وافقت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، على مشروع قرار ينص على عدم الاعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وهو ما اعتبره الدبلوماسي المصري حسن هريدي "لا يمثل أي أهمية على أرض الواقع"، فيما أكد أستاذ العلوم السياسية أيمن الرقب أن القرار يشير إلى أنه "لا يوجد من يؤمن بالسلام داخل دولة الاحتلال".
وصادقت الحكومة الإسرائيلية، بالإجماع، أمس، على مقترح قرار تقدم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعارض تل أبيب بموجبه الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية، مع "رفض الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين".
وقال القرار "لن يتم التوصل إلى مثل هذه التسوية إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، ودون شروط مسبقة. وستواصل إسرائيل معارضتها للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية".
واعتبر القرار أن "اعترافًا من هذا القبيل، في أعقاب مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سيعطي مكافأة كبيرة للإرهاب، مكافأة لا مثيل لها، وسيمنع أي تسوية مستقبلية للسلام".
من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسن هريدي أن مسألة اعتراف الحكومة الإسرائيلية بالدولة الفلسطينية من عدمه لا يمثل أي أهمية على أرض الواقع "خاصة وأن قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو قرار أممي ولن يمنع قبول تل أبيب أو معارضتها له الدول من الاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا كانت فعلًا جادة في ذلك".
وأضاف أن مثل هذا القرار "متوقع وغير مفاجئ"، ولن يكون له أي تأثير على مجريات الأمور، سواء في المفاوضات أو المعارك على أرض غزة.
وأوضح هريدي أن موافقة الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على مشروع قرار يعارض الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية موجه بالأساس للداخل الإسرائيلي، ويحاول إرضاء الأطراف المتشددة في الائتلاف الحكومي.
وقالت صحيفة إسرائيل ياهوم إن اجتماع الحكومة سبقته اجتماعات عقدها نتنياهو مع رئيس كتلة الدولة بيني غانتس، ناقشا فيه النص الذي تم تقديمه للحكومة، فيما أدخل بعض الوزراء تعديلات عليه.
وقال الوزير وعضو الحكومة إيلي كوهين، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه "إذا كان ثمن توسيع اتفاقيات السلام هو دولة فلسطينية فأنا أتخلى عن اتفاقيات السلام".
هذا الإجماع من الحكومة الإسرائيلية يراه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب طعنًا للحديث الذي كان يتُداول بأن هناك أطرافًا في الحكومة الإسرائيلية قد يكون لها دور إيجابي في المستقبل، خاصة غانتس الذي يعتبر المرشح الأوفر حظًا لتولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
وقال الرقب لـ المنصة "هذا يعطي دلالة أنه لا يوجد شريك إسرائيلي يقبل بأن نذهب إلى حل الدولتين، لا يوجد من يؤمن بالسلام داخل دولة الاحتلال وكل ما نسمعه هو فقط للاستغلال الإعلامي".
واعتبر الرقب أن القرار ينسف الجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية، بما في ذلك "المبادرة العربية للسلام"، والبيان الصادر عن الخارجية السعودية الذي تضمن إمكانية التطبيع مع إسرائيل حال الموافقة السياسية على قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 بما فيها القدس الشرقية، "إلا أنه فيما يبدو أن الاحتلال لا يكترث لكل ذلك ولديه إصرار على تنفيذ إجرامه ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية".
وأشار الرقب إلى أن "مبررات الاحتلال بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية الآن هو مكافأة لما أسماه الإرهاب، كلام مغلوط بالتأكيد فدولة الاحتلال منذ عام 1948 سرقت الأرض الفلسطينية ومارست جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني".
وتابع أنه خلال السنوات الماضية "لم نر إلا رفضًا للدولة الفلسطينية من جانب الاحتلال، إذ لا يوجد شريك إسرائيلي واضح، كانت هناك محاولة في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، وعادت مرة أخرى في عهد رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، ولم نر بعد ذلك من يطرح فكرة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته الفلسطينية".
وقال الرقب إن هذا الوضع يجعل العالم أمام تحدٍ كبيرٍ، إما أن يدعم حلًا حقيقيًا للدولة الفلسطينية ويعترف بها، خاصة وأن هناك 139 دولة تعترف بها، في حين لم تعترف بها الدول الأكبر تأثيرًا في العالم.
وتعترف 139 دولة عضو في الأمم المتحدة من أصل 193 بدولة فلسطين، ليس من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، التي ترجئ هذا الاعتراف حتى يتم حل الصراع مع إسرائيل سلميًا، بينما تعترف 9 دول فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، بفلسطين، علمًا بأن معظم هذه الدول كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق عندما اعترفت بدولة فلسطين، وانتقل الاعتراف معها بعد استقلالها، والانضمام إلى التكتل الأوروبي.
وبداية الشهر الجاري، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، أن بلاده تسعى بنشاط لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، قائلًا إن "تلك المساعي من أهداف إدارة الرئيس جو بايدن"، وأضاف ميلر "نعتقد أن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة أفضل وسيلة لتحقيق السلام والأمن الدائمين لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة".
وصرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أيضًا بأن بلاده تدرس مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية، وقال أمام السفراء العرب في لندن خلال استقباله لهم في مبنى البرلمان، نهاية الشهر الماضي، وكذلك أعضاء مجلس الشرق الأوسط لحزب المحافظين، إن "بريطانيا تدرس هذه الخطوة مع حلفائها كجزء من مبادرة تهدف إلى تحقيق تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين"، مشيرًا إلى أن "هذا الاعتراف يمكن أن يشكل حافزًا لإسرائيل كي تعترف بدورها بالدولة الفلسطينية".
وفي هذا السياق أشار الرقب إلى أن "حديث الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية أثر على الاحتلال نفسيًا، لكن حتى لا نقع في الخديعة، حديث هذه الدول عن اعتراف سياسي ولا يعني قيام الدولة الفلسطينية"، نظرًا لغياب الأدوات والقرار الدولي لتنفيذ هذا الاعتراف.