صورة من فليكر برخصة المشاع الإبداعي لـjessica.c.thwaite.
"إذا لم يتوفر الدواء سنواجه كارثة خلال شهر".

أزمة أدوية القلب تتفاقم.. والبدائل لا تفي بالغرض

رحاب جمعة
منشور الاثنين 11 سبتمبر 2023

تفاقمت أزمة نقص أدوية القلب المستمرة منذ أسبوعين، مؤخرًا، في ظل نفاد أدوية أساسية من السوق، وهي مستوردة، بالإضافة إلى نقص البدائل المحلية المتاحة لها، بحسب ما أكده 20 صيدلي لـ"المنصة" من خمس محافظات؛ الجيزة والقاهرة والفيوم والإسكندرية والمنيا.

الأمر نفسه أكده مصدر مطلع في الشركة المصرية لتجارة الأدوية، وهي الشركة الأولى المسؤولة عن تجارة وتوزيع المستحضرات الطبية داخل البلاد، وأرجع المصدر الأزمة إلى نقص الدولار؛ وبالتالي تعطيل استيراد الأدوية والمواد الخام من الصين والهند، لصناعة الدواء محليًا.

وأشار المصدر نفسه إلى أنه مع طرح كميات جديدة من أي دواء لأمراض القلب في السوق، يختفي الدواء نفسه قبل فترة، ثم يظهر بسعر أعلى، متوقعًا أن سحبه يحدث عمدًا، بهدف تخزينه للاستفادة بفرق السعر، متسائلًا عن دور هيئة الدواء المصري الرقابي، باعتبارها الجهة المنوط بها الرقابة على الصيدليات، وضبط سوق الدواء.

حاولت المنصة التواصل مع هيئة الدواء لسؤالها عن الأزمة، وخطواتها لتجاوزها، وتوضيح أسباب اختفاء بعض الأدوية من السوق، لكن رئيس الهيئة الدكتور تامر عصام، لم يجب على اتصالات المنصة، بينما طلبت مساعدته الدكتورة رشا زيادة، فور سماعها السؤال، تأجيل الحديث لوقت لاحق، ثم لم تعد للإجابة على تساؤلات المنصة، وبالمثل قال المستشار الإعلامي للهيئة أحمد سالم، إنه سيعود بالرد، لكنه لم يفعل حتى الآن.

غير متوفر

من جهته أوضح مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، أن الأدوية غير المتوفرة هي "ديجوكسين، وبديله المحلي لانوكسين الذي طُرح مجددًا منذ يومين فقط بسعر أغلى"، بالإضافة إلى نقص بدائل ديجوكسين الأخرى مثل "تينورمين، زيستريل، زيستروتيك".

 وأشار إلى أن تلك الأدوية يحتاجها المرضى الذين يعانون ضعفًا في عضلة القلب، والمرضى بعد عمليات القلب المفتوح، وبعض أمراض القلب الأخرى. 

وتوقع فؤاد أن تزداد الأمور سوءًا خلال شهر إذا لم تتوفر تلك الأدوية، "مخزون الشركات من الأدوية المحلية اللي بتتصنع من المواد الخام المستوردة هينتهي في نص عشرة، وهنعيش كارثة بمعنى الكلمة"، على حد تعبيره.

البدائل محل شك

اختلف الصيادلة الذين تواصلت معهم المنصة حول فاعلية الأدوية البديلة، فبينما رأى البعض أن لها ذات الفاعلية؛ طالما كانت المادة الفعّالة واحدة، شكك آخرون في ذلك، مشيرين إلى أن جودة المادة الفعالة تختلف، فضلًا عن طريقة التعبئة والتغليف.

لكن المصدر في الشركة المصرية لتجارة الأدوية رأى أن جزءًا من الأزمة يكمن في ثقافة المرضى، واطمئنانهم للدواء المستورد ورفضهم البدائل، "رغم أنها نفس المادة الفعالة التي يستودها العالم أجمع من الصين والهند". وتابع "المريض المصري يصر على الدواء البراند، متجاهلًا البدائل لسبب نفسي وهو الإيهام بأن البراند هو  الذي سيعالجه والبدائل لن تجدي بأي نفع".

وسبق ونشرت هيئة الدواء بوست في 30 أغسطس/آب الماضي، أكدت فيه أنه لا فارق بين الدواء المستورد وبدائله المحلية، وأن المثائل للأدوية عبارة عن أدوية تحتوي على نفس المادة الفعالة للدواء الأصيل، وهناك العديد من الفوائد لوجود تلك المثائل، وبخصوص الاختلافات فتكون في لون ونكهة الدواء؛ ولكنها في النهاية لا  تؤثر على فعاليته أو سلامته.

وفي المقابل رأى الأمين العام المساعد بنقابة الأطباء الدكتور رشوان شعبان، أن الأدوية الأصلية وبدائلها ليست بنفس جودة المنتج الأصلي، مشيرًا في الوقت نفسه أن البدائل المتوفرة حاليًا لا تغطي احتياجات السوق المصري.

واتفق معه الدكتور علي السيد، وهو صيدلي بإحدى الصيدليات الكبيرة، قائلًا لـ"المنصة" إن جودة الأدوية المستوردة مختلفة عن الأدوية البديلة والمثائل، لذلك يلجأ الجميع لها بداية من الطبيب وصولًا للمريض.

ولم ينكر أن جزءًا من التأثير نفسي، قائلًا "الدواء هنا عامل زي اللبس لو هتجيب لبس من براند ولا لبس محلي..فيه محلي حلو بس ثقة المريض المصري ونفسيته مش هتتقبل إنها تجرب في صحتها علشان كده كله بيدور على المستورد لأن جودته مضمونة..الناس مش لسه هتجرب".

وبخصوص بدائل الأدوية قال فهد عبد الباقي، دكتور صيدلي، أنه فيما يتعلق بأدوية القلب؛ فلا يستطيع أي صيدلي إعطاء المريض بديلًا للدواء المكتوب في الروشتة من مادة فعالة مختلفة، إذ يتطلب الأمر فحوصات ومعرفة بالتاريخ المرضي للحالة، والطبيب وحده هو من يقرر ذلك.

وأضاف عبد الباقي لـ"المنصة"، أما الدواء من نفس المادة الفعالة، "ده عادي ممكن نديه بس الأدوية المستوردة جودتها أعلى.. لأن الأدوية المحلية جودتها أقل بسبب المادة الفعالة اللي بتكون المنتجات المستخدمة فيها أقل في جودتها من المستخدمة في الأدوية المستوردة وكمان في التغليف".

وتابع "على سبيل الشرح مثلا البراند بيشتري مادة فعالة جودتها عالية.. لكن الأدوية المحلية ممكن تشتري من مصدر جودته أقل، والتغليف الكوالتي بتاعته مش أحسن حاجة، علشان كده فيه أدوية محلية ممكن آخدها ومتعالجنيش أو بدل ما أتعالج بجرعة من دواء مستورد أحتاج جرعتين من الدواء محلي".