حسمت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة نزاعًا قضائيًا عمره 30 عامًا بين وزارة الثقافة من جهة، ومصلحة الشهر العقاري من جهة أخرى، وألزمت الأخيرة بتسجيل فيلا الدكتور طه حسين، بمنطقة الهرم بالجيزة، لصالح الوزارة، وهي الفيلا التي اشترتها "الثقافة" عام 1992 وحولتها لمتحف باسمه يحوي مقتنياته وآثاره.
وتظهر وقائع النزاع، وفقًا لفتوى قضائية ملزمة صادرة عن الجمعية، واستلمتها وزارة الثقافة مطلع الشهر الحالي، أن ورثة عميد الأدب العربي، باعوا كامل أرض وبناء فيلته، المشهورة باسم فيلا رامتان، والحديقة والأرض المجاورة لها، والكائنة بشارع حلمية الأهرام المتفرع من شارع الهرم بالجيزة بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 28 يناير/كانون الثاني 1992 إلى وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للثقافة؛ مقابل مبلغ 900 ألف جنيه، قبضوا منه 800 ألف جنيه عقب التوقيع على العقد، وتبقى لهم 100 ألف جنيه تستحق بعد اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لإتمام التسجيل النهائي.
وأضافت الفتوى، التي حصلت المنصة على صورة منها، أنه لدى مباشرة وزارة الثقافة إجراءات تسجيل الفيلا بمصلحة الشهر العقاري عام 1994 امتنعت الأخيرة عن اتخاذ إجراءات الشهر والتسجيل.
واستند الشهر العقاري في رفضه إلى عدم ثبوت ملكية طه حسين لمساحة 500 متر من أراضي الفيلا البالغ إجماليها 1290 مترًا مربعًا، بوصفها غير مُشهرة، وطلبت إخطار أصحاب العقود المسجلة بشأن تلك المساحة وحضورهم للتصديق على إجراءات شهر ملكيتها لوزارة الثقافة.
وتشير الفتوى إلى أن وزارة الثقافة حصلت عام 1999 على حكم قضائي بتثبيت ملكيتها على قطعة الأرض، استنادًا إلى وضع يد الوزارة على قطعة الأرض بنية التملك لمدة 42 عامًا، ومع ذلك رفض الشهر العقاري إتمام إجراءات تسجيل كامل مساحة الفيلا لصالحها.
كما تظهر الفتوى أن استمرار امتناع مصلحة الشهر العقاري عن التسجيل، دفع وزارة الثقافة إلى اللجوء لمجلس الدولة لإبداء الرأي القانوني وتسجيل كامل المساحة محل عقد البيع لصالح الوزارة، وما يستتبع ذلك من صرف باقي الثمن المستحق للورثة.
إزاء ذلك، صدرت الفتوى التي انتهت فيها الجمعية إلى إلزام مصلحة الشهر العقاري بتسجيل حكم تثبيت ملكية وزارة الثقافة على المساحة المشار إليها، استنادًا إلى ثلاثة أسباب، أولها صدور حكم تثيبت الملكية قائمًا على ثبوت وضع يد الوزارة على المساحة محل النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان وضع اليد في هذه الحالة هادئًا وظاهرًا ومستمرًا بنسىة التملك لمدة 42 عامًا.
وتابعت الفتوى "عوضًا عن أن ذلك الحكم أصبح باتًا وغير قابل للطعن، ومن ثم فإن الحكم يعد في حد ذاته سببًا مباشرًا لنقل ملكية تلك المساحة لوزارة الثقافة".
أما السبب الثاني فتمثل، حسب الفتوى، في أن كسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة يعد سببًا لكسب الملكية مستقلًا عن غيره من أسباب اكتسابها، ويعفي واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها.
وفي السبب الثالث، أكدت الفتوى أن امتناع مصلحة الشهر العقاري عن تسجيل مساحة الأرض محل الحكم، حتى يتم إدخال أصحاب العقدين المسجلين على هذه المساحة وتوقيعهما على إشهار الحكم، يتعارض في حد ذاته مع حجية الحكم القضائي الصادر بتثبيت الملكية، ويمثل تعقيبًا ومناقشة لأسبابه بغير طرق الطعن التي حددها القانون.
وأشارت الفتوى إلى "خلو الأوراق من أيّ دليل على وجود أيّ منازعة تتعلق بتلك المساحة، سواء كانت قبل شراء الوزارة هذه المساحة عام 1992 ضمن المساحة الكلية المشتراة من ورثة الدكتور طه حسين أو بعد شرائها منهم".
كان عميد الأدب العربي أقام في فيلا رامتان منذ عام 1955 حتى رحيله عام 1973، ثم أقامت فيها زوجته من بعده حتى رحيلها عام 1989 لتتحول بعد ذلك إلى متحف بعد شراء وزارة الثقافة لها، حسب بيانات الهيئة العامة للاستعلامات.