قررت نيابة استئناف القاهرة، اليوم الثلاثاء، إخلاء سبيل رئيسة تحرير موقع مدى مصر، لينا عطالله، بكفالة 5 آلاف جنيه، على ذمة التحقيق في البلاغ المقدم ضدها من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتهمة "نشر أخبار كاذبة، وإدارة موقع دون ترخيص"؛ تلك الاتهامات التي "أيدتها تحريات الأمن الوطني، مؤكدة أن نشر الموقع تقريرًا عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء جاء بهدف الإساءة لسمعة مصر"، وفق محامي الموقع حسن الأزهري.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر مدى مصر تقريرًا بعنوان "مصر تميل لقبول مشروط لأي نزوح فلسطيني تفرضه إسرائيل"، يشير إلى أن مصر تواجه ضغوطًا للقبول بدخول فلسطينيي غزة إلى أراضيها، جاء فيه "وحتى الآن، يظل الموقف الرسمي المصري رافضًا بشكل قاطع لسيناريو نزوح فلسطيني جماعي رغم الضغوط الشديدة التي تواصلها الدول الغربية عليها"، قبل أن يعتذر الموقع عن عدم دقة العنوان، ويقوم بتغييره.
ونشرت المؤسسة الصحفية المستقلة اعتذارًا عما حمله عنوان تقريرها من لبس، مشيرة إلى أنها غيّرته إلى "مفاوضات مصرية شاقة حول سيناريوهات نزوح فلسطيني محتمل تفرضه إسرائيل"، لكن المجلس الأعلى للإعلام أعلن حجب الموقع لمدة 6 أشهر، وإحالة الموضوع للنيابة العامة لاتخاذ ما تراه بشأنه.
وأوضح الأزهري لـ المنصة أن التحقيقات التي امتدت اليوم نحو ساعتين، شهدت مواجهتهم بمذكرة كبيرة صادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تضمنت جزأين، أحدهما فني متعلق بتحرير محتوى التقرير محل الاتهام، وما به من معلومات اعتبرها المجلس "أخبارًا كاذبة".
أما الجزء الثاني من المذكرة فتضمن، حسب الأزهري، بيانًا لموقف الموقع من الترخيص بعد حكم القضاء الإداري برفض دعواهم للحصول على رخصة، الذي أفاد بخصوصه المجلس بأنهم ينتظرون رد الشؤون القانونية به على طلب إدارة الموقع في ظل ما انتهت إليه إدارة التراخيص بالمجلس، بشأن عدم جواز قبول استكمال طلبات ترخيص بعد رفضها، وضرورة تقديم إدارة الموقع طلبًا جديدًا ينظر في أمره المجلس.
حُسن النية
وحول ردهم على ما جاء في المذكرة، أكد الأزهري أن عطالله ردت فنيًا على الاتهام الأول الخاص بنشر أخبار كاذبة، بقولها إن المادة الصحفية محل الاتهام تمثل تقريرًا تحليليًا وليست خبرًا "بيتوقع مستقبل عكس الخبر اللي بيتكلم عن ماضي، وإن إحنا ما نقلناش حاجة على خلاف الواقع".
كما أكدت عطالله خلال التحقيقات على "حسن نية" إدارة الموقع التي بادرت بحذف التقرير بعد تأكيد المجلس الأعلى للإعلام عدم صحة المعلومات الواردة فيه، مؤكدة أن الهدف الأساسي من نشر التقرير كان الحرص على الصالح العام عبر إثارة موضوع بهذه الأهمية، لافتة في الوقت نفسه إلى أن التقرير تضمن وجهات نظر مصادر مختلفة، وفق محامي الموقع.
وردًا على اتهامها بإدارة موقع دون ترخيص، نقل الأزهري عن عطالله تأكيدها في التحقيقات عدم تلقي إدارة الموقع ردًا من الشؤون القانونية أو إدارة التراخيص بالمجلس الأعلى للإعلام، سواء بقبول طلبهم لاستكمال إجراءات الترخيص أو رفضه، مشددة على ضرورة تلقيهم ردًا حول هذا الطلب.
وطالب الأزهري خلال التحقيقات بانتفاء الركن المادي والمعنوي لجريمة نشر الأخبار الكاذبة، قائلًا "أثبتنا سلامة موقفنا القانوني فيما يخص الترخيص".
ونفى الأزهري تطرق التحقيق في أي من مراحله للاستجواب حول التحقيق الصحفي الأخير الذي نشره موقع مدى مصر بعنوان شبه جزيرة العرجاني، الذي تطرق خلاله إلى سيطرة الشركات المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني على التنسيقات الخاصة بعبور الفلسطينيين من معبر رفح مقابل مبالغ مالية، من خلال شركته "هلا".
مساندة نقابية
من جهته، انتقد عضو مجلس نقابة الصحفيين محمود كامل فكرة إبلاغ المجلس الأعلى للإعلام، النيابة العامة، عن الصحفيين، قائلًا "كنت أتمنى من المجلس بدل ما يقدم بلاغ للنيابة ضد صحفية، إنهم يستمعوا لأقوالها بخصوص المنشور، دا ألف باء عمل نقابي وعمل مهني يعني".
وتابع كامل، الذي حضر جلسة التحقيق اليوم، "ما كنتش أتمنى من المجلس الأعلى للإعلام يحطنا في الموقف ده، إننا نبقى قاعدين ندافع عن صحفية في بلاغ مقدم من المجلس اللي بيرأسه وبيضم في عضويته صحفيين أعضاء في النقابة، خصوصًا إن الزميلة أبدت حسن نية بحذف التقرير ونشر المواقف والبيانات الرسمية من قصة التهجير، وبالتالي ما كنش فيه أي تعمد لنشر أخبار مش صحيحة".
وأبدى كامل شديد تعجبه من سابقة توقيع المجلس الأعلى للإعلام إجراءً عقابيًا على الموقع بالغرامة والحجب، والتقدم ببلاغ ضد مسؤوليه لمعاقبتهم جنائيًا، متسائلًا "أنت عاقبتهم وعايز توقع عليهم عقوبة تانية كمان ورايح توديهم النيابة في نفس الوقت، هل فيه أي نص قانوني بيقول إنك تعاقب مكان على الخطأ مرتين؟".