسريبها".

ويتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، وتوقع في حديثه لـ المنصة أنه في حال نجاح المحادثات وعودة المحتجزين الأمريكيين ستضغط الولايات المتحدة تجاه تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في غزة.

قلق إسرائيلي

اللافت أن الاتصالات السرية مع حماس تتم دون موافقة إسرائيل، وفق مصادر أمريكية، لم يسمها أكسيوس، ما يعني أنه "خطوة غير مسبوقة لم تتخذها الإدارات الامريكية السابقة". لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات أكدت أن "إسرائيل تم التشاور معها بخصوص الاتصالات الأخيرة مع حماس، وإن لم تكن طرفًا مباشرًا في المفاوضات".

وسبق أن أكدت إسرائيل أن الولايات المتحدة تشاورت معها في شأن اتصالات مباشرة مع حركة حماس. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب بعد إعلان البيت الأبيض وجود اتصالات مباشرة مع حماس "خلال مشاورات مع الولايات المتحدة، أعطت إسرائيل رأيها بشأن محادثات مباشرة مع حماس"، وفق الشرق الأوسط.

فيما كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة، في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية، حسب أكسيوس، عن وجود قلق لدى تل أبيب حول المفاوضات السرية التي أجرتها واشنطن مع حركة حماس.

ويرى الشوبكي أن ما أثاره خبر تسريب المحادثات مع حماس من جدل داخل إسرائيل هو ما دفع الرئيس الأمريكي لنشر تهديده لحماس بعد ساعات من تسريب الخبر.

بدوره، يرى الرقب أن المحادثات بين الولايات المتحدة وحماس تؤسس لمرحلة جديدة، وذلك لمرور منظمة التحرير الفلسطينية بهذه التجربة من قبل في ثمانينيات القرن الماضي، إذ تم إجراء مفاوضات بينها والولايات المتحدة تبعتها اتفاقيات ومفاوضات سرية بين إسرائيل والمنظمة.

وبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد وساطة مصرية قطرية أمريكية، لكن لم يتم الاتفاق على المرحلة الثانية، وأعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي اعتمادها مقترحًا أمريكيًّا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح في تمديد للمرحلة الأولى من الاتفاق، في وقت رفضت حركة حماس المقترح، مطالبة بتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.