صفحة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة على فيسبوك
إحدى جلسات الاستعراض الدوري الشامل، 29 فبراير 2012

138 دولة تراجع ملف حقوق الإنسان في مصر بالأمم المتحدة.. وخلاف حقوقي حول الأثر

محمد نابليون
منشور الثلاثاء 28 يناير 2025

يفحص مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عصر اليوم، الملف المصري في حقوق الإنسان خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل الخاص بمراجعة مدى التزام الحكومة المصرية بالتوصيات الحقوقية التي تلقتها خلال آخر جلسة مراجعة دورية لها عام 2019.

ووفقًا لقائمة المتحدثين خلال جلسة الاستعراض، والمعلنة من قبل مجلس حقوق الإنسان، ستجري مراجعة الملف المصري بمشاركة 138 دولة تضم كلًا من الدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان والدول أعضاء الأمم المتحدة، فيما ستواجه 16 دولة، من بينها الجزائر وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة، مصر، بأسئلة حول وقائع حقوقية محددة، حسب المجلس.

وتلقت مصر خلال الاستعراض السابق 375 توصية قُبلت منها 288 فقط، تنوعت بين الحد من عقوبة الإعدام، والتحقيق في البلاغات والشكاوى المتعلقة بما أسمته مزاعم التعذيب والقتل خارج نطاق القانون والإخفاء القسري، ومراجعة تعريف الإرهاب في القانون.

وستجري المراجعة، حسب بيان لمجلس حقوق الإنسان، في ضوء ثلاثة تقارير حقوقية، تضم التقرير الوطني المقدم من الحكومة المصرية الذي أعدته اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، وتقرير آخر أعدته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يتضمن المعلومات الواردة بتقارير خبراء ومجموعات حقوق الإنسان المستقلة وهيئات الأمم المتحدة، إلى جانب تقرير ثالث يتضمن تلخيصًا للمعلومات المقدمة من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية وجماعات المجتمع المدني.

تبييض سمعة

من جانبه، يؤكد المدير التنفيذي للمفوضية المصرية لحقوق الإنسان محمد لطفي أن جلسة الاستعراض الدوري ستتضمن فحصًا دقيقًا لوضع حقوق الإنسان، سواء كانت حقوقًا اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو مدنية وسياسية، إلى جانب الأمور المتعلقة بقضايا المرأة واللاجئين وحقوق الأقليات والحريات الدينية، في ضوء التقارير الثلاثة المشار إليها.

وأضاف لطفي لـ المنصة أنه من المنتظر أن تسعى الحكومة خلال جلسة الاستعراض إلى تبييض وجهها عبر إبراز ما تصفه بالتطورات التي لحقت بملف حقوق الإنسان في مصر، وفي المقابل سيتم فحص حديثها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ممن سيتولون فيما بعد تقديم توصيات جديدة للحكومة بهدف تعزيز حقوق الإنسان في مصر.

ويأمل لطفي أن تَصدر تلك التوصيات بصورة دقيقة وقوية لمعالجة أهم مشكلات حقوق الإنسان في مصر "وعلى رأسها قضايا طبعًا زي الاعتقال السياسي وقضايا اللاجئين والحريات الدينية"، أخذًا بالتوصيات التي تقدمت بها المنظمات الحكومية المصرية في تقاريرها، التي تتناول كل تلك القضايا.

وطالب الحكومة بالتعامل بإيجابية مع ما سيصدر من توصيات وتتبناها وتتابع تنفيذها على مدار الأربع سنوات المقبلة من قبل المنظمات المستقلة المصرية "بحيث يتم التأكد هل ستفي الحكومة بوعودها المرة دي، أم ستواصل أداءها الذي شهدته الأربع سنوات الماضية إزاء تلقيها توصيات كثيرة، دون أن تحرز أي تقدم ملحوظ في هذا الملف".

وعلى عكس ما سبق، لا يبني المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو الأمانة الفنية للحوار الوطني، آمالًا عريضةً على الاستعراض الدوري الشامل في حل كل مشاكل حقوق الإنسان في مصر، على حد تعبيره، إذ قال "ده مش أول استعراض دي رابع مرة تراجع فيها مصر ملفها أمام المتحدة ومع ذلك تظل حالة حقوق الإنسان في مصر على ما هي عليه الآن".

وأكد البرعي لـ المنصة "مفيش حكومة في العالم تتأثر بشكل حاسم بالضغط الدولي أو يجبرها على أن تغير من سلوكياتها، لأن العالم يقوم على فكرة التفاعل السياسي المرتبط بالمصالح".

ولا ينتظر البرعي أن يتحقق الكثير من التقدم على صعيد حقوق الإنسان داخل مصر جراء الضغط الدولي، قائلًا "أعول أكثر على محاولات المناقشة الداخلية، وفتح قنوات اتصال مع السلطة، وتجميع الناس المعارضة مع بعضها، لأن ده اللي بيعمل تغيير حقيقي في أي حقوق إنسان أو ديمقراطية أو حتى وضع اقتصادي".

ولا يعتبر البرعي الاستعراض الدوري الشامل أكثر من عوامل مساعدة متسائلًا "لأنه هيكشف إيه؟"، وأضاف "الحكومة هتكرر الخطاب اللي بتقوله هنا إن الدنيا كويسة وزي الفل، والمنظمات الحقوقية خاصة اللي في الخارج هتقول إن الحكومة عندها انتهاكات حقوقية وغيره، وفي الآخر تصدر التوصيات في عبارات عامة دون رابط ولا إلزام".

ويشدد البرعي على أن فاعلية النضال الداخلي أكثر في تحسين حقوق الإنسان، عبر المناقشات والمفاوضات وغيره، لافتًا إلى أن البعد الدولي قد يساعد على دفع الأمور، لكنه لا يكون حاسمًا بالضرورة.

ونشرت المنصة قبل أيام تقريرًا قارنت فيه بين ما ورد في كل من التقرير الحكومي وأحد التقارير الحقوقية المقدمة من عدد من منظمات المجتمع المدني، وبدا واضحًا أن هناك تفاوتًا شديدًا بين التقريرين بشأن ما تحقق من توصيات حقوقية تلقتها مصر في 2019.

فعلى صعيد الحق في الحياة مثلًا، أكد تقرير المنظمات الحقوقية قبول الحكومة المصرية 8 توصيات تتعلق بالنظر في وقف تنفيذ بعض أحكام الإعدام الصادرة ومراجعتها، وحذف العقوبة من بعض التشريعات.

وفي المقابل، وفيما يخص التنفيذ، لم يُظهر التقرير الحكومي جهدًا لتنفيذ هذه التوصيات، مكتفيًا بعقد اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان حلقةً نقاشيةً لدراسة مفهوم الجرائم الأشد خطورة والضوابط الإجرائية وضمانات توقيع عقوبة الإعدام وتنفيذها، دون بيان ما انتهت إليه تلك الحلقة.

فيما أكد التقرير الحقوقي تصدُّر مصر قائمة الدول الأكثر إصدارًا لأحكام الإعدام عام 2021، لافتًا إلى أن وضع عقوبة الإعدام ازداد سوءًا منذ 2019، حيث نفّذت السلطات أحكام إعدام بحق 126 شخصًا في 26 قضية عام 2020، بينهم متهمون في جرائم عنف سياسي.