حساب هيئة تحرير الشام على تليجرام
فصائل مسلحة في حلب، 30 نوفمبر 2024

تصاعد الاشتباكات في سوريا.. ودبلوماسيان سابقان: دليل على قصور نظام "الأسد"

محمد الخولي
منشور الأحد 1 ديسمبر 2024

شن الطيران السوري والروسي، اليوم الأحد، غارات على معاقل فصائل المعارضة المسلحة في ريفي حلب وإدلب، بالتزامن مع إعلان الجيش السوري استعادة سيطرته على عدد من البلدات التي اجتاحتها الفصائل المسلحة في محافظة حلب قبل يومين، فيما قالت المعارضة المسلحة إنها استولت على منظومة دفاعية أرض جو روسية، معلنة سيطرتها على مطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي، حسب الجزيرة.

وشنت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، إلى جانب فصائل أخرى، الأربعاء الماضي، هجومًا غير مسبوق هو الأعنف منذ سنوات في محافظة حلب، وتمكنت من التقدم في عشرات البلدات والقرى في محافظة إدلب، وهو الهجوم الذي اعتبره دبلوماسيان مصريان سابقان دليلًا يعكس "قصورًا" من جانب السلطات السورية ونظام الرئيس بشار الأسد.

وأقر الجيش السوري الجمعة الماضي، بفقدانه السيطرة على حلب وإدلب، إثر "هجمات لجبهة النصرة الإرهابية" بالأسلحة والمعدات الثقيلة.

ونفى المرصد السوري لحقوق الإنسان صحة دخول الفصائل المسلحة المعارضة لمدينة حماة، مؤكدًا أن قوات الجيش السوري أقامت حزامًا لحماية المدينة معززة بقوات كبيرة، حسب سكاي نيوز، وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، إن الجيش تمكن من رسم قوس وإنشاء دفاعات حصينة عن حماة تمتد من أطرافها الشمالية إلى بلدة السقيلبية.

وفي تصريحات نشرتها الرئاسة السورية، اليوم، تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بـ"استخدام القوة للقضاء على الإرهاب"، وقال في اتصال هاتفي مع القائم بصلاحيات الرئيس الأبخازي، إن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة، وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها، أيًا كان داعموه ورعاته، والإرهابيون لا يمثلون لا شعبًا ولا مؤسسات، يمثلون فقط الأجهزة التي تشغلهم وتدعمهم".

وتعجب دبلوماسيان مصريان سابقان تحدثت إليهما المنصة من التطور السريع للأحداث في سوريا، وسهولة سيطرة الفصائل المسلحة على مساحات جديدة أمام انسحاب الجيش السوري وتأخر تدخل القوات الروسية الداعمة للنظام السوري.

وبينما اتفق الدبلوماسيان السابقان على خطورة التطورات العسكرية في سوريا، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي، أن التطورات الأخيرة  "تشير إلى قصور كبير من جانب السلطة السورية"، وأضاف لـ المنصة "فيما يبدو أن ما حدث نتيجة تراجع الدعم الروسي والإيراني لسوريا".

وذكرت سي إن إن في تحليل نشرته اليوم، أن "التفسير الواضح لما يحدث في سوريا هو أن حلفاءها الرئيسيين، روسيا، وإيران، وحزب الله، يتعرضون جميعًا للضغوط وتخلوا عن حذرهم، وسحب حزب الله، الذي لعب دورًا رئيسًا في دعم النظام خلال أحلك أيام الحرب الأهلية، معظم قواته إلى لبنان بعد طوفان الأقصى لمحاربة إسرائيل".

ودعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم، الدول الإسلامية للتدخل لمنع استمرار الأزمة السورية، و"لمنع استغلال أمريكا وإسرائيل للصراعات الداخلية في الدول، ووضع حد لاستمرار هذه الأزمات".

وقال بزشكيان في كلمة أمام البرلمان، إن "إيران لم تسعَ أبدًا إلى توسيع دائرة الحرب والقتل"، معتبراً أن إيران "ليس لديها أي أطماع تجاه حدود الدول الأخرى، ونؤمن بأن دول المنطقة يجب أن تحل مشاكلها عبر الحوار".  

من ناحيته، نوَّه مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن، إلى وجود "عدة مؤشرات" على اقتراب هذا الهجوم من جانب الجماعات المسلحة، لافتًا إلى الدور الأمريكي الإسرائيلي فيه بقوله "عندنا تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تغيير الشرق الأوسط، وبالتأكيد لم يقصد هنا فلسطين فقط بل المنطقة، وكذلك تهديده الرئيس السوري بشار الأسد بقوله إنه يلعب بالنار"، مشيرًا إلى أن التحرك العسكري بدأ بعد ساعات من هذه التصريحات.

كان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض شون سافيت، نفى ارتباط الولايات المتحدة بما يحدث في سوريا وقال "لا علاقة للولايات المتحدة بهذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام، وهي منظمة إرهابية"، حسب سكاي نيوز.

وذكَّر رخا بوجود عدة أطراف دولية وإقليمية في سوريا؛ روسيا وإيران الداعمتان لنظام الأسد، والولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا التي تدعم الجيش السوري الحر، الذي يضم جنودًا سابقين أعلنوا انشقاقهم عن الجيش السوري، إلى جانب جماعات إرهابية مسلحة كانت تعمل مع داعش ثم انفصلت عنها، لكنها تحمل نفس أفكارها.

وقلل رخا من أهمية التصنيف الأمريكي  لجبهة تحرير الشام كتنظيم إرهابي موضحًا أن ذلك لا يعني ألَّا يكون هناك دعم له بطريقة أو بأخرى، مضيفًا أن السؤال الكبير الذي يجب أن نبحث له عن إجابة هو: من أين جاءت هذه الجماعات بالأسلحة الثقيلة والمسيرات التي نفذت بها الهجوم؟

وتابع "من الواضح أن الهجوم حدث نتيجة تعاون إسرائيلي أمريكي بمساهمة أو تغاضٍ تركي".

وأشار رخا إلى "النصائح الأمريكية" التي  لم يستجب لها الأسد بضرورة تنفيذ القرار الأممي 2254، متسائلًا "هل كانت أمريكا تعرف أن هناك شيئًا ما يحدث؟".

وأدرج مجلس الأمن عام 2014 جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، وفق الاسم الأكثر شيوعًا لها، على قائمة العقوبات المتعلقة بالكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة، كما صنفتها الولايات المتحدة إرهابية منذ عام 2012، وهي تنظيم مسلح تشكل إبان الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد على يد أبو محمد الجولاني. 

وعن مسؤولية الجانب الروسي في هذا الهجوم، قال رخا إن روسيا مشغولة بالتصعيد الأخير في أوكرانيا، وهناك علامات استفهام كبيرة حول موقفها خاصة وأن لديها القدرات الاستخباراتية والعسكرية والأقمار الصناعية التي تصور المنطقة بالكامل "فلماذا لم تنتبه لاستعدادات هذه الجماعات قبل الهجوم؟".

ورجّح رخا أن هناك استياءً روسيًا من الأسد لأنه لم يستجب للمساعي الروسية لإصلاح علاقاته بتركيا، فالرئيس السوري ذهب إلى موسكو للتشاور وتوضيح أن لا مانع لديه من التصالح مع تركيا لكن بشرط انسحاب قواتها العسكرية من الأراضي السورية، أو على الأقل وضع جدول لانسحابها.

على الجانب الآخر، حسب رخا، هناك حالة من الفتور في العلاقات الروسية الإيرانية، رغم الدور الروسي في انضمام إيران إلى مجموعة البريكس.

وعن سبب هذا الفتور قال رخا إن "لإيران تواجد عسكري وثقافي وديني في سوريا بينما يظل التواجد الروسي عسكري فقط"، بالإضافة إلى أن إيران بدأت الفترة الأخيرة عقد اتفاقات مع الجانب السوري لإعادة إعمار البلاد، وهو ما يشير إلى وجود تنافس روسي إيراني على الأراضي السورية حول ماذا سيكون عليه الوضع بعد إنهاء الأزمة.

ونقلت وكالة مهر الإيرانية، اليوم عن وزير الخارجية عباس عراقجي أنه سيتوجه اليوم إلى دمشق "لأحمل رسالة الجمهورية الإسلامية إلى الحكومة السورية، نحن ندعم بقوة الحكومة والجيش السوري"، مؤكدًا أن "الجيش السوري سينتصر مرة أخرى على هذه المجموعات الإرهابية كما كان في السابق".