أثار هدم قبة "مستولدة محمد علي باشا" في مقابر الإمام الشافعي، والمعروفة أيضًا بقبة حليم باشا، أمس، استياءً واسعًا على السوشيال ميديا من التفريط في التراث التاريخي والعمراني للبلد.
ورفضت مديرة مكتب الإعلام بمحافظة القاهرة عزة عتريس التعليق لـ المنصة عن أسباب هدم القبة، في وقت تقدم النائب البرلماني عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل بطلب إحاطة لوزير السياحة والآثار شريف فتحي لمعرفة الأسباب.
وعبر الباحث المستقل المهتم بالمقابر التراثية الدكتور مصطفى الصادق عن حزنه من هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، قائلًا "شاهدت بلدوزرات الهدم أمس، ما حدث خسارة كبيرة وطمس لهويتنا وضياع جزء من تاريخنا وتراثنا".
وأوضح الصادق لـ المنصة أن القبة كان مدفونًا بها أربع شخصيات "نام شاذ قادين مستولدة الوالي محمد علي باشا الكبير المتوفية بالقاهرة سنة 1869، أي منذ 155 سنة، وهي والدة الأمير محمد عبد الحليم أحد أبناء محمد علي باشا، لكنه دفن في الأستانة في مقابر السلطان محمود، والأميرة كريمة ابنة الأمير محمد عبد الحليم باشا من مستولدته وجدان قادين".
وتضم المقبرة أيضًا الأمير محمد علي حليم بن الأمير محمد عبد الحليم باشا من المستولدة مظهر فيض قادين، الذي توفي سنة 1944 ودفن تحت هذه القبة، وأخيرًا النبيل عباس حليم حفيد الأمير محمد عبد الحليم باشا، الذي ولد عام 1897 وتوفي عام 1972، وفق الصادق.
وأضاف "تصميم القبة كان على الطراز المملوكي، وهي تشبه قبة أبو السعيد قنصوة المسجلة كأثر بمنطقة الغفير ولكن مع اختلاف النسب، فهي كانت أحلى وأروع، مكتوب بداخلها ديوان شعر من العصر الأيوبي لكمال الدين ابن النبيه، لم أشاهد مثله في مكان آخر، بالإضافة إلى الآيات القرآنية والمقرنصات".
وقال النائب البرلماني عبد المنعم إمام لـ المنصة "استفزتني صور هدم القبة أمس، هذا المكان الذي تم هدمه بُني ودُفن فيه ناس قبل وجود دول كبيرة النهارده في المنطقة بتعمل تاريخ، بنتكلم عن حاجة أقدم من التاريخ الحديث كله، واستخدام حجة أنها غير مسجلة كأثر مستفز جدًا".
وكان كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار الدكتور مجدي شاكر، قال للمصري اليوم، اليوم، إن تلك القبة ليست أثرًا، وغير مسجلة ضمن قائمة عداد الآثار، مشيرًا إلى أنه يتم تسجيل المباني التاريخية التي مر عليها 100 عام كمبانٍ أثرية منذ صدور قانون رقم 117 لعام 1983.
وردًا على تصريحات وزارة الآثار، قال الصادق "هذه حجتهم الدائمة للهدم، هم فعلًا مش بيهدوا أثر، لكن سيظل مكانًا ذا طراز معماري وتراثي فريد، فمثلًا مسجد السيدة زينب لم يسجل كأثر إلا سنة 2017، فهل يعقل أنه كان يتم هدمه سنة 2013 مثلًا بنفس الحجة لأنه غير مسجل كأثر؟".
وقال النائب البرلماني إن رد وزارة السياحة والآثار يضع تساؤلات أكثر حول فكرة التسجيل "وبيتم إزاى، وليه في تخاذل شديد في هذه المسألة؟ فعدم التسجيل لا يعفي الوزارة من المسؤولية".
وأوضح أن "ما يحدث من أعمال هدم متكررة في هذه الأماكن التراثية، تقول إن من يتولوا زمام الحفاظ على الثقافة والآثار في مصر ليسوا على قدرٍ كافٍ من المسؤولية، ودي مسألة لازم تتراجع ويتحاسبوا عليها".
واتفق معه الباحث مصطفى الصادق، قائلًا "عدم تسجيل القبة كأثر ليس عيبًا في المكان، لكنه مسؤولية وزارة الآثار"، وأضاف "قبة حليم باشا لن تكون الأخيرة، فهناك معالم تراثية أخرى قادمة في الطريق تواجه الهدم، مثل قبة وجامع الفلكي وحوش بركات وحوش رشوان باشا عبد الله ومقبرة الشاعر ووزير الحربية محمود سامي البارودي"، مشيرًا إلى أن هؤلاء أُبلغ ذووهم بإزالة الرفات.
وردًا على التبرير الحكومي للهدم لإنشاء محاور مروية، قال إمام "أيًا كانت أهمية المشروع، ده السد العالي أما اتعمل تم نقل المعابد بمساعدة اليونسكو من خلال إجراءات لحماية الآثار، لماذا لم نتبع نفس الإجراءات لتفكيك هذه القبة التاريخية".
وتجددت أزمة هدم المباني ذات الطراز المعماري المميز التي توقفت منذ فترة، وكانت محافظة القاهرة أصدرت القرار رقم 2557 لسنة 2024، نيسان/أبريل الماضى، ينص على وقف الدفن في المقابر والمدافن الواقعة في نطاق محور صلاح سالم البديل، وهي الموجودة في منطقتي الإمام الشافعي والسيدة نفيسة بالقاهرة.