تبرأت وزارة السياحة والآثار، اليوم، من عملية ترميم تماثيل أسود كوبري قصر النيل، وذلك إثر حالة من الاستياء عبر السوشيال ميديا وبين المتخصصين، جراء ما اعتبروه "تشويهًا" للتماثيل بعد طلائها بدهان أسود لامع، ما وصفته نقابة التشكيليين في بيان أمس، بأنه "مخالف للقواعد العلمية والفنية التي أفقدت التماثيل قيمتها الفنية".
وقالت الوزارة في بيان اليوم، إن "هذه التماثيل ليست في عداد الآثار المُسجلة، وأعمال التنظيف والصيانة التي تتم تأتي في إطار التعاون مع محافظة القاهرة للاستعانة بخبرات المجلس الأعلى للآثار في مجال الترميم بهدف إظهار التماثيل الموجود بالميادين والحدائق العامة بالشكل الحضاري والجمالي لها".
كما نفت الوزارة استخدام طلاء، قائلة "أعمال التنظيف اقتصرت على إزالة الأتربة والاتساخات ووضع طبقة عزل شفافة لحماية التماثيل من العوامل الجوية.. ولم يتم إطلاقًا استعمال ورنيش أو أي مواد ملونة أو ملمعة".
لكن وكيل عام نقابة التشكيليين الدكتور محمد الصبان رد على ذلك لـ المنصة، قائلًا "مش محتاجين متخصصين، أي حد هيعدي بجوار تمثال أسد قصر النيل هيشم روائح نفاذة جدًا للطلاء وليس التنظيف".
وأضاف أنهم أكدوا عدم استخدام مواد دهانات كيميائية "والحقيقة أن الطلاء واضح جدًا، وغير درجة لون التمثال، واللمعة الشديدة واضحة للمارة وفي الصور المتداولة، وده دليل إنهم استخدموا مواد مكنش المفروض يستخدموها".
وأكد الصبان أن التماثيل لم تكن بحاجة للترميم "التماثيل البرونزية كانت محتاجة نظافة فقط، حتى اليافطة المكتوبة بجوار السقالات المحيطة للأسود، التي تحمل عنوان: صيانة وترميم أسود قصر النيل بالتعاون مع وزارة الآثار، فيها خطأ كبير، لإن التماثيل كانت محتاجة التنظيف فقط من خلال مواد بسيطة كمذيبات الأتربة".
وأوضح أنه "كان يجب لصق مذيبات الأتربة بقطع من الشاش يلف بها التمثال، وهي ستقوم بإزالة كل الغبار والأتربة المتراكمة عليه".
وأكد وكيل نقابة التشكيليين أن طبقة الطلاء التي أضيفت على التمثال غيرت شكله ودرجة لونه، ومع الوقت وعوامل التعرية والشمس وعوادم السيارات، سوف تقشر هذه الطبقات من الطلاء و"هتسحب من طبقة البرونز الأصلية بالتمثال".
وتابع "إحنا مش بنسمع ولا شفنا الصور، أثناء خروجي مع نقيب التشكيليين طارق الكومي من مقر نقابتنا بدار الأوبرا، شوفنا السقالات واتكلمنا على اللي بيحصل، وعلق النقيب بأنها محتاجة تتغسل بس".
لكنهم فوجئوا في اليوم التالي بدهان التمثال "صعد النقيب على السقالة ليتأكد بنفسه لمعاينة التمثال من قرب" حسب وكيل نقابة الفنانين التشكيليين.
أما النحات شريف عبد البديع، فكان له رأي مختلف، إذ كتب على فيسبوك أن لون طلاء التماثيل "هوه نفس اللون القديم، لما كان مدهون جديد المرة اللى قبله وكمان المره اللى قبله. اللون لما بينشف بيفتح وكل ما يقدم بيجير ويترب".
وكانت نقابة التشكيليين أعربت أمس عن تخوفها من "أعمال صيانة أسود قصر النيل ضمن خطة لصيانة 21 تمثالًا بالميادين العامة بالقاهرة، أعلنت عنها محافظة القاهرة ووزارة السياحة و الآثار"، حسب بيان النقابة.
في سياق متصل، استنكر الصبان بسخرية ما ورد في بيان وزارة السياحة والآثار بأن تماثيل أسود قصر النيل غير مسجلة كآثار، قائًلا إن هذا العمل الفني موجود في القاهرة منذ 100 عام، من تصميم فنان النحت الشهير جاكمار "لذا وجب الحفاظ عليه من جانب متخصصين فاهمين يعلموا له صيانة دورية".
وتابع "عشان نعمل تمثال زى أسد قصر النيل دلوقتي حاجة صعبة جدًا، إحنا بنشوف الأعمال الفنية في الميادين كارثة بنعاني منها، لإنهم مش بيرجعوا للفنانين التشكيليين والمتخصصين يعلموا تماثيل بمواصفات فنية وإبداعية قيمتها تزيد طول الوقت".
يُذكر أن تاريخ كوبري قصر النيل يعود لعهد الخديوي إسماعيل، حيث اكتمل بناؤه عام 1871 ليكون أول جسر يمر فوق النيل في مصر، بالقرب من ميدان التحرير الذي كان معروفًا حينها باسم "ميدان الإسماعيلية".
أما تاريخ تماثيل أسود قصر النيل الأربعة، فيعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد أبدعها الفرنسي الشهير هنرى جاكمار، بطلب خاص من الخديو إسماعيل حيث زين اثنان من الأسود مدخل ومخرج الكوبري، لتصبح أحد أبرز رموز العاصمة المصرية حتى وقتنا هذا.