أعربت لجنة الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، أمس، عن "قلقها إزاء التأخير" في اعتماد قوانين العمل ذات الصلة في مصر، و"الافتقار" إلى الضمانات المضمنة في الإطار القانوني الذي يحكم الدخول والإقامة وتصاريح العمل وتسوية الأوضاع، بالتزامن مع إصدار القاهرة قانون لجوء الأجانب.
ودعت اللجنة الأممية، في تقرير نتائجها بشأن بنين ومصر وبيرو وسيشل، الحكومة المصرية، إلى تعزيز جهودها لضمان امتثال تشريعاتها بالكامل للاتفاقية، وضمان الوضوح في الإطار القانوني والتنظيمي المنطبق على العمال المهاجرين وأسرهم.
وصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الحالي، على قانون لجوء الأجانب رقم 164 لسنة 2024، وتداولت وسائل إعلام بنوده، إذ ينص في مادته الأولى على عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر.
ووفق المادة 18 من القانون، يكون للاجئ الحق في العمل، والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، كما يكون له الحق في ممارسة المهن الحرة حال حمله لشهادة معترف بها بعد الحصول على تصريح مؤقت من السلطات. وتؤكد المادة 20 حق الطفل اللاجئ في التعليم الأساسي. ويكون للاجئين من حاملي الشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج الحق في الاعتراف بها.
والشهر الماضي، قال رئيس حزب العدل عبد المنعم إمام إن قانون لجوء الأجانب في مصر جاء متأخرًا بمدة تصل إلى 75 عامًا، مشيرًا إلى أن الحكومات المتعاقبة أجلت إصداره لفترات طويلة، وموضحًا أن إصداره يُعد استجابة منطقية للالتزامات العالمية.
ويحظر القانون على اللاجئ الانخراط في السياسة أو النقابات، وكذا المشاركة في عمل عدائي ضد أي دول أخرى، بما في ذلك بلده الأصلي، أو الانخراط في أي أنشطة من شأنها المساس بالأمن القومي أو النظام العام.
وأعربت لجنة الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في تقريرها، أمس، عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بزيادة المداهمات للمجتمعات التي تضم أعدادًا كبيرةً من المهاجرين، وزيادة الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، واستمرار عمليات الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وأسرهم، خاصة بعد صدور لوائح الإقامة الجديدة للأجانب في عام 2023.
وحثت اللجنة الحكومة المصرية على منع الاعتقالات التعسفية، واحترام التزامات الإجراءات القانونية الواجبة، وحظر جميع مزاعم الطرد الجماعي والتحقيق فيها.
وأقرت اللجنة بجهود مصر الرامية إلى مكافحة الاتجار بالأشخاص وتعزيز المساءلة ردًا على أعمال العنف التي ارتُكبت ضد المهاجرين.
وقدرت المنظمة الدولية للهجرة، في أغسطس/آب 2022، عدد المهاجرين الذين يعيشون في مصر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة، وحسب مفوضية اللاجئين تستضيف مصر أكثر من 792 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عددًا يليها السورية، تليها أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق.
مخالفات جسيمة
وأعلنت منصة اللاجئين في مصر، خلال الجلسة التحضيرية للعرض الدوري الشامل بالأمم المتحدة، الاثنين الماضي، رفضها قانون اللاجئين "لما فيه من عيوب ومخالفات جسيمة للالتزامات الدولية المفروضة على مصر، لقد أتى القانون من بُعد أمني فقط دون مراعاة، وبالمخالفة الصريحة، للالتزامات الخاصة بالحماية الدولية، والحماية من الترحيل القسري، والتمكين الكامل من حق التماس اللجوء".
ينقل القانون صلاحية استقبال وتسجيل ودراسة أوضاع اللاجئين من المفوضية السامية للاجئين إلى لجنة حكومية "تتوسع في صلاحياتها دون أي رقابة"، حسبما أكدت منصة اللاجئين.
وقالت إن تطبيق مثل هذا القانون "سوف يتسبب في انتهاكات موسعة وإفلات من العقاب لمرتكبي هذه الانتهاكات، كما يسبب معاناة مضاعفة للاجئين وملتسمي اللجوء، ومخاطرَ مضاعَفةٍ للفئات الأكثر تعرضًا للخطر، مثل الأطفال والنساء والفتيات والمدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب الهويات الجندرية أو الأديان غير المقبولة والمجرمة في مصر".
ووثقت منصة اللاجئين خلال الأعوام الماضية حرمان آلاف الأشخاص من الوصول إلى حق اللجوء، من خلال إجراءات وسياسات "قاسية وغير عادلة، فرضتها الحكومة المصرية على عملية دخول أراضيها، أو التسجيل في مفوضية شؤون اللاجئين، أو الحصول على تصاريح إقامة، الأمر الذي دفع الأشخاص للبقاء في وضع غير قانوني وتعرضهم لمخاطر مضاعفة دون حماية قانونية"، حسبما أكدت.
كما وثقت منصة اللاجئين في مصر في تقاريرها وتحقيقاتها قيام السلطات المصرية بعمليات "احتجاز واسعة لآلاف اللاجئين وملتمسي اللجوء على مستوى وطني، تم احتجازهم بشكل غير قانوني في مقرات احتجاز بينها الرسمي والسري".
وأوصت، من بين توصياتها، بوقف عمليات الترحيل القسري وضمان عدم إعادة اللاجئين إلى أماكن تتعرض فيها سلامتهم للخطر.
من جهتها، عددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الإشكالات في عملية الصياغة والنصوص الواردة بقانون اللاجئين، مستنكرة تجاهل أصحاب المصلحة الرئيسيين في المناقشة والصياغة والتسرع في الطرح للمناقشة والتصويت.
وقالت "رغم مطالب المنظمات الحقوقية على مدى أكثر من عام ونصف العام، لحث الجهات التنفيذية والتشريعية المسؤولة على السماح لأصحاب المصلحة من الخبراء ومنظمات المجتمع المدني والمحامين المتخصصين، بالاطلاع على مشروع القانون والمشاركة في المناقشات حوله، للوصول إلى صياغة تعالج التحديات والإشكاليات التي أنتجها نظام اللجوء المعمول به؛ قوبلت هذه المطالب بالرفض من الجهات التنفيذية والتشريعية المسؤولة، ليخرج مشروع القانون المقترح من منظور أمني بحت، يتجاهل وجود منظومة قانونية قائمة، ويحرم الأشخاص من الحقوق الأساسية المرتبطة بالحماية الدولية".
وتنص المادة 13 من القانون على حظر رد اللاجئ أو إعادته قسريًا إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، كما تنص المادة 23 على أنه "لا يجوز تحميل اللاجئ أي ضرائب أو رسوم أو أي أعباء مالية أخرى، أيًا كان تسميتها، تغاير أو تختلف عن تلك المقررة على المواطنين".