طالبت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، مصر، بتقديم إحصائية عن عدد المدانين بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب منذ بدء العمل به عام 2015، كما سألت عن 4 آلاف شخص تلقت اللجنة تقارير تفيد باختفائهم قسريًا، وذلك خلال جلسة عقدت أمس، بمقر الأمم المتحدة في جنيف، امتدت لحوالي 3 ساعات، من بينها 45 دقيقة استمعت فيها اللجنة لرد الحكومة المصرية.
وترأس وفد مصر مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان السفير خالد علي البكري. واستهل المستشار في المكتب التقني بوزارة العدل، أحمد الضبع، الرد بالتأكيد على أن القانون المصري يُجرم التعذيب، مستدلًا على ذلك بخضوع "جرائم التعذيب في مصر إلى مبادئ تضمن المحاسبة".
واستعرض الوفد الحكومي عبر رئيس محكمة الاستئناف المستشار محمد خلف، ما اعتبره "مراعاة حقوق الإنسان في عمل النيابة العامة"، بداية من التحقق من شخصية المتهم وإبلاغه بما هو منسوب إليه، "وإجراء التحقيق بلغة المتهم، سواء كان أجنبيًا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة"، فضلًا عن سؤال النيابة المتهمين شفهيًا "عما إذا كان بهم ثمة إصابات" وحظر التحقيق معهم في عدم حضور محامٍ، وذلك وفق بث مباشر تابعته المنصة.
وتناولت الجلسة أيضًا مناقشة عقوبة الإعدام، إذ سألت اللجنة الأممية عن عدد التشريعات المصرية التي تنص على عقوبة الإعدام، وما هي الجرائم التي تستوجب هذه العقوبة ومدى تواتر أحكام الإعدام في المحاكم المصرية.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب استبقت اجتماعها مع الوفد المصري باجتماع آخر، لكنه مغلق، مع وفد من حقوقيين مصريين أول أمس، الاثنين، تناول مناقشة أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وحضر الوفد الحقوقي نفسه فيما بعد اجتماع اللجنة مع الحكومة بصفة مراقب.
وقال مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أحمد نديم لـ المنصة، إن اللجنة استفسرت في اجتماعها مع الحقوقيين أول من أمس عن صلاحيات المجلس القومي لحقوق الإنسان والمحاكمات العسكرية للمدنيين، وما اعتبرته "تناقضًا بين الدستور والقانون في هذا الشأن".
وسألت اللجنة الأممية، خلال جلسة أمس، عن مدى استعداد مصر لتعديل تعريف التعذيب في تشريعاتها بحيث يكون شاملًا ومتسقًا مع المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وفق ما تابعته المنصة في البث المباشر.
وفيما يخص جلسة الحقوقيين المغلقة، أكد نديم تركيز الجبهة المصرية لحقوق الإنسان على "استمرار ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة في السجون الجديدة، منها بدر 3، بالإضافة إلى ممارسات التعذيب التمييزية ضد النساء والأطفال وغيرهم".
بدوره أشار مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان محمد لطفي، لـ المنصة، الذي شارك في الجلسة أيضًا، إلى تأكيد منظمته على "ضعف الإطار القانوني لمنع ظاهرتي التعذيب والاختفاء القسري".
وتوقع مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، الذي شارك بالجلسة عن بُعد لظروف منعه من السفر، في حديثه لـ المنصة، استجابة اللجنة الأممية لما ساقته المنظمات الحقوقية في تقاريرها الموازية من اعتبار "التعذيب في مصر جريمة ضد الإنسانية".
وفسّر لطفي إصرار المنظمات على هذا التوصيف، قائلًا "الغرض منه الضغط من أجل تنفيذ توصيات اللجنة لمنع التعذيب ومحاسبة الجناة". وأضاف "اللجنة الأممية سبق وقالت في 2017 إن التعذيب في مصر يمارس بشكل واسع النطاق ومنهجي".
وسبق وتقدمت 8 منظمات حقوقية بتقرير موازٍ إلى اللجنة، "لتفنيد ادعاءات الحكومة المصرية"، التي وردت في تقريرها الرسمي الذي قدمته في 13 سبتمبر/أيلول 2021 إلى الأمم المتحدة.
وتواصل اللجنة الأممية، اليوم، مناقشة ملف التعذيب في مصر، وذلك بمقتضى توقيع مصر على اتفاقية مناهضة التعذيب في 1986، إذ تلتزم الدول المنضمة بتقديم تقرير دوري كل أربع سنوات حول جهودها للحد منه.
وفيما كان مقررًا لمصر أن تقدم تقريرها الخامس في 2004، تأخرت حتى سبتمبر/أيلول 2021، وهو ما أرجعه رئيس الوفد المصري، في كلمته أمس، إلى حراك سياسي ومناقشات مطولة حول تعديلات تشريعية قال إنها "خدمت ملف حقوق الإنسان"، فضلًا عن ظروف إقليمية من هجرة غير شرعية ولاجئين.