دخل اتفاق وقف النار في قطاع غزة بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ بداية من الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم، بعد 470 يومًا من العدوان، في وقت قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده ستعود للحرب "إذا لزم الأمر".
وبدأ جيش الاحتلال، مساء السبت، سحب قواته البرية من بعض المناطق في شمال وجنوب قطاع غزة.
وأكد شاهدان لـ المنصة من شمال القطاع أن عددًا من الآليات العسكرية المحملة بالجنود بدأت انسحابها من جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون ليلًا، فيما تعرضت العديد من المناطق والمربعات السكنية وبالتحديد في منطقة جباليا البلد وشمال مدينة غزة لقصف مكثف بالأحزمة النارية من الطائرات الحربية، للتغطية على عملية الانسحاب.
وأوضحا أن الاحتلال ينسحب إلى مناطق حدودية شمال القطاع، للتمركز هناك حسبما نص الاتفاق الذي أعلنت عنه قطر الأربعاء الماضي.
كما أفاد شاهد آخر من مدينة رفح جنوبًا بدء الانسحاب إلى المناطق الحدودية الجنوبية، حيث محور فيلادلفيا المحاذي للحدود المصرية.
والأربعاء الماضي، أعلن رئيس الوزراء القطري حمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أن الجهود القطرية والمصرية والأمريكية نجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في وقت قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن "الفلسطينيين سيتمكنون من العودة إلى أحيائهم في جميع مناطق غزة".
من جانبه، أصدر جيش الاحتلال بيانًا على إكس مساء السبت حول انسحابه وعودة النازحين، وأوضح أنه تفاديًا للاحتكاك بين الجيش والغزيين فإن القوات ستبقى منتشرة في مناطق محددة داخل القطاع و"يجب عدم الاقتراب منها في مناطق انتشارها حتى إشعار آخر".
ونوه إلى أن ما تم الاتفاق عليه ينص على أن التحرك من جنوب إلى شمال القطاع واجتياز حاجز نتساريم سيكون خطرًا في الوقت الحالي "وعلى النازحين انتظار التعليمات في بيان لاحق"، كما حدد منطقة معبر رفح ومنطقة محور فيلادلفيا مناطق خطرة، حيث لا يزال الاحتلال منتشرًا فيها.
واعتبر الاحتلال أن المناطق البحرية على طول قطاع غزة والبالغة قرابة 45 كيلومترًا، هي مناطق خطرة "حيث يُمنع ممارسة الصيد والسباحة والغوص"، بالإضافة إلى تحذيره السكان الغزيين من الاقتراب إلى الحدود الشرقية والشمالية للقطاع والمحاذية للمستوطنات الإسرائيلية والمنطقة العازلة.
ويتضمن الاتفاق 3 مراحل، تشمل الأولى ومدتها 42 يومًا "وقف إطلاق النار، وانسحاب وإعادة تموضع جيش الاحتلال خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكنهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج".
كما تتضمن المرحلة الأولى "تكثيف إدخال والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب".
ويستعد نازحون من مدينة رفح للعودة إلى منازلهم ومناطق سكنهم المُدمرة وسط وشمال المدينة من غربها حتى شرقيها، وقال النازح محسن عبد الفتاح لـ المنصة إنه جهز أمتعته وعائلته للعودة بعد بدء سريان وقف إطلاق النار مباشرة، حيث يقطن في حي تل السلطان شمال رفح.
عبد الفتاح لا يعلم حال منزله، لكنه يعرف أن جيش الاحتلال دمر منطقة سكنه خلال الأشهر الماضية، متمنيًا أن يجد جزء من منزله حتى يتمكن من إصلاحه والعودة إليه، مضيفًا "حتى لو البيت مدمر بدي أعمل خيمة فوق الركام وأرجع أنا وعيلتي، وكل الجيران راجعين معي".
من جانبه، أعلن جهاز الدفاع المدني بمدينة رفح على تليجرام مساء السبت جهوزيته لبدء العمل الفوري في انتشال ونقل رفات الضحايا.
وسيعمل الدفاع المدني بالتوازي مع انتشال الضحايا على رفع مخلفات جيش الاحتلال والأجسام المشبوهة بالتنسيق مع جهات مختصة في تفكيك مخلفات الحرب، إلى جانب العمل مع طواقم بلدية رفح على فتح الشوارع.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية محمد الأنصاري، خلال مقابلة تليفزيونية إن غرفة العمليات المشتركة التي تقع على عاتقها مهمة مراقبة تنفيذ بنود الاتفاق في غزة بدأت أعمالها في القاهرة، معربًا عن اطمئنانه حتى هذه المرحلة من التزام الأطراف بشأن اتفاق غزة "الأمور تسير بشكل إيجابي".
وأوضح أنه لم يحدث أي خرق لبنود الاتفاق حتى اللحظة، مطالبًا بعدم الالتفات والتركيز مع التصريحات السياسية التي من شأنها بث الخوف وترهيب المدنيين.
وأكد الأنصاري وضع ضمانات ضمن بنود الاتفاق لاستئناف المفاوضات على بنود المرحلة الثانية من الاتفاق بما يضمن عدم العودة للأعمال العسكرية.
ويجري التحضير في الضفة الغربية وقطاع غزة، لاستقبال المعتقلين المحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث من المتوقع أن تجري عملية تبادل الأسرى بعد الساعة الرابعة من عصر اليوم.
أما نتنياهو فتعهد بإعادة "كل الرهائن" المحتجزين في غزة إلى ديارهم، وقال إن إسرائيل "تعامل وقف إطلاق النار مع حماس على أنه مؤقت وتحتفظ بحقها في مواصلة القتال إذا لزم الأمر"، وفق DW.
وقال أمس إن إسرائيل لن تتسامح مع خرق الاتفاق "المسؤولية الوحيدة تقع على عاتق حماس"، في إشارة إلى عدم تسليم حماس قائمة بأسماء المحتجزين لديها حتى الآن، وأكدت مصادر للعربية صباح اليوم أن الحركة ستسلم القائمة خلال ساعات بعد نقلهم إلى مكان آمن.
وكانت إسرائيل تتوقع تلقي الأسماء بحلول الساعة الرابعة من مساء السبت بالتوقيت المحلي، حسب العربية.
وأمس أعلن حزب "أوتزما يهوديت" الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أنه سينفذ تهديده بالانسحاب من الحكومة بسبب اتفاق وفق النار.
وسيقدم أعضاء الحزب استقالاتهم اليوم الأحد احتجاجًا على قبول إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ووصف بن غفير الصفقة بأنها "مروعة"، حسب سكاي نيوز.
واستمر العدوان الإسرائيلي على غزة 470 يومًا، منذ أطلقت حماس طوفان الأقصى، ارتكب خلاله الاحتلال عشرات "المجازر" بحق المدنيين، مخلفًا 46899 قتيلًا و110725 مصابًا حتى أمس، وفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.