أصدرت وزارة الصحة مطلع هذا الشهر لائحة جديدة لتنظيم المستشفيات العامة ومراكز الخدمات العلاجية التابعة لمديريات الوزراة في المحافظات، خفضت بموجبها نسبة الأسُرْة المجانية في الأقسام الداخلية لهذه المستشفيات إلى 25% من إجمالي الأسرة، مقارنة بـ 60% في اللائحة السابقة، وهو ما عده خبراء "توجهًا قويًا نحو خصخصة هذه المستشفيات، خاصة وأنه تزامن مع قرارات أخرى برفع أسعار الخدمات المقدمة في هذه المنشآت.
واشتملت اللائحة الجديدة على رسوم لزيارة العيادات الخارجية، تبدأ من عشرة جنيهات، وتصل إلى خمسين جنيهًا، بينما كانت اللائحة القديمة تنص على تحصيل جنيه واحد فقط تحت بند "مقابل عبوة دواء".
"قابلنا مرضى كثير كانت الأسعار القديمة عبئًا عليهم، زيادة الرسوم بما قد يصل إلى خمسين جنيهًا لا تتناسب مع الضغوط الاقتصادية الحالية وخاصة بعد التعويم"، كما يقول الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أيمن سبع، لـ المنصة.
وفي إطار اللائحة الجديدة أصدر وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار قرارًا حدد فيه قيمة الكشف في العيادات المتخصصة للمستشفيات العامة، بأسعار تتراوح بين 15 جنيهًا للممارس العام و45 جنيهًا للاستشاري، وقرارًا آخر قصر صرف الأدوية المجانية من العيادات الخارجية على صنف واحد فقط.
كما تزامنت هذه القرارات مع لائحة أسعار جديدة للخدمات غير المجانية في المستشفيات، ولأسعار خدمات التأمين الصحي.
"اللائحة الجديدة هي إعلان عن بداية خصخصة للقطاع الصحي المملوك للحكومة"، كما تقول الأمينة العامة السابقة لنقابة الأطباء، منى مينا لـ المنصة.
تشرح مينا كيف تساهم هذه الإجراءات في دفع الكثير من أصحاب الدخول المنخفضة لشراء الخدمات الصحية بتكلفة السوق "الأمراض التي يمكن علاجها بصنف دوائي واحد نادرة".
ويشير مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد إلى أن اللائحة الجديدة منحت مجلس إدارة المستشفى صلاحيات التعاقد مع جهات أخرى لتقديم الخدمات، وحق التعاقد على خدمات الأمن والصيانة والأثاث والإدارة بشكل عام، وهو ما "قد يؤدي لتوغل دور القطاع الخاص في هذه المستشفيات، ولتخلي وزارة الصحة عن مسؤوليتها عبر خصخصة المستشفيات التي تتم حاليًا بشكل تدريجي"، على حد قوله.
ويبلغ عدد المستشفيات التابعة للقطاع الحكومي أكثر من 600 مستشفى، ويستفيد من عيادتها الخارجية نحو 9 ملايين مواطن، لكن العديد من المستشفيات العامة تعاني من نقص الموارد المالية مع عدم التزام الحكومة بمستويات الإنفاق المنصوص عليها في الدستور لقطاع الصحة.
وتطمح الدولة لمد شبكة التأمين الصحي الشامل لتغطي كافة المواطنين، وفق خطة تدريجية تطبق على عدة سنوات، لكن النظام التأميني الذي بدأ في 2018 لا يتيح خدماته بالمجان مثل المستشفيات العامة، حيث يشترط سداد اشتراكات تمثل نسبة محددة من دخل المنتفع، إلا في حالات استثنائية للفئات الهشة حددها القانون.
في المقابل، اعتبر مسؤولون حكوميون أن تحديث قيمة رسوم خدمات المستشفيات العامة بات ضرورة من أجل مسايرة التغير في الأسعار.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار لـ المنصة إن سماح اللائحة الجديدة بزيادة رسوم العيادات الخارجية إلى خمسين جنيهًا لا يعني بالضرورة رفعها إلى هذا السعر بشكل فوري "اللايحة بتحط في حسبانها مستويات الأسعار لسنين قدام، آخر لايحة صدرت كانت سنة 1997".
وعن رسوم الكشف في العيادات، أشار عبد الغفار إلى أن هذه الرسوم تقتصر على العيادات التخصصية "بدل ما المريض يكشف عند استشاري بـ 500 جنيه بوفرله نفس الخدمة بـ 50 جنيه".
ويقول وكيل وزارة الصحة بمحافظة كفر الشيخ محمد شقوير لـ المنصة إن بعض المستشفيات التابعة لمديرية الصحة بالجيزة رفعت سعر التذكرة إلى عشرة جنيهات منذ فترة طويلة قبل نشر اللائحة، وهو ما فعله عندما كان يتولى إدارة مستشفى أم المصريين قبل شهرين، وعلل ذلك بأن "مصروفات المستشفى كبيرة".
وانتقد شقوير بعض المواطنين الذين يترددون على المستشفى للحصول على الأدوية المجانية بحجة مرضهم لتوفيرها للطيور كالمضادات الحيوية "الناس اللي بتعمل كده لما تلاقي الكشف 10 جنيه بدل جنيه مش هتيجي كل يوم المستشفى زي ما بتعمل".