أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان إطلاق حملة دولية بالشراكة مع منظمات حقوقية لإعداد تقرير مفصل يُوثق الانتهاكات المرتبطة بسعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه إلى دول أخرى.
وقال المجلس، في بيان اليوم، إن التقرير النهائي للحملة سيُرفع إلى الأمم المتحدة والهيئات القضائية الدولية لاتخاذ اللازم تجاه تصريحات الرئيس الأمريكي.
وأضاف المجلس أن تصريحات ترامب تمثل انتهاكًا جسيمًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعد حقوق الإنسان، وتتناقض صراحةً مع ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف الرابعة 1949، لا سيما المادة 49 التي تحظر النقل القسري للأفراد تحت الاحتلال، والمادة 33 التي تُجرم العقاب الجماعي، كما تتعارض مع المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل حرية التنقل والاختيار.
وقال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان عصام شيحة، إن الحملة تهدف إلى رفض التهجير القسري والعدوان على الأراضي الفلسطينية، مع التذكير بالمواثيق الدولية وضرورة التزام المجتمع الدولي بتنفيذها.
وأضاف شيحة لـ المنصة، أن الحملة تدعو لدعم الدول والمنظمات المساندة للحق الفلسطيني، مع تقديم المساعدة عبر المستندات اللازمة للجوء إلى المحاكم الدولية، موضحًا أن المجلس يستهدف تأكيد موقفه في دعم القضية الفلسطينية وفق الشرعية الدولية، وصولًا إلى مخاطبة المحكمة الجنائية الدولية لتنبيهها إلى مخاطر التدخلات الأمريكية على الأمن والسلم الدوليين.
وأكد أن المجلس يسعى لدفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، مشيرًا إلى "تحقيق بعض النتائج"، من بينها صدور بيانات عن مجلس حقوق الإنسان الدولي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في أراضيه، ورفض التهجير القسري تحت أي ظرف في ظل الاحتلال.
وأشار شيحة إلى أن المجلس شكل للمرة الأولى لجنة تكون في حالة إنعقاد دائم للتفاعل مع ما انتهى إليه البيان وللتواصل مع كافة الجهات المعنية دوليًا؛ للحفاظ على الحق الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية والتصدي لفكرة العدوان والتهجير التي تقودها بعض الأطراف.
وأشار إلى أن بيانات مجلس حقوق الإنسان الدولي جاءت بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة انسحابها منه، مؤكدًا أن واشنطن كانت تعتقد أن انسحابها سيقيد المجلس ويمنعه من اتخاذ قرارات أو اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، لكنه شدد على أن رد المجلس كان واضحًا، إذ أكد أن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، بغض النظر عن عضوية الدول، يجب أن تتصدى للتهجير القسري والعدوان على الأراضي الفلسطينية.
على الجانب الآخر، وصف مدير المركز الدولي والمحامي الحقوقي ناصر أمين، الحملة التي يعتزم المجلس القومي لحقوق الإنسان إطلاقها بأنها "استهلاك محلي وبروباجندا بلا قيمة"، مشيرًا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تجري بالفعل تحقيقات في الملف الفلسطيني منذ انضمام فلسطين لعضوية المحكمة عام 2015، وأكد أن هذا الملف يمنح المحكمة الصلاحية والولاية للتحقيق في جميع الجرائم المرتكبة منذ ذلك الحين.
وأضاف أمين لـ المنصة، "وبالتالي الأمر ليس بحاجة إلى تقديم طلب من أحد أو شكوى من جهة أو بلاغ من دولة عضو أو غير عضو، لكي يبدأ مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عملية التحقيق وجمع الأدلة بخصوص هذه الجريمة".
وأكمل "كنت أتمنى من المجلس القومي لحقوق الإنسان أن يدعو حكومته إلى الإنضمام لعضوية المحكمة الجنائية الدولية حتى يكون لها دور فاعل، وأن يدعو البرلمان المصري إلى التوقيع على ميثاق روما المنشئ للمحكمة، لما في ذلك من أثر بالغ على اهتمام المحكمة ببحث الطلبات التي قد تحتاج الحكومة إلى تقديمها في هذا الشأن".
في الوقت نفسه، حذر أمين من أن "تنفيذ الإدارة الأمريكية لهذا المخطط سيؤدي إلى تورط الجميع في جريمة ضد الإنسانية"، مؤكدًا أنه سيتم التحقيق مع أي شريك للولايات المتحدة، سواء كان رئيسًا أو ملكًا، وأوضح أن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يمكنه فتح تحقيق فوري بناءً على المعلومات المتعلقة بالتحركات العسكرية أو المدنية.
وأعلن ترامب اليوم، أن الولايات المتحدة "ستتولى السيطرة على قطاع غزة وتمتلكه"، مبديًا إصراره على تهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة، مشيرًا إلى أنه تحدث إلى زعماء في الشرق الأوسط "وراقت لهم الفكرة".
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا ترامب مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة، لكن دعوته قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقوله إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.
لكن الرئيس الأمريكي جدد دعوته في وقت لاحق، متجاهلًا الرفض المصري والأردني، وقال، خلال لقاء مع الصحفيين في البيت الأبيض، إن مصر والأردن "سيفعلان ذلك (...) نحن نقدم لهما الكثير، وسوف يفعلان ذلك".
وأصدر وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، خلال الأسبوع الجاري، بياني رفض لمقترح ترامب ولكافّة أشكال التهجير سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، مؤكدين على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، أحدهما تم توجيهه إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.