أرجعت 3 مصادر مصرفية انخفاض حصة القطاع الخاص من إجمالي القروض المصرفية إلى ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم ونقص العملة الأجنبية، فيما توقع اثنان منهم استمرار التراجع خلال بيانات أغسطس/أب الماضي التي ستصدر لاحقًا إلى 40%، بعدما بلغت 51.7% في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأظهرت آخر بيانات للبنك المركزي تراجع حصة القطاع الخاص من إجمالي القروض المصرفية في أبريل/نيسان إلى 45.8% من 51.7% في يناير الماضيين.
وقالت نائبة رئيس بنك مصر السابقة، سهر الدماطي، لـ المنصة إن أسعار الفائدة كلمة السر في تراجع حصة تمويلات القطاع الخاص، فمع ارتفاعها في مارس/آذار الماضي أصبحت تكلفة القروض تصل إلى 31%، وهي تكلفة تمويل مرتفعة للغاية.
وفي مارس الماضي، أعلن البنك المركزي التزامه بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة بنسبة 6%، وهي أكبر زيادة في جلسة واحدة منذ بداية أزمة شح النقد الأجنبي في فبراير/شباط 2022.
وأضافت الدماطي "لا يمكن إغفال تأثير ارتفاع مستويات التضخم على القوة الشرائية للمصريين وإعادة ترتيب أولوياتهم، ما انعكس سلبًا على حجم الطلب وانكماش الإنتاج الفعلي للشركات، ما قلَّص من حاجتهم للتمويلات في المرحلة الراهنة".
وفي أغسطس الماضي، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 25.6%، بزيادة 0.4% عن مستواه في يوليو/تموز الماضي، وتعد أول زيادة منذ تعويم الجنيه في مارس الماضي.
الأمر نفسه أكده رئيس قطاع الائتمان بأحد البنوك الحكومية لـ المنصة، بقوله إن "القفزة الهائلة في أعباء القروض بفعل ارتفاع الفائدة دفعت العديد من شركات القطاع الخاص لتعديل استراتيجيتها وإرجاء خطط التوسع، وتأجيل الحصول على أي تمويلات جديدة".
وأشار عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي محمد عبد العال لـ المنصة إلى استمرار عدم إتاحة التمويلات الدولارية الكافية للمستوردين، ما يعوق القطاع الخاص عن القيام بنشاطه بالمستويات الطبيعية.
والأسبوع الماضي، أكد مصدران في إدارة الائتمان بالقطاع المصرفي لـ المنصة أن البنك المركزي لم يجدد تعليماته للبنوك خلال الشهر الجاري بالسماح بتمويل استيراد قائمة الـ13 سلعة التي يشدد الرقابة عليها منعًا لاستنزاف الحصيلة الدولارية، بعد أن سمح بتمويلها في أغسطس الماضي.
ارتفاع المخاطر الإقليمية
ولم تكن تداعيات مشهد التوترات الجيوسياسية إقليميًا بعيدة عن عرقلة تمويلات الكيانات الخاصة في مصر، إذ قال عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعتها من توترات إقليمية أثرت على خطط البنوك التمويلية.
وأضاف عبد العال أن "إدارات المخاطر بالبنوك راجعت ملفات الشركات وأعادت تقييم جدارتها في ضوء التطورات الأخيرة، وتم تقليص حجم التمويلات تحسبًا لتعثر بعض العملاء".
وهو الأمر نفسه الذي تؤكده النائبة السابقة لرئيس بنك مصر، إذ تقول إن "ثمة مخاوف من تعثر الشركات في سداد التزاماتها نتيجة التداعيات الاقتصادية للتوترات الإقليمية الحالية، لا سيما الشركات التي توجه إنتاجها لأسواق المنطقة".
وأوضحت الدماطي أن الشركات الحكومية لم تتأثر بالصعوبات الاقتصادية بالقدر نفسه، بفضل الامتيازات التي تحصل عليها من الدولة من توفير دعم مالي وفرص أفضل في الحصول على العقود، ما يعزز من قدرتها على الحصول على تمويلات مصرفية مقارنةً بالشركات الخاصة.
إطلاق مبادرات تمويلية
فيما يشير رئيس قطاع الائتمان في أحد البنوك الحكومية إلى أن القطاع الخاص تلقى بعض الدعم عبر مبادرات تمويلية أطلقتها الدولة بأسعار فائدة مخفضة لصالح القطاعات الإنتاجية وقطاع السياحة، التي ساهمت في الحد من وتيرة تراجع حصة الشركات الخاصة من التمويلات المصرفية، لكونها تقدم فائدة تصل إلى 15% أي أقل من نصف الفائدة الفعلية.
ووفق أحدث بيانات كشفها وزير المالية المصري، أحمد كجوك، في 15 أغسطس الماضي فإن رصيد القروض المستخدم لمبادرة القطاعات الإنتاجية بشقيها الصناعي والزراعي بلغ 67.48 مليار جنيه لعدد 2592 عميلًا حتي يونيو/حزيران 2024.
تباين في التوقعات
وتتوقع الدماطي مزيدًا من التراجع في بيانات قروض القطاع خلال يوليو/تموز أو أغسطس 2024، "وقد تنخفص حصته من إجمالي التمويلات إلى 40%، وستكون مرشحة لاستمرار التراجع في حال استمرار نفس الظروف الاقتصادية والجيوسياسية".
واتفق مع هذا الرأي رئيس قطاع الائتمان بأحد البنوك الحكومية، طالبًا عدم نشر اسمه، قائلًا إن "نصيب القطاع الخاص من التمويلات سيواصل الانكماش، لحين بدء البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة".
على الجانب الآخر، يرى عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي أن بيانات البنك المركزي ستظهر تحسنًا في نسبة تمويل القطاع الخاص لشهر يوليو 2024 وسيحدث نمو تدريجي، وذلك بالنظر إلى أن تحسن أداء القطاع الخاص غير النفطي وفق بيانات مؤشر مديري المشتريات PMI في مصر خلال أغسطس الماضي.