تصوير الدكتورة دينا مكرم عبيد، بإذن للمنصة
ندوة جمعت الباحث وائل جمال وعمر الشنيطي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أبريل 2024.

عمر الشنيطي يحذر من عزلة الأثرياء في "الكومباوندات".. ووائل جمال: هناك مَن يبيتون دون عشاء

محمد جاد
منشور الثلاثاء 23 أبريل 2024

خلال ندوة عن التفاوت الاقتصادي في القاهرة، الاثنين، سألت مديرة النقاش سمر السعدني، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وائل جمال، حول ما إذا كانت المقولة الشهيرة عن أن في مصر "محدش بيبات من غير عشاء" لا تزال أمرًا واقعًا، فأجابها أن البيانات الرسمية تقول إن نحو 4.5 مليون مصري يقعون تحت خط الفقر المدقع، أي أنهم لا يقدرون على تغطية احتياجات الغذاء الأساسية لديهم.

بينما عبّر الشريك في "زيلا كابيتال" لاستشارات الأعمال، عمر الشنيطي، عن إحساسه بالتوتر من تفاقم التفاوت في مصر، بالإشارة لتلقيه مكالمات متكررة تدعوه لشراء فيلات بأسعار تصل لـ200 مليون جنيه، وأخرى تدعوه للتبرع بمبالغ زهيدة لمنع وقوع كارثة مثل إنقاذ حياة طفل في حضانة المستشفى.

الندوة التي نظمتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة في قاعة إيوارت التاريخية، ضمن فعاليات مهرجانها الثقافي الأول، شهدت حضورًا كثيفًا، خاصة من الأعمار الشابة، بجانب عدد من الوجوه السياسية لثورة يناير 2011، وبدا الحضور متعطشًا للتفاعل مع المؤشرات التي عرضها المتحدثان عن اتساع الهوة في الدخل والثروة بين المصريين خلال السنوات الأخيرة.

من جانبه، أشار جمال، بلغة لا تخلو من سخرية، من اقتراب تقدير مؤشر معامل جيني/GINI عن التفاوت في الدخل بمصر من معدلات المؤشر في السويد، أحد أكثر الدول المعروفة بالعدالة الاجتماعية، موضحًا أن المؤشر لا يعبر عن الواقع في مصر الذي تعكسه بيانات الفقر الأخيرة، حيث وصل معدل الفقر إلى 29.7% حتى عام 2019، بجانب شيوع مظاهر الفقر حتى في أوساط العاملين بأجر، وتأثر العديد من الأسر بمعدلات التضخم القوية للغذاء، التي وصلت لنحو 70%.

وترى دراسات سابقة أن مؤشر جيني عن اللا مساواة في الدخل لا يعبر عن حقيقة التفاوت في مصر، بالنظر لعدم قدرة البيانات الرسمية على رصد المستويات الحقيقية للفئات الثرية في مصر.

وحاول الشنيطي، الذي يعمل أيضًا محاضرًا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، التعبير عن أحوال الشرائح العليا من الدخل في الوقت الحالي، من خلال تركيزه على عزلة هذه الفئات في المجمعات السكنية "الكومباوند" وإحساسهم بالاغتراب تجاه العالم الخارجي، "كتير منهم مبقاش بيروح في جامعات في مصر حتى الجامعة الأمريكية". 

ويرى الشنيطي أن من أبرز أسباب التفاوت الحالية تفاقم معدلات التضخم، والسياسات العامة التي تدفع نحو توجيه القطاع الخاص لإنتاج السلع والخدمات مرتفعة السعر، مشيرًا بلغة لا تخلو من سخرية إلى سؤاله لمسوق عقاري عن فرصة لاستثمار مائة ألف دولار، وإجابة الأخير بأنها لا تكفي إلا ثمن "حمام" في الوحدات التي يقوم بتسويقها. 

وارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ العام الماضي، بلغت ذروتها مع تجاوزها 40% في سبتمبر/أيلول الماضي، مع ارتفاع سعر صرف الدولار في ظل أزمة حادة من ندرة النقد الأجنبي. 

وبينما تراجع التضخم في مارس/آذار الماضي إلى 33.1%، مع تحسن تدفقات النقد الأجنبي وتسارع وتيرة الإفراج عن البضائع العالقة في المواني، يرى الشنيطي أن معدلاته الحالية لا تزال تفرض عبئًا كبيرًا على قطاعات واسعة من المواطنين متسائلًا "مين دخله يزيد كل سنة 30%". 

وحول أبرز السياسات المطلوبة للحد من التفاوت الاقتصادي في مصر، قال جمال إن "أول خطوة للتعامل مع الفقر واللا مساواة هي التعامل مع أزمة الدين العام"، مشيرًا إلى أن بند الفوائد في الموازنة العامة كان يساوي 100% من الإيرادات العامة حتى فبراير/شباط الماضي، ما يعني أن أي محاولة لتوجيه إنفاق جديد ذي طابع اجتماعي غير ممكن إلا بالمزيد من الديون.