اتفق وكيل لجنة القوى العاملة وأمينة سرها بمجلس النواب على وجود العديد من الإشكاليات في مشروع قانون العمل الذي تبدأ مناقشته اليوم بالجلسة العامة، رغم موافقة اللجنة عليه في 19 فبراير/شباط الجاري، مؤكدين الحاجة لتعديل عدد من المواد وإضافة أخرى، خاصة فيما يتعلق ببنود الحق في الإضراب والأجور وعمالة الأطفال.
وقال وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب إيهاب منصور إن مشروع القانون يتضمن العديد من الإشكاليات، لكنه يظل أفضل نسبيًا من القانون الحالي.
وأضاف منصور لـ المنصة، أن إحدى الإشكاليات تكمن في المادة المتعلقة بالمفاوض العمالي وشروط اختياره، حيث ينص على ضرورة تفويض أحد العاملين رسميًا من قبل زملائه للتفاوض مع أصحاب العمل، وهو ما اعتبره "أمرًا صعب التنفيذ عمليًا"، مقترحًا أن يكون ذلك بموجب توقيعات من العاملين أو توكيلات.
وأوضح أن البند المتعلق بالإضراب ينص على أن يكون داخل مقر العمل، متسائلًا "ماذا لو منع أصحاب العمل العمال من الإضراب داخل المنشأة واضطروا للاحتجاج خارجها؟ هل سيتم القبض عليهم؟".
ووصف منصور شروط الإضراب بأنها "تعجيزية"، موضحًا أن القانون يشترط الإخطار قبل 10 أيام، بالإضافة إلى الحصول على الموافقات اللازمة لتنظيمه، مما يعرقل حق العمال في الاحتجاج، وأكد أن اللجنة ستقترح تعديلات لتقليل مدة الإخطار وتخفيف الإجراءات المطلوبة لتنظيم الإضراب.
وتكفل المادة 15 من الدستور الإضراب السلمي بوصفه حقًا ينظمه القانون.
وأشار منصور إلى أن مشروع القانون يتضمن بنودًا تخص المجالس القائمة حاليًا، مثل المجلس القومي للأجور والمجلس الأعلى للتدريب، لكنها تظل "حبرًا على ورق" لعدم قيام هذه المجالس بدورها الفعلي، مؤكدًا ضرورة إعادة صياغة هذه المواد لضمان تفعيل دورها بالشكل المطلوب.
وشدد على ضرورة تعديل المواد المتعلقة بعمالة الأطفال، موضحًا أن المشروع الحالي يسمح للأطفال بالعمل لمدة 6 ساعات يوميًا، بشرط ألا تتجاوز الفترة الواحدة 4 ساعات.
وأوضح أن مشروع القانون ينظم ساعات عمل البالغين بواقع 8 ساعات يوميًا، تتخللها ساعة راحة، مما يجعل الفارق بين مدة عمل الأطفال والبالغين ضئيلًا، وهو ما يستدعي تقليص ساعات عمل الأطفال بحيث لا تتجاوز 3 ساعات في الفترة الواحدة.
وأكد ضرورة توفير مزيد من الضمانات لحماية الأطفال العاملين، مشددًا على أهمية ضمان حصولهم على تعليم جيد، إلى جانب توفير الرعاية الصحية والنفسية اللازمة، لضمان بيئة عمل أكثر إنسانية تتماشى مع حقوق الطفل.
وأكدت أمينة سر اللجنة نفسها ألفت المزلاوي أهمية إدخال تعديلات إضافية على مشروع القانون، لضمان توفير المزيد من الحقوق والضمانات للعاملين، خاصة فيما يتعلق بالأجور والحد الأدنى لها، مما يعزز الأمان الوظيفي.
وأوضحت المزلاوي لـ المنصة، أن هذه الضمانات يجب أن تشمل النساء، وذوي الاحتياجات الخاصة، والصبي المتدرب، لضمان حصولهم على حقوقهم كاملة.
ونوهت بعدد من المزايا التي يتضمنها مشروع القانون، وفي مقدمتها إلغاء العمل بـ"استمارة 6"، التي كان يوقعها العامل عند التعاقد، مما يتيح لأصحاب العمل فصله تعسفيًا في أي وقت، وأكدت أن الفصل وفقًا للقانون الجديد لن يتم إلا من خلال قرار إدانة من المحاكم العمالية، مما يمنح العمال حماية وظيفية أكبر.
وفي وقت سابق من فبراير الجاري، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.
وأشار التقرير إلى تضمن مشروع القانون نصوصًا تنحاز في حقيقتها لصالح أصحاب الأعمال، وتقلل من التزاماتهم تجاه العامل، ولا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال وضمان استقرار العلاقة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بمرتكزات نشأة علاقة العمل والطبيعة العقدية لها، وكيفية إنهائها.
وانتقد التقرير تقليص العلاوة السنوية المستحقة للعمال، إذ يجعلها بواقع 3% من الراتب، في حين تبلغ نسبتها في القانون الساري 7%، مشددًا على عدم جواز انتقاصها باعتبارها حقًا مكتسبًا للعمال، لا سيما في ظل ثبات القوة الشرائية للجنيه.
وكانت الحكومة تقدمت منذ عامين بمشروع قانون العمل إلى مجلس النواب، لكنه واجه اعتراضات مجتمع الأعمال، على رأسه اتحاد الصناعات المصرية، الذي عارض 17 مادة من مشروع القانون المتعلقة بالإضرابات، والإجازات للنساء في محل العمل، والرواتب، وعقود العمل، والمكافآت، وعضوية رجال الأعمال في صندوق إعادة التأهيل والتدريب المقترح.
إلى جانب اعتراض النقابات العمالية التي رفضت بعض المواد المتعلقة بالأجور والعلاوة الدورية، والإضراب عن العمل، وطبيعة العقود وإنهاء علاقة العمل، وأوضاع العمالة غير المنتظمة، وبعض حقوق النساء العاملات، حسبما أوردت وسائل إعلام محلية.
بعدها، سحبت الحكومة مشروع قانون العمل من البرلمان، وأجرت لقاءات مجتمعية عدة خلال الفترة الماضية للتوافق حول بعض البنود الخلافية، سواء من خلال جلسات الحوار الوطني، أو من خلال لقاءات مع النقابات المهنية ومجتمع الأعمال، حسب CNN، ووافق مجلس الوزراء، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على مشروع جديد لقانون العمل.