أوصت هيئة مفوضي الدولة بإلغاء قرار العرض العام لفيلم الملحد لعدم تقديم الشركة المنتجة ما يفيد بموافقة الأزهر على عرض الفيلم، فيما طالب مدير ومؤسس مكتب عثمان للمحاماة المختص في القضايا المتعلقة بالمصنفات الفنية محمود عثمان، في حديث مع المنصة، بإعادة صياغة قانون المصنفات الفنية للحد من "السيطرة المطلقة لأجهزة الدولة على الأعمال الفنية".
وحصلت المنصة على نص تقرير هيئة مفوضي الدولة الصادر في الدعوى القضائية رقم 85645 لسنة 78 قضائية، إذ أوصت الهيئة محكمة القضاء الإداري بإصدار حكم بإلغاء قرار الرقابة على المصنفات الفنية بالترخيص للفيلم بالعرض العام، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها منع عرض الفيلم.
وذكر التقرير أن الدعوى بررت طلبها بمنع عرض الفيلم بـ"احتوائه على دعوات إلحادية وتعريض بالأديان السماوية مخالفًا بذلك نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لتنظيم أعمال الرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية".
وتلزم المادة الثامنة من تلك اللائحة القائمين بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر في طلب الترخيص بأي مصنف مراعاة ألا يتضمن المصنف أو ينطوي على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام.
ويحظر نص المادة على وجه الخصوص الترخيص بأي مصنف "يتضمن الدعوات الإلحادية والتعريض بالأديان السماوية، وتصوير أو عرض أعمال الرذيلة أو تعاطي المخدرات على نحو يشجع على محاكاة فاعليها، والمشاهد الجنسية المثيرة وما يخدش الحياء بعبارات وإشارات البذيئة، وأخيرًا عرض الجريمة بطريقة تثير العطف أو تغري بالتقليد أو تضفي هالة من البطولة على المجرم".
كما استند التقرير إلى فتوى قضائية سبق للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إصدارها، وانتهت فيها إلى أن "تقدير الشأن الإسلامي الذي يتخلل حماية النظام العام والآداب ومصالح الدولة العليا من ولاية الأزهر وهيئاته وإداراته حسب قانونه، وأن رأي الأزهر في هذا الشأن يكون ملزمًا لوزارة الثقافة فيما تصدره من قرارات بالترخيص الصريح أو الضمني بأي من المصنفات السمعية والسمعية البصرية وتكون متعلقة بالشأن الإسلامي".
وأكد التقرير في توصيته الاستشارية وغير الملزمة، أنه بمطالعة الإعلان الرسمي الخاص بفيلم محل الدعوى الملحد، تبين أن الفيلم "تدور فكرته حول شاب ينتمي لأسرة مسلمة ولأسباب غير واردة بالإعلان قرر الشاب إعلان كفره لوالده فقرر والده تطبيق حد الردة عليه، وهي استتابته ثلاثة أيام وإلا فإنه يقتل".
وتابع التقرير "حيث أن الفيلم على هذا النحو يتعلق بشأن إسلامي، وبالتالي فإن الإدارة العامة للرقابة على المصنفات تصبح ملزمة بأخذ رأي الأزهر بشأنه".
وأكد التقرير أن أيًا من الرقابة على المصنفات الفنية أو الشركة المنتجة للفيلم لم يقدم ما يفيد سابق حصولهم على موافقة الأزهر قبل إصدار ترخيص العرض العام للفيلم "باعتباره صاحب الولاية في تقدير الشأن الإسلامي الذي يندرج ضمن حماية النظام العام والآداب ومصالح الدولة العليا، الأمر الذي يتعين معه التقرير بإلغاء قرار الترخيص بالعرض العام للفيلم دون موافقة الأزهر".
ويضم الفيلم الممثلين أحمد حاتم، ومحمود حميدة، وحسين فهمي، وشيرين رضا، وتأليف إبراهيم عيسى، وإخراج محمد العدل، وإنتاج أحمد السبكي.
وحسب BBC، أكد صناع فيلم "الملحد"، في أغسطس/آب الماضي، أن العمل لا يهدف إلى الترويج للإلحاد، بل يسعى لفتح باب النقاش والتعمق في أسبابه وطرق التعامل معه.
وناشد صناع الفيلم وقتها الجمهور بالتروي وعدم إطلاق الأحكام المسبقة قبل مشاهدة العمل.
من ناحيته، قال المحامي محمود عثمان لـ المنصة إن نص تقرير مفوضي الدولة يشير إلى أنه في حال ظهور موافقة الأزهر على الفيلم في أي وقت يجب عرض الفيلم.
وشدد تقرير مفوضي الدولة على أن "ما كفله الدستور من حرية إبداع فني وأدبي، هي حرية ليست مطلقة، إذ حدها القانون بحدود حماية الآداب العامة، والمحافظة على الأمن، والنظام العام، ومصالح الدولة العليا، فضلًا عن حماية المقومات الأساسية للمجتمع التي حددها الدستور، وقيمه الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية".
وأكمل "فإذا ما خرج المصنف السينمائي عن أحد هذه الحدود اعتُبر خارجًا عن المقومات الأساسية الاجتماعية أو الأخلاقية أو السياسية، التي يحميها الدستور، والتي تعلو وتسمو دائما، في مجال الرعاية والحماية، على ما تتطلبه الحرية الفردية الخاصة".
وأشار عثمان إلى أن حرية الإبداع مقيدة بثلاثة أمور حصرية "وهي التحريض على العنف، أو الإساءة لسمعة فرد بعينه، أو التمييز بين الأفراد"، لافتًا إلى أنه بوجه عام يجب إعادة صياغة قانون المصنفات الفنية "حتى لا تكون هناك سيطرة مطلقة لأجهزة الدولة على الأعمال الفنية".
وأضاف أننا "في عصر المنصات ويستحيل فيه تشديد الرقابة، لأنه ببساطة سيتم عرض الفيلم الممنوع من الرقابة على مختلف المنصات".
ولفت عثمان إلى أن الحديث عن الآداب العامة والنظام العام وأخلاقيات المجتمع هو "كلام فضفاض جدًا إذ لا يوجد تعريف قانوني للفعل الذي يخالف الآداب العامة أو النظام العام".