منحت وزارة النقل، الاثنين الماضي، امتياز إدارة مشروع بناء وإدارة البنية الفوقية لمحطة تداول وتصنيع بضائع الصب النظيف بميناء الدخيلة لتحالف من الشركات المحلية، بعد تعاقدات عدة سيطرت عليها كيانات أجنبية، ما عده مصدران حكوميان مطلعان على الملف، تحدثا لـ المنصة، تطورًا مهمًا في سياق تمصير صناعة المواني.
وقال المصدران إن تراجع حدة أزمة شح النقد الأجنبي، مع توافر الخبرات المحلية، ساعدا على الاعتماد على التحالف المصري الذي يضم شركات السويدي للاستثمار وميديترانيو ولات للتجارة بجانب القابضة للنقل البحري والبري.
وأعطت وزارة النقل عددًا من امتيازات إنشاء وإدارة البنية الفوقية لمحطات الحاويات لشركات أجنبية بالنظر إلى التقنية المتطورة والاستثمارات الضخمة المطلوبة لإنشاء هذه البنية، مثل محطة تحيا مصر 1 في دمياط ومحطة سفاجا 2 بميناء سفاجا.
ورغم تأسيس وزارة النقل في 2018 المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض، لكي تكون لاعبًا في مجال المواني، ومنحها امتياز محطة ميناء الإسكندرية متعددة الأغراض (مصر ) في 2023، لكنها ضمت إلى الامتياز أيضًا CMA-CGM الفرنسية.
وذلك على عكس امتياز ميناء الدخيلة الذي حصلت عليه مجموعة مصرية 100%، وهو ما يرجعه مصدر مسؤول في هيئة ميناء الإسكندرية إلى تحسن توفر النقد الأجنبي، وطبيعة المشروع كمحطة تداول للصب الجاف وهو مجال تتوافر فيه خبرات مصرية.
وقال المصدر بهيئة ميناء الإسكندرية، الذي طلب عدم نشر اسمه ،"الوزارة كانت أهدافها عند الاستعانة بشركات عالمية في بداية الأمر توجيه أنظار الخطوط الملاحية للمواقع البحرية المصرية، التي كانت تعاني من أزمة كبيرة قبل عملية التطوير التي بدأت في عام 2017، فضلًا عن رغبتها جذب مستثمرين لتوفير العملة الصعبة لتنفيذ البنية الفوقية التشغيل، التى تضم الأوناش العملاقة، وأنظمة التشغيل الإلكترونية".
ويضيف المصدر "دخول الخط الملاحي الفرنسي في 2023 في امتياز (تحيا مصر) كان أكبر ضمانة لتحقيق المستهدف السنوي من التداول، إضافة إلى تجنيب البلاد في هذا الوقت سحب ما يزيد عن 250 مليون دولار من أرصدة البنوك لشراء معدات التشغيل".
من جهة أخرى، يشير المصدر بهيئة ميناء الإسكندرية إلى أن محطة الدخيلة متخصصة في الصب الجاف النظيف، بمعنى استقبال شحنات من البضائع الجافة مثل الحبوب "وغالبية المعدات اللازمة لإنشاء هذه البنية الفوقية من هذه النوعية من المحطات يتم صناعتها محليًا".
وعن الشركات المكونة للتحالف، يقول المصدر "بالنسبة لشركة السويدي، لديها خبرة قوية في هذا المجال إذ تتولى إدارة وتشغيل الميناء الجاف في مدينة السادس من أكتوبر الذي تم افتتاحه في عام 2022، ولديها ملاءة مالية قوية لتوفير تمويلات استثمار المشروع بالجنيه المصري، أو العملة الصعبة".
وأوضح المصدر أن ميناء السادس من أكتوبر الجاف الذي تشارك "السويدي" في إدارته، سيكون حلقة وصل مهمة في تفريغ وشحن الحبوب، وتوزيعها فيما بعد على كل الصوامع المنتشرة في أنحاء الجمهورية عبر شبكة السكك الحديدية.
ويعد ميناء 6 أكتوبر الجاف أول مشروع في خطة المناطق اللوجستية، ونُفذ بنظام الشراكة مع القطاع الخاص.
وعن الشريك الثاني في التحالف، يقول المصدر "تمتلك الشركة القابضة للنقل البحري الحكومية شركة الملاحة الوطنية الناقل الرئيسي للحبوب للسوق المحلية، ومن ثم فإن الشركة التابعة لها تلعب دورًا رئيسيًا في نقل الحبوب من محطات مثل الدخيلة إلى باقي الجمهورية".
وتابع المصدر "شركة ميديترانيو للتجارة هي من أكبر الكيانات العاملة في ميناء شرق بورسعيد، في مجال الشحن والتفريغ والصب الجاف بكل أنواعه، وشركة لات للملاحة متخصصة في أعمال التخليص الجمركي والوكالة للخطوط الملاحية، ومن ثم التحالف جمع كل المتطلبات لإثبات قدرته على تشغيل المشروع في المستقبل وتحقيق حجم التداول المستهدف".
الجدير بالذكر أنه سبق عقد محطة الدخيلة اتفاق آخر بتكليف الشركة المصرية للمناطق اللوجستية، المؤسسة في أغسطس/آب الماضي بمساهمات من هيئات المواني التابعة لوزارة النقل، بتشغيل المناطق اللوجستية الواقعة في ظهير موانى الإسكندرية والبحر الأحمر.
تمويل ذاتي
ويتفق المصدر الثاني، وهو في وزارة النقل ومطلع على ملف المواني، مع المصدر السابق حول أسباب اختيار التحالف المصري، موضحًا أن المشروع سيتكلف نحو 450 مليون دولار، وسيعتمد التحالف على تدبير المبلغ، سواء من مؤسسات محلية أو دولية.
وأوضح "لا يحق للتحالف استخدام أصول المحطة كضمانة لدى البنوك المحلية أو الخارجية للحصول على تمويلات، هذا البند أساسي في كراسة شروط المشروع ونص رئيسي في الاتفاق والعقود التي تنفذها الهيئة مع الشركات بشكل عام".
ولفت المصدر نفسه إلى أن ما يقلل من عبء التمويل الأجنبي للمشروع هو قدرة الجهات المحلية على صناعة جزء كبير من مكونات المشروع "الجزء الأكبر من البنية الفوقية يضم صوامع التخزين وتصميم الساحات الخلفية للمشروع، وأنظمة التشغيل الإلكترونية، ودي شركات كتير محلية تعرف تعملها بس يحتاجوا يشتروا بعض الأوناش من برا إذا لزم الأمر".
ويبلغ إجمالي المواني البحرية المصرية 55 ميناءً، منها 18 تجاريًا، و37 تخصيصًا، تمتلك الوزارة 9 مواني منها "الإسكندرية، الدخلية، دمياط، بور توفيق، السويس، نويبع، شرم الشيخ، إلى جانب الغردقة، وسفاجا".
4 مشروعات في حوذة الشركات المحلية قربيًا
وكشف المصدر بوزارة النقل، وهو مسؤول بقطاع النقل البحري، عن 4 فرص استثمارية تنوي الوزارة تسليمها لشركات القطاع الخاص المحلية قبل نهاية العام المالي الحالي 2024-2025.
وتضم القائمة محطة الركاب بالإسكندرية وبها رصيف يبلغ 820 مترًا بأعماق 9 إلى 12 مترًا، ووصلات استقبال 8725 مترًا، والمشروع الثاني، محطة الصب الجاف في ميناء الدخيلة بطول رصيف 540 مترًا وعمق 16 مترًا ومساحة 188 ألف متر مربع، والثالث محطة الحبوب بميناء دمياط بطول رصيف بحري يصل إلى 600 متر، ومساحة تخزين البضائع في حدود 270 مترًا مربعًا، إضافة إلى إدارة وتشغيل إحدى محطات الركاب السياحية بمواني البحر الأحمر.
وأكد المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن لدى الوزارة رغبة قوية في الاعتماد على الشركات المحلية في إدارة وتشغيل المشروعات التابعة للمواني التابعة لوزارة النقل، حال توافر الشروط الرئيسة في الكيانات المحلية، ومنها الملاءمة الفنية والمالية.