عبرت المحامية الليبية المقيمة في لندن والناشطة الحقوقية نيفين الباح عن قلقها الشديد من ارتدادات في الحريات العامة، عقب تصريحات لوزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي عن فرض قواعد جديدة لـ"الآداب العامة"، تتضمن تضييقات على النساء وتدعو لفرض الحجاب، في وقت حذرت منظمة العفو الدولية من انتهاك حقوق المرأة والمساواة.
وأعلن الطرابلسي، خلال مؤتمر صحفي مساء الأربعاء الماضي، عن عودة دوريات شرطة الآداب للعمل الشهر المقبل، مضيفًا أنها ستمنع "صيحات" الشعر غير المناسبة وملابس الشباب التي لا تتماشى مع ثقافة المجتمع وخصوصياته.
ونبّه الطرابلسي من سفر المرأة من دون محرم، كما شدد على ضرورة ارتداء المرأة لباسًا محترمًا في الأماكن العامة، داعيًا وزارة التعليم إلى فرض ارتداء الحجاب على الطالبات.
وقالت الباح لـ المنصة إن تصريحات الطرابلسي "تُمثل تعديًا صارخًا على المساحات الشخصية وحقوق المواطنين، وخطر كبير على الاستثمار والتنمية في ليبيا التي تحاول النهوض بعد سنوات طويلة من الحرب والإرهاب".
وأوضحت أن جهاز الآداب العامة الذي تحدث عنه الوزير هو جهاز أمني "كان موجود زمان"، لكن ليس بهذه الصورة التي يتحدث عنها الآن، واستدركت "تصريحاته تلمح بإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس مجرد جهاز شُرَطي، وزير الداخلية يتحدث عن قندهار جديدة وليس ليبيا".
وتعد قندهار الأفغانية، التي تحكمها حركة طالبان، مثالًا على قمع حقوق المرأة في التعليم والعمل.
وشددت المحامية الحقوقية الليبية "يجب التصدي لهذا، نحن لن نسمح به كمدافعين ونشطاء حقوقيين ما زلنا نناضل من أجل بلادنا".
ودعت الباح، أمس، النشطاء الليبيين إلى التوقيع على بيان اعتراض على حديث وزير الداخلية، جاء فيه "هذه التصريحات، التي تضر بحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية، تتنافى مع المبادئ التي نص عليها الإعلان الدستوري والقوانين النافذة في ليبيا، وتعد تراجعًا خطيرًا عن مكاسب الشعب الليبي في مجال الحريات".
وكان وزير الداخلية الليبي شدد على أنهم يتجهون إلى منع اختلاط النساء بالرجال في المقاهي والأماكن العامة، قائلًا "من يريد العيش بحرية فليذهب للعيش في أوروبا".
وأضافت الباح أن "وزير الداخلية مُلزم بالاعتذار للشعب الليبي، بل أطُالب رئيس الحكومة بإقالته احترامًا للشعب الليبي ولتضحيات شهدائه، ونحن كمناضلين دفعنا أثمان باهظة وخرجنا بره البلاد بسبب آرائنا المدنية، وما زالنا نطالب بدستور ودولة مدنية تحمي جميع الحقوق والحريات وهكا ما يستحقه شعبنا".
وقالت منظمة العفو الدولية، في بيان أمس "تُعدّ تهديدات وزير الداخلية بقمع الحريات الأساسية باسم الأخلاق تصعيدًا خطيرًا في مستويات القمع الخانقة أصلًا في ليبيا بوجه الذين لا يمتثلون للمعايير الاجتماعية السائدة".
وأضافت المنظمة أن "اقتراحات فرض الحجاب الإلزامي على النساء والفتيات من عمر تسع سنوات، وتقييد الاختلاط بين الرجال والنساء، ومراقبة اختيارات الشباب الشخصية فيما يتعلق بقصات الشعر والملابس، ليست فقط مثيرة للقلق، بل تشكل أيضًا انتهاكًا لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي".
وتابعت العفو الدولية، أنه في خطوة أخرى تستهدف "انتهاك حقوق المرأة والمساواة"، اقترح وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية إجبار النساء على الحصول على إذن من أولياء أمورهن الذكور قبل السفر إلى الخارج، وتفاخر بإعادة امرأتين ليبيتين قسرًا من تونس بعدما سافرتا من دون أولياء، كما أعلن عن خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لمراقبة الأماكن العامة وأماكن العمل والتفاعلات الشخصية "في انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد واستقلاليتهم وحرية تعبيرهم".
وشددت المنظمة "يجب على حكومة الوحدة الوطنية إلغاء هذه الإجراءات القمعية المقترحة، وبدلًا من ذلك، التركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، التي تتسم بالاعتقال التعسفي الجماعي، والاختفاء القسري، والتعذيب والمحاكمات الجائرة. كما يجب حماية حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، واتخاذ تدابير لمكافحة جميع أشكال العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز".
وبينما تواصل حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس برئاسة عبد الحميد دبيبة وحكومة الاستقرار الوطني الموازية في شرق ليبيا التي أنشأها برلمان طبرق شرق البلاد التنافس على السيطرة في ليبيا، بدأ جهاز الأمن الداخلي في طرابلس منذ مايو/آيار بمطالبة النساء الليبيات المسافرات دون مرافق ذكر بملء استمارة مفصلة حول أسباب سفرهن وسفرهن السابق، وهو ما لا يشترطه القانون الليبي وينتهك حقوق المرأة في المساواة وحرية التنقل.
ووفق تقرير سابق لـhuman rights watch، تفتقر ليبيا إلى قانون للعنف الأسري يحدد تدابير لمنع العنف الأسري، ومعاقبة المعتدين، وحماية الضحايا. كما يميز قانون الأحوال الشخصية الليبي ضدّ المرأة في مسائل الزواج والطلاق والميراث. كما يُميّز قانون الجنسية لسنة 2010 بالسماح للرجال الليبيين فقط بمنح الجنسية الليبية لأولادهم، ويلزم النساء بالحصول على موافقة السلطات قبل الزواج من رجل غير ليبي.