تتواصل جهود الإنقاذ في حادث غرق اللنش السياحي "سي ستوري" شمال مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر، وكان على متنه 31 سائحًا من جنسيات مختلفة، وطاقم مكون من 14 فردًا.
وأظهرت مؤشرات الطقس وجود تحذيرات منذ عدة أيام من الملاحة في المنطقة، في وقت حمّل أحد أبرز المحققين البحريين والمشرف على استخراج الصندوق الأسود للعبارة السلام اللواء سيد شعيشع مسؤولية غرقه لمن منحه أمر الإبحار.
وتشير المعلومات الأولية إلى غرق اللنش بمنطقة شعاب سطايح شمال مدينة مرسى علم، حيثُ تلقى مركز السيطرة بالمحافظة بلاغًا في الساعة الخامسة والنصف صباحًا يفيد بغرقه.
وأوضحت محافظة البحر الأحمر، في بيان، اليوم، أن اللنش السياحي المنكوب كان في رحلة غطس، انطلقت من ميناء بورتو غالب بمرسى علم يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وكان من المقرر عودته إلى مارينا الغردقة يوم 29 نوفمبر.
وأشار البيان إلى انتشال 28 شخصًا من حادث غرق اللنش السياحي، فيما تتواصل عمليات البحث عن 17 مفقودًا، مضيفًا أن الفرقاطة "الفاتح" والطائرات التابعة للقوات المسلحة تواصل تمشيط المنطقة، بالتنسيق مع مركز الإنقاذ البحري وغرفة عمليات المحافظة. وأكد أن الناجين الذين أُنقذوا يتلقون الرعاية الطبية اللازمة، مع تكثيف الجهود للعثور على بقية المفقودين.
ونفى المستشار الإعلامي لمحافظ البحر الأحمر محمد مخلوف، في تصريح مقتضب لـ المنصة، انتشال أي جثة حتى الساعة الثالثة عصر اليوم الاثنين بتوقيت القاهرة. وعن أسباب غرق اللنش السياحي، أشار مخلوف إلى أن هناك فحصًا يجري حاليًا للحادث، كما أن عمليات الإنقاذ لا تزال جارية حتى الآن، إذ يجري البحث عن بقية ركاب اللنش.
تحذير بحري
وأجرت المنصة تحليلًا لحالة الطقس، اليوم الاثنين، عبر Windy/ويندي، وهي منصة تفاعلية على الإنترنت تقدم خدمات التنبؤ بالطقس في جميع أنحاء العالم، وأدخلت البيانات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليلها.
وأظهرت بيانات الطقس في منطقة مرسى علم ليوم الاثنين 25 نوفمبر بعض المؤشرات التي قد تعوق الملاحة. إذ كان من المتوقع هطول أمطار غزيرة طوال اليوم، ما قد يؤدي إلى انخفاض الرؤية وصعوبة الملاحة. بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات إلى رياح قوية تصل سرعتها إلى 26 عقدة مع هبات تصل إلى 27 عقدة، وهذا قد يُعوق حركة السفن الصغيرة ويُسبب اضطرابًا في البحر.
"لذلك، يُنصح بتوخي الحذر الشديد عند الإبحار في منطقة مرسى علم يوم الاثنين. ويجب على البحارة مراقبة توقعات الطقس باستمرار واتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم"، وفق ويندي.
يتوافق هذا التحليل مع التحذير الرسمي للهيئة العامة للأرصاد الجوية، إذ يقول رئيسها، اللواء هشام طاحون لـ المنصة إن الهيئة أصدرت بالفعل تحذيرًا بحريًا يخص البحر الأحمر يوم 23 نوفمبر، وتحذيرًا آخر يخص البحر المتوسط صدر يوم 24 نوفمبر.
وأفاد تحذير الأرصاد الجوية باضطراب الملاحة البحرية على البحر الأحمر وخليج السويس؛ حيث توقع خبراء الهيئة أن تتراوح سرعة الرياح بين 60 و70 كم/ساعة (أي ما يعادل 32 إلى 38 عقدة)، مع ارتفاع الأمواج من 3 إلى 4 أمتار. ويبدأ هذا الاضطراب من الساعة 12:00 ظهر يوم الأحد 24 نوفمبر ويستمر حتى الساعة 12:00 ظهر يوم الاثنين 25 نوفمبر 2024، وفق ما اطلعت عليه المنصة.
اللافت أن التحذير الرسمي صدر قبل إبحار اللنش السياحي، الذي أبحر في اليوم التالي للتحذير البحري. ويعلق طاحون "تصدر الهيئة تحذيراتها وترسل لجميع الجهات التي تتصرف وفقًا لظروفها ومحدداتها، ولا تستطيع الهيئة إجبار أي جهة على الالتزام بالتحذير".
يشار إلى أن الصفحة الرسمية لمحافظة البحر الأحمر، أعلنت السبت اضطراب حالة البحر الأحمر وخليج السويس، وفي بيان آخر أمس الأحد أكدت استمرار إغلاق ميناء الغردقة البحري، بسبب سرعة الرياح وارتفاع الأمواج؛ ما يفتح أبواب التساؤلات حول سبب إبحار اللنش الغارق في ظل هذه الظروف الجوية.
سيناريوهات محتملة
اللواء سيد شعيشع، تحدث لـ المنصة عن الأسباب المحتملة لغرق اللنش السياحي، إذ يقول إنه في حالة هذه الحادث، فإن اللنش بدأ رحلته ثم انقلبت حالة البحر.
وعن سبب تأخر الإنقاذ، يرجح الخبير البحري وجود وسائل سلامة وأمان، إذ من المفترض وجود ما يعرف بالرماصات، وهي قوارب نجاة قابلة للنفخ تُستخدم في حالات الطوارئ البحرية لحماية الركاب والطاقم.
تُخزن الرماصات في حاويات صغيرة وتُنفخ بسرعة في حالات الطوارئ. وتتميز بمتانتها واستقرارها، وتحتوي على معدات ضرورية للبقاء على قيد الحياة مثل مجموعة إسعافات أولية، وماء الشرب، وأطعمة مجففة، وأدوات إشارة.
ويقول المحقق البحري الذي سبق له الإشراف على استخراج الصندوق الأسود للعبارة "السلام" إن أي مركب سياحي يحمل أكثر من 25 شخصًا، أو طوله يتجاوز 25 مترًا، لا بد أن يحمل قاربي نجاة، أحدهما في الجانب الأيمن، والآخر في الجانب الأيسر. ومن بين وسائل الأمان المهمة وجود جهاز في المركب يعطي إشارة فورية للأقمار الصناعية في حالة الغرق، تحتوي هذه الإشارة على جميع بيانات المركب ومالكه.
ويختتم حديثه لـ المنصة، "في هذه الحالة تقع المسؤولية على من أعطى الإذن بإبحار المركب، كما أنه من الضروري أن يكون هناك تتبع للمركب في المياه لمعرفة موقعه الدقيق أولًا بأول"، مرجحًا غياب جميع وسائل السلامة، مما أدى إلى وقوع الحادث.
ولا تعد حادثة غرق اللانش اليوم في مرسى علم الأولى، إذ غرق لانش آخر في البحر الأحمر خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري في رحلة غوص، وكان على متنه عدد من المصريين والأجانب. وآنذاك نجحت فرق الإنقاذ في إنقاذ جميع ركاب اللنش وعددهم 30 شخصًا، من بينهم 15 سائحًا أجنبيًا من جنسيات متعددة.