صفحة منظمة سيناء من حقوق الإنسان على فيسبوك
الشيخ صابر الصياح أحد أبرز رموز سيناء وقبيلة الرميلات، 7 يوليو 2024

"عادوا ليرحلوا".. تقرير حقوقي يكشف استمرار عمليات التهجير القسري في سيناء

محمد الخولي
منشور الثلاثاء 16 يوليو 2024

طالبت منظمة سيناء لحقوق الإنسان، الحكومة، بوقف عمليات التهجير القسري في سيناء، وتعويض المهجرين بشكل عادل، ودعت لتشكيل لجنة مستقلة بصلاحيات كاملة تضم قضاة ونشطاء وممثلين عن الأهالي للتحقيق في ملف التعويضات بشكل شامل.

وتقدر المنظمة، في تقرير بعنوان "عادوا ليرحلوا"، صدر اليوم الثلاثاء، واطلعت عليه المنصة، أن العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب أدت إلى نزوح ما يفوق 100 ألف من السكان "أي ما يناهز ربع سكان شمال سيناء، من بين ذلك كل سكان مدينة رفح التي تم هدمها بشكل كامل، والتي كانت نقطة البداية لحملات الهدم والتهجير القسري المستمر منذ نهاية 2013"، حسب التقرير.

وقالت المنظمة إن المهجرين الذين عادوا إلى مناطقهم التي رحلوا عنها نتيجة الأوامر العسكرية أو لتضرر بيوتهم أو خوفهم على حياتهم وسط الاشتباكات يواجهون تهجيرًا قسريًا مستمرًا ومتجددًا، دون وجود أسباب تدفع لمثل هذا الرحيل، خصوصًا بعد الإعلان الرسمي الواضح عن استقرار الأوضاع الأمنية وانتهاء العمليات العسكرية بشكل شبه كامل. 

ولفت التقرير إلى أن هذا الإعلان الرسمي اتخذ عددًا من الأشكال شملت تطمينات من جانب مسؤولين رسميين، منهم محافظ شمال سيناء (عبد الفضيل شوشة آنذاك)، وكذلك نشر الإعلام الرسمي تغطيات لعودة الأهالي إلى قراهم في الشيخ زويد، بعد 7 سنوات من التهجير، واعتبار هذه العودة بمثابة رد عملي على الشائعات التي شككت في عودتهم من جديد.

واعتبر التقرير أن التحول الأبرز حدث في الفترة من 24 إلى 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022 "بعد قيام وحدات عسكرية بتوجيه أوامر لأهالي عدد من التجمعات السكانية في محيط رفح والشيخ زويد بوجوب مغادرة المناطق التي عادوا إليها قبل شهور".

"قوات الجيش أجبرت الأهالي العائدين على الرحيل من 10 تجمعات سكنية في قرى الشيخ زويد ورفح" حسب التقرير الذي قال إن الغالبية العظمى منهم لا يزالون مهجرين حتى الآن، وإن الوحدات العسكرية "منعت عودة سكان آخرين لقرى جنوب الشيخ زويد وقرى مدينة رفح الواقعة خارج المنطقة العازلة مع غزة. وتضمنت عمليات الإخلاء القسري تهديدات بالقتل والاعتقال وحرق المساكن المؤقتة التي أقامها الأهالي في حال لم يستجيبوا لأوامر الرحيل".

وحسب تقرير المنظمة، جرت عمليات إخراج السكان من المناطق التي عادوا إليها بعد تحسن الأوضاع الأمنية "تمت بالإكراه، ودون رغبة منهم، ودون توضيح الأسباب، على الرغم من أن عودتهم كانت تحت أنظار الجيش وبمعرفته".

وأشار التقرير إلى ظهور دعوات "ودنا نعاود" مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2023، أطلقها وشارك بها عدد كبير من السكان المحليين المهجرين تطالب بالسماح لهم بالعودة إلى مناطقهم، ووصلت الاحتجاجات الشعبية ذروتها في 25 أغسطس/آب 2023، حينما تجمع الآلاف من السكان المحليين النازحين والمهجرين قسرًا من مناطق شرق سيناء من أبناء قبيلة الرميلات لمطالبة السلطات بالسماح لهم بالعودة لأراضيهم.

ولفت التقرير إلى أنه "في نهاية هذا اليوم أعلن رموز الاحتجاج تحويله إلى اعتصام مفتوح حتى تحقيق مطالبهم، وقام المحتجون بنصب خيمة كمقر للاعتصام وأعلن قيادات الاعتصام مطالبهم ووجهوا دعوات لبقية سكان شرق سيناء للالتحاق بهم".

في اليوم التالي، رصد التقرير منع السلطات تدفق أهالي شرق سيناء القادمين من محافظات مصر المختلفة، للالتحاق بخيمة الاعتصام، بالتزامن مع ذلك وجه قائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد ربيع دعوة لقادة الاعتصام للاجتماع معهم ومناقشة مطالبهم، وأسفر عن الاجتماع تعليق الاعتصام بعد وعود بتحقيق مطالبهم، وهو ما لم يحدث.

وتجمع المئات مرة أخرى في 23 أكتوبر الماضي، للمطالبة مرة أخرى بحقهم في العودة لأراضيهم، حسب التقرير، الذي أشار إلى استخدام الجيش العنف غير المبرر بحق المحتجين "وإطلاق الرصاص لتفريقهم واعتقال 9 منهم على الأقل في مقر كتيبة الساحة، أكبر معسكر للجيش داخل رفح". 

وفي اليوم التالي اعتقلت السلطات العشرات من المشاركين في الوقفات الاحتجاجية، وظهر 53 منهم أمام المحكمة العسكرية بالإسماعيلية، إذ وجهت لهم النيابة تهمًا تتعلق بتخريب سيارات عسكرية واستعراض القوة والتجمهر، ومنذ ذلك الحين تجدد المحكمة حبسهم احتياطيًا على ذمة القضية، وفق التقرير.

وأكد باحثو المنظمة أنهم رصدوا واقعًا صعبًا يفتقر لعدد من مقومات الحياة الأساسية في مناطق رفح والشيخ زويد. وتحدثت الشهادات التي وثقتها المنظمة عن أن الدولة لم توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة للعائدين ولا إعادة الإعمار من ناحيتها أو بتعويض كل المتضررين بما يمكنهم من بدء حياتهم من جديد.

ونقلت المنظمة أن المواطنين العائدين إلى مناطقهم ويحاولون الحصول على تعويضات يواجهون غموضًا رسميًا يتطلب حسمًا سريعًا، ووصفت التعويضات بأنها "بطيئة ومجحفة، ولم يتلق أكثر من 40% من إجمالي السكان تعويضات لا تتناسب مع حجم خسارتهم"، وفق التقرير.

ودعت المنظمة الحكومة ممثلة في أجهزة حكمها المحلي، خصوصًا محافظة شمال سيناء، والقوات المسلحة، إلى الالتزام بأعلى درجات الشفافية حول الوضع الأمني والمعيشي للمناطق التي تم إخلاؤها سابقًا، وأن تتوجه للسكان المهجرين بمعلومات وبيانات واضحة حول حالة قراهم ومدنهم والموعد الممكن لعودتهم لمنازلهم.

وطالبت بأن "تتوقف كل أجهزتها فورًا عن التورط في عمليات إعادة التهجير غير القانونية" التي وثقها التقرير، وقالت "على المؤسسات الحكومية تقديم أوجه الدعم القانوني والخدماتي والنفسي للسكان المهجرين، أو للذين اختاروا العودة الطوعية"، إضافة إلى الإسراع في تحسين حالة الخدمات الصحية والتعليمية التي تضررت بشدة نتيجة استمرار العمليات العسكرية في المنطقة.