توقع أكاديمي فلسطيني أن يشهد الحضور السعودي مزيدًا من التأثير في المشهد السياسي والاقتصادي الفلسطيني خلال الفترة المقبلة، إثر تعيين سفير للملكة لدى السلطة الفلسطينية، بخاصة مع قرب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، بينما ثمن دبلوماسي في الخارجية الفلسطينية موقف الرياض "الثابت حيال القضية".
وقدم السفير السعودي نايف بن بندر السديري أوراق اعتماده، الثلاثاء، لوزارة الخارجية الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، خلال زيارته الأولى لفلسطين، ليشغل منصب سفير فوق العادة، ومفوض غير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصل عام في مدينة القدس، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
من جهة، قال المستشار السياسي لوزارة الخارجية الفلسطينية أحمد الديك، لـ المنصة، إنّ تعيين سفير سعودي أكد موقفها الثابت من إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ويدل على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والرغبة في فتح آفاق العمل المشترك على الصعيد السياسي والدبلوماسي.
وأكد السديري، في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام، تمسك المملكة بمبادرة السلام العربية كأساس لحل القضية الفلسطينية، قائلاً "هي النقطة الأساسية في أي اتفاق قادم".
وفي السياق، اعتبر الباحث والأكاديمي الفلسطيني في السياسة والعلاقات الدولية إبراهيم ربايعة، في حديثه لـ المنصة، أنّ السعودية أرادت من تعيين السديري، توجيه رسائل لثلاثة أطراف، الداخل السعودي والمحيط العربي وخاصة الفلسطيني، وإسرائيل، مفادها أنه "لن يتم فصل مسار العلاقات السعودية الإسرائيلية عن القضية الفلسطينية" بحسب رأيه.
وأشار إلى دور السعودية كدولة مركزية كبرى في الشرق الأوسط، باعتبارها الأكثر حضورًا وتأثيرًا على الصعيد الدولي، وكونها دولة "محاطة بهالة دينية"، وهو ما يضطرها إلى عدم الفصل بين مسارين، الأول مسار عدم الذهاب بشكلٍ منفرد في عملية التطبيع مع إسرائيل، والثاني أنها لن تطبع علاقاتها بعيدًا عن القضية الفلسطينية، وهو ما دفع القيادة الفلسطينية لعدم إبداء القلق من الحديث عن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ومنذ أيام، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن المملكة "تحقق تقدمًا" باتجاه التطبيع مع إسرائيل، قائلًا "نقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل". ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن اتفاقًا إطاريًا توسطت فيه الولايات المتحدة لإقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية قد يتم إبرامه بحلول بداية العام المقبل.
إلا أن الديك أشار إلى أهمية القرار السعودي بتعيين سفيرًا لها في ظل مُضي الحكومة الإسرائيلية في استكمال مشروع الضم التدريجي للأراضي الفلسطينية، بالقدس الشرقية والضفة الغربية، والذي تحاول من خلاله "وأد أي فرصة لتثبيت الدولة الفلسطينية"، بحسب قوله.
وأضاف "نحن في الجانب الفلسطيني، نخوض معركة سياسية دبلوماسية متعددة الأبعاد على المستوى الدولي، لفضح السياسات الإسرائيلية، بالإضافة للعمل على اعتماد دولة فلسطين كعضو دائم لدى الأمم المتحدة، وحصد المزيد من اعترافات الدول بالدولة الفلسطينية".
وأكد مستشار وزارة الخارجية، أنّ تعيين السعودية سفيرًا لها لدى دولة فلسطين، سيساهم في حشد المزيد من الجهد السياسي، من خلال عمليات التنسيق المشتركة بين البلدين والدول العربية والإسلامية، للعمل على إجبار الاحتلال على إنهاء احتلاله عبر عملية سياسية دبلوماسية حقيقية وفق سقف زمني محدد.
اﻷمر ذاته أوضحه ربايعة، إذ تعمل السلطة الفلسطينية منذ بداية الربيع العربي، من أجل الحصول على المزيد من الاعترافات الدولية، والإشارات والمظاهر المتصلة بـ "الدولة"، مضيفًا "بالتالي وجود سفير سعودي، أمر مهم ومتصل برغبات القيادة الفلسطينية بشكل أساسي وبرنامجها، ويشير إلى رفع مستوى التنسيق، من تنسيق عام بروتوكولي إلى تنسيق يومي".